هل تتماشى وحشية إسرائيل مع القيم الأمريكية؟ - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تتماشى وحشية إسرائيل مع القيم الأمريكية؟

نشر فى : الأحد 3 يناير 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الأحد 3 يناير 2016 - 10:30 م
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلى مقالا للكاتب «هنرى سيجمان»؛ رئيس مشروع الشرق الأوسط الأمريكى، يتساءل فيه عن حقيقة وجود قيم مشتركة بالفعل بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل بحكومتها الحالية، حيث قام بطرح بعض المواقف وعرض بعض التصريحات السابقة الخاصة برئيس الوزراء الإسرائيلى «نتنياهو» وبعض وزراء حكومته اليمينية، توضح مدى الوحشية التى تتبناها دولة إسرائيل الحالية؛ والتى يرى سيجمان أنها تتنافى والقيم التى ترفعها وتنادى بها الولايات المتحدة الأمريكية. ولذا يتساءل مجددا إلى متى سيستمر أوباما فى ادعائه بأن هناك قيما مشتركة بين الدولتين، وهل أن هناك فعلا قيما مشتركة بينهما.

بدأ سيجمان مقاله بالحديث عن أحد المواقف التى تعرض لها فى أواخر الستينيات والسبعينيات؛ عندما كان يشغل منصب الرئيس التنفيذى للمؤتمر اليهودى الأمريكى ــ وهى هيئة تنسيق لجزء من العمل الاجتماعى والأنشطة الدينية للحاخامات الوطنيين والمحافظين والأرثوذكس ــ حيث أجرى حينها إحدى المحادثات مع الحاخام جوزيف ب. «سولفيتخ»، الذى يعد قائد الأرثوذكسية الحديثة فى الولايات المتحدة الأمريكية إن لم يكن فى العالم. كان الحاخام «سولفيتخ» كان قد أنهى لتوه مؤتمر هام وكبير حضره مجموعة من الحاخامات والقساوسة المسيحيين، عندما توجه له سيجمان ليسأله إن كان على استعداد لعقد مؤتمر آخر مماثل يتحدث فيه عن الارتباط اليهودى بأرض إسرائيل وعن مفهوم (الأرض المقدسة) وكيفية التمييز بينهما وبين مفاهيم أخرى (كالأرض والدم) فى الفاشية الألمانية والأنظمة الشمولية الأخرى.
***
ولكن أذهله رد «سولفيتخ»، فلم يكن سيجمان وقتها مجرد يهودى أرثوذكسى ولكن أيضا صهيونى متعصب معترف به من قبل الفرع القومى الدينى للحركة الصهيونية. فقد أجابه الحاخام بأنه لا يمكنه أن يدير مثل هذا المؤتمر لأنه سيجد صعوبة كبيرة فى توضيح هذا الفرق حتى لأولاده.
فيقول سيجمان إنه لم يفقد تقديره لفكرة الدولة اليهودية أبدا رغم أنه فقد منذ فترة طويلة ايمانه بالشعار الصهيونى القائل بأن فلسطين «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، ولكنه لم يدرك حينها تماما سبب رفض «سولفيتخ» لتناول هذا الموضوع الخاص بمفهوم الأرض المقدسة حتى رأى فيديو لمستوطنين ــ يهود أرثوذوكس ــ يؤكدون يهوديتهم وصهيونيتهم ــ حسب قوله ــ بالاحتفال بحرق طفل فلسطينى.
فرغم إدانة نتنياهو ووزراؤه لذلك الحدث، إلا أنهم لم يفهموا حتى الآن ما كان «سولفيتخ» يخشاه وهو أن القوميين المتعصبين ممن يقدسوا الدولة وأرضها قد يقوموا بنزع الصفة الإنسانية عن الآخر بل يمكن أن يقوموا باحتقار وتدنيس حياة أناس آخرين كما حدث. حيث يرى سيجمان أن نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة ليسوا فقط غير مبالين بهذا الخطر ولكنهم شجعوه وبقوة.
ويشير سيجمان إلى أنه فى حين كتابة هذه السطور قررت حكومة نتنياهو دعم تشريع مقترح فى الكنيسيت الإسرائيلى لمعاقبة المنظمات الإسرائيلية غير الحكومية التى تسعى للدفاع عن الأقليات الإسرائيلية غير اليهودية ومنع الانتهاكات التى يرتكبها الجيش الإسرائيلى وقوات الأمن ضد الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة. وبما أن تلك المنظمات تعتمد على دعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى فإن هذا التشريع يسعى لحرمانها من هذا الدعم على اعتبار أن ذلك سوف يؤدى لإغلاقها.
***
إن السبب الأساسى فى اعتماد تلك المنظمات على الدعم الخارجى هو أن نتنياهو واليمينيين المسيطرين على الثقافة السياسية فى إسرائيل، يسيطرون بوحشية على منظمات حقوق الانسان الإسرائيلية والتى يراها معظم الإسرائيليين متعاونة مع أعداء إسرائيل. وبالتالى فليس غريب على الاطلاق أن يقال لليساريين ــ وهو مصطلح أطلق فى الماضى فقط على مؤيدى السلام مع فلسطين ــ «لماذا لا ترحلوا وتنتقلوا إلى غزة».
والحقيقة أن تأييد حكومة نتنياهو لهذا التشريع ليس أسوأ ما فى الأمر. ولكن الأسوأ هو تعيين نتنياهو لـ«أيليت شاكيد» كوزيرة للعدل. والتى قامت فى 1 يوليو 2014 بمشاركة مقال على صفحتها على الفيس بوك مؤلفه هو «أورى إليتسور»، يقول فيه «يجب ألا تستهدف إسرائيل الميليشيات فقط ولكن عليها أن تستهدف أمهات الشهداء الذين يودعونهم بالورود والقبلات أيضا. يجب أن يلحقوا بأبنائهم ولن يكون هناك عدل أكثر من ذلك. يجب أن يرحلوا كما يجب أن تهدم تلك المنازل التى تربى فيها هؤلاء الثعابين. وإلا ستنشأ وتترعرع فيها ثعابين أخرى صغيرة».
وهنا يقول سيجمان أن رئيس الوزراء الإسرائيلى الذى يعين وزير عدل بحكومته يدعو لقتل أمهات الإرهابيين الفلسطينيين ويعتبر الأطفال الفلسطينيون ثعابين صغيرة يجب إبادتهم، لا يمكن أن ينكر تبينه وأبوته للمستوطنين الذين احتفلوا بحرق الطفل الفلسطينى. ولا يستطيع حتى نفتالى بينيت؛ وزير التعليم الذى يرأس حزب «البيت اليهودى» والذى يطمح ليخلف نتنياهو، أن ينكر تبنيه لهم. ففى عام 2013، قال جملة مشهورة أثناء مناقشة الوزراء «إذا أمسكت بإرهابى، عليك قتله بمنتهى البساطة»، وعندما وجه إليه مستشار الأمن القومى «يعقوب عميدرور» اللوم مشيرا إلى أن ذلك «فعل غير قانونى» أجاب بينيت قائلا أنه قتل الكثير من العرب فى حياته وليس لديه أدنى مشكلة فى ذلك.
فبالنسبة لسيجمان لا يمكن لبينيت ولا حتى لنتنياهو أن يدعو بأن الإرهابيين اليهود الذين ينكرونهم الآن يختلفون عن قاطعى الرءوس الدواعش. كما لا يمكنهم أن ينفضوا أيديهم من تصريحاتهم القديمة التى لا تختلف عن سلوك هؤلاء المستوطنين الصهيونيين على الإطلاق.
***
ويختتم سيجمان مقاله بسؤال واصفا إياه بـ«الوحيد الذى ليس له إجابة حتى الآن»؛ وهو إلى متى سيصر الرئيس أوباما فى التأكيد على أنه لن تكون هناك مشكلات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب وجود قيم مشتركة بينهم.. وهل مازال هناك قيم مشتركة بينهم بالفعل!.

إعداد ــ تغريد مجدى نور

اقتباس
قررت حكومة نتنياهو دعم تشريع مقترح فى الكنيسيت الإسرائيلى لمعاقبة المنظمات الإسرائيلية غير الحكومية التى تسعى للدفاع عن الأقليات الإسرائيلية غير اليهودية ومنع الانتهاكات التى يرتكبها الجيش الإسرائيلى وقوات الأمن ضد الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة.
التعليقات