كيف خدش نواب الشعب حياء نجيب محفوظ؟ - جمال جوهر - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف خدش نواب الشعب حياء نجيب محفوظ؟

نشر فى : الجمعة 2 ديسمبر 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الجمعة 2 ديسمبر 2016 - 10:10 م
يجلس السيد أحمد عبدالجواد، أحد أشهر شخصيات نجيب محفوظ فى فيلم بين القصرين الذى أخرجه حسن الإمام سنة 1962، خلف مكتبه فى وكالة البقالة بحى النحاسين وتهل عليه (زبيدة العالمة) ومن خلفها صبيتها زنوبة، ويقول قولته المشهورة متفكها فى خفة دم طبيعية جدا ردا على سؤال صبيه عن تسجيل قيمة بضائع حصلت عليها الراقصة: «قيِّد عندك.. بضاعة أتلفها الهوى» ليأتيه الرد بعد 58 سنة من النائب إلهامى عجينة عضو مجلس النواب عن دائرة بلقاس بمحافظة الدقهلية، بقوله: إن «نص رجالة مصر تعانى من الضعف الجنسى، وأنا راجل أوى، واللى مش مصدقنى ييجى يسأل مراتي».

***
معلوم أن الإرهابى محمد ناجى الذى غرس السكين فى رقبة الأديب العالمى نجيب محفوظ فى منطقة العجوزة فى أكتوبر سنة 1994 لم يكن يعرف النائب أبو المعاطى مصطفى الذى اتهم الروائى الكبير خلال اجتماع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية فى مجلس النواب، الإثنين الماضى، بخدش الحياء وتوعده بالمعاقبة، لكن المؤكد أن بينهما قاسم مشترك وتربطهما علاقة قوية عابرة للأنظمة!
فأبو المعاطى تجاسر وأطلق حُكما على نجيب محفوظ وقال: «كان يجب معاقبته أثناء حياته لخدش الحياء العام». وعندما سُئل ماذا قرأت من روايات وقصص محفوظ، قال شفت كل أفلامه فى التليفزيون، هذا الرد يماثل فى مضمونه ما قاله المتهم محمد ناجى، قبل نحو 22 عاما فى التحقيقات:
< ماذا قرأت لنجيب محفوظ.
ــ أستغفر الله العظيم.
< طيب.. ولماذا حاولت اغتياله.
ــ قالوا لى إنه مرتد عن الإسلام، فانتظرته أمام منزله فى العجوزة وطعنته بالسكين.
التشابه بين القولين والفعلين يُحيلنا إلى مسيرة استلاب العقل، التى سنتها الجماعات الإسلامية قديما، ويمضى فى ركابها البعض إلى الآن، مغمى العينين، وهو يردد: «هم اللى قالولى»، وبالتالى ليس مستغربا أن يُقدم الإرهابى محمد ناجى على اغتيال محفوظ بسبب رواية أولاد حارتنا التى لم يقرأها أصلا لا هى ولا غيرها.
أما الأخ أبو المعاطى الذى جاء إلينا محمولا على صناديق الانتخابات ليعيد إنتاج الجماعات الظلامية، فاستند فى إدانته للأديب الكبير على «الأفلام التى شاهدها فى التليفزيون»، وبالتالى مش هتفرق قوى عند الاثنين أن محفوظ كان يعلن فى كل ما تم تحويله من أعمال روائية عن انحصار مسئوليته فى حدود عمله الروائى فقط.
وأظن أنه لن ينكشف ما بـ«أبو المعاطى» من نقص فادح فى المعرفة إذا علم أن الأفلام، التى كتب لها نجيب محفوظ القصة أو السيناريو أو هما معا 25 فيلما، أما الأعمال المأخوذة مباشرة عن أعماله الأدبية فتصل إلى 39 فيلما.
المثير للشفقة أن المذكور أعلاه اتهم نجيب محفوظ فى قبره بأنه «خدش حياء العامة» ونسى أنه ينتمى إلى مجلس بعض نوابه تسببوا فى خدش حياء الأموات قبل الأحياء، ويكفيهم ما جاءوا به من إسفاف وابتذال لم يأت على لسان أبطال روايات نجيب محفوظ فى أعلى درجات فحشهم.
وعليه فإن تهمة خدش الحياء التى يشهرها النائب أبو المعاطى فى وجه الراحل الكبير، لاكها النائب عجينة غير مرة، وكان آخرها عندما طالب بتوقيع «كشف العذرية» بشكل دورى على الطالبات داخل الجامعات للحد من الزواج العرفى، وقال: «أى بنت تدخل الجامعة لازم نوقع عليها الكشف الطبى لإثبات أنها آنسة».
وللحق، الأمر لم يتوقف عند عجينة، بل وصل إلى زميله أسامة شرشر عندما أرسل حسابه على «واتس آب» فيلما إباحيا على جروب خاص بالنواب والنائبات ما دفع النائب مصطفى بكرى، إلى تقريعه:
ــ«أظن أنه من العيب يا أخ أسامة أن يتم إرسال شريط جنسى على موقع نواب مصر، الذى نتبادل فيه الرأى والحوار حول قضايا البرلمان والمجتمع».
ــ فرد شرشر: «أنا آسف، التليفون فيه مشكلة»!

***
لم يعد أمامنا غير استحضار روح المتنبى ليردد المثل العربى على مسامع«أبو المعاطى»: «رمتنى بدائها وانسلت» قبل أن يعود ثانية إلى صُحبة تضم نجيب محفوظ.
جمال جوهر كاتب صحفى
التعليقات