الموزعون والخوف من السينما الجميلة - خالد محمود - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الموزعون والخوف من السينما الجميلة

نشر فى : الأحد 3 مارس 2019 - 12:10 ص | آخر تحديث : الأحد 3 مارس 2019 - 12:10 ص

بقدر سعادتى بفوز فيلم «كتاب أخضر».. تحفة المخرج الأمريكى بيتر فاريللى، بجائزة أوسكار أفضل فيلم لهذا العام، بقدر حزنى على تعامل دور العرض المصرية مع الفيلم، حيث لم يمنحه الموزعون ــ رغم أن مهرجان القاهرة السينمائى افتتح به دورته ــ سوى أيام قليلة للعرض، ولم تكن هناك فرصة حقيقية للجمهور لمشاهدة العمل السينمائى الرائع، الذى يحمل قيمًا إنسانية وفنية متعددة، يمزج بين واقع الحياة وخيالها أيضا، ملىء بالمواقف المؤثرة التى تدفعنا عبر المشاهدة لطريق من الآهات والشجن وينتزع الضحكات أحيانا.
والامر نفسه يتكرر كثيرا مع أفلام أخرى عظيمة ومدهشة من حق جمهورنا أن يراها على شاشة السينما ويستمتع بها وبرؤى صناعها مثل فيلم «بوهيمان رابسودى»، الذى فاز بطله رامى مالك بأوسكار أحسن ممثل، فى دور تاريخى سوف يخلد فى ذاكرة السينما، وأيضا فيلم «نائب» الذى يحكى سيرة ذاتية لنائب الرئيس الأمريكى ديك تشينى.
فممن يخاف الموزعون وأصحاب دور العرض، هل تقديم الأفلام العالمية الكبرى على الشاشات التى يملكونها ومنحها وقتها المناسب يمثل خطرا على الإيرادات؟، لا أعتقد ذلك.. بدليل أن الأفلام الأجنبية التى عرضت أخيرا ــ رغم قصر المدة ــ حققت رواجا جماهيريا ونسبة معقولة فى شباك التذاكر مثل فيلم «mug»، الذى حقق 15 مليون جنيه فى ثلاثة أسابيع، وفيلم «مهمة مستحيلة» 14 مليون جنيه. إذن فحجة تأثر شباك التذاكر وضعف الاقبال واهية.
والسؤال: هل يخشى المنتجون ــ الذين هم فى الوقت نفسه الموزعون وأصحاب دور العرض ــ من اهتزاز مكانة نوعية «سينماهم الكليشيه» بتوليفاتها الضعيفة فنيا و«أفكارهم» فقيرة الخيال والتى يفرضونها على الجمهور منذ سنوات وما زالوا، ومن أن يتغير ذوق المشاهدين تأثرا بالسينما العالمية الجميلة والرائعة والمختلفة، وبالتالى يهجرون أعمالهم ولا يقبلون عليها؟ ربما، وإلا فلماذا يحارب الموزعون زيادة نسخ الفيلم الأجنبى فى مصر، ولماذا لم تتح له الفرص للمنافسة فى مواسم الرواج الجماهيرى؟!.
قد يقول قائل: إن هذا يهدد دخل الفيلم المصرى ويكبده مزيدا من الخسارة، وبالتالى يقل الإنتاج، وأقول إن التهديد الأكبر والخسارة الأفدح هى ألا تشهد دور العرض تنوعا فى الافلام وجنسياتها، والتى ستخلق منافسة كبرى فى نوعية المنتج، ربما تحفز صناع السينما فى مصر نحو تغيير منهجهم بتقديم نوعية أفضل من الأعمال ومختلفة ومميزة، لأنهم سيدركون حينئذ أن البقاء للسينما الاكثر تميزا ودهشة وجمالا.
فى سنوات الستينيات والسبعينيات كانت هناك دور عرض بالقاهرة والإسماعيلية وبورسعيد تستقبل أفلاما فرنسية وإيطالية بخلاف الهندية، ولم تكن تؤثر على إيرادات الفيلم المصرى بل تشكل زخما سينمائيا لكل الاسر باختلاف ثقافاتها، ولم يتراجع هذا الفكر سوى فى الثمانينيات ومع انتشار موجة أفلام المقاولات التى مازلنا نعانى منها حتى الآن، وفى نهاية التسعينيات ظهرت نوعية وجيلا من نجوم جدد اكتسبوا شرعيتهم من نجاح فيلم «إسماعيلية رايح جاى» الذى شكلت إيراداته الكبرى ظاهرة فى وقتها، استمرت لبدايات الالفية الثانية، لكن نجوم تلك المرحلة من الكوميديانات لم يستطيعوا الاستمرار والقدرة على البقاء بنفس الوهج لوقوعهم اسرى فخ التكرار، ولكى نكون منصفين كانت هناك عدة تجارب جيدة وجادة عبر تلك الحقب، لكنها ايضا لم تحظ بوقتها الكافى فى دور العرض مثل التى قدمها داود عبدالسيد وعاطف الطيب واسامة فوزى وخيرى بشارة ومحمد خان وعلى بدرخان ورأفت الميهى، وشريف عرفة وعمرو سلامة ومحمد دياب.
وقد يقول آخر: إن الأفلام العالمية أصبحت متاحة للجميع عبر منافذ أخرى مثل مواقع الإنترنت المتخصصة، لكن الحق أن مشاهدة الأفلام فى دور العرض لها سحرها وبريقها ومتعتها الذى لا يضاهيها وسيلة أخرى مهما كانت.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات