فلنفسد الفرح - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فلنفسد الفرح

نشر فى : الجمعة 3 أبريل 2009 - 5:39 م | آخر تحديث : الجمعة 3 أبريل 2009 - 5:39 م

 لم يطق أعضاء بعثة «خبط أبواب واشنطن» السابعة بعد العشرين الانتظار حتى يعودوا للقاهرة لكى يبلغوننا ببشرى سعيدة وهى أن صادرات «الكويز» إلى الولايات المتحدة الأمريكية بلغت 872 مليون دولار العام الماضى. فاختاروا أن يزفوا بشرتهم من موقعهم فى الدولة الأم قبل أن يعودوا منها..

وبالطبع كان أعضاء البعثة الخمسون يتصورون من فرط سعادتهم بهذا النصر التصديرى المظفر أن يشاركهم المصريون فرحتهم، لأنه أخيرا هناك انتصارات يمكن أن يتباهوا بها من وراء هذه الاتفاقية التى طالما كرهها المصريون حتى بدون أن يعرفوا تفاصيلها.. لأنه لم يكن واحد منهم حتى أكثرهم تشاؤما يتصور أن يأتى يوم تستورد فيه مصر قطنا من إسرائيل.

هذا ولأنه قد أتى اليوم فنقول لمن يكرهها دون أن يعرفها: إن الاتفاقية هذه تم توقيعها فى عام 2004 على أرض القاهرة بين مسئولين إسرائيليين ومصريين فى مظاهره اقتصادية «سمجة»، على عكس ما أراد لها المسئولون فى ذلك الوقت..

والاتفاقية تنص على حق المصدرين المصريين فى التصدير للسوق الأمريكى بدون دفع رسوم جمركية، بشرط أن تكون السلعة المصرية المصدرة قد دخل فى إنتاجها مواد خام ومستلزمات إنتاج إسرائيلية بنسبه 11.7% واقتضى تخفيضها إلى 10.5% تدخل رئيس الجمهورية شخصيا. أى أن الاتفاقية اشترطت أن يكون المصدر المصرى «كفيلا إسرائيليا» لكى يفوز بهذا الكرم الأمريكى.

وقد رغب واضعوها أن تجمع شمل المصدرين المصريين والمستوردين الإسرائيليين، وتوحد بين مصالحهم، بل وتجبرهم أن يجتمعوا كل ثلاثة أشهر، مرة فى القاهرة وأخرى فى تل أبيب، ويبدو أنه من فرط سعادة السادة أعضاء البعثة المكوكية بأخبار الظفر التصديرى الذى حققه «الأخوة الكويزيون» لم يكن لديهم استعداد أن يسألوا أنفسهم أو يردوا على أسئلة من نوعية: إذا كانت الصادرات المصرية غير البترولية لأمريكا بلغت العام الماضى 1.4 مليار دولار منها صادرات عبر الكويز 872 مليون دولار، فمعنى هذا أن شريحة أخرى من المصدرين المصريين استطاعوا أن ينفذوا لنفس السوق الأمريكى بصادرات بلغت 528 مليون دولار فى نفس العام بدون الاستفادة من الإعفاء الجمركى، أى أنهم دفعوا رسوما جمركية على سلعهم الداخلة لأمريكا، وبدون أن يضعوا تحت إبطهم كفيلا إسرائيليا، والأهم أنهم لم يلطخوا منتجاتهم المصرية بالنكهة الإسرائيلية كريهة الرائحة، وبعيدا عن حسابات الناس، التى ترى فى كل تعاون مع إسرائيل شرا مطلقا، فلنحسب بحسابات هؤلاء الذين لا تعنيهم إلا حسابات الورقة والقلم، فإذا كان قد استلزم لكى يصدر هؤلاء الكويزيون لأمريكا صادرات بحوالى 872 مليون دولار أن يستوردوا سلعا قبلها من إسرائيل بلغت 138 مليون دولار، إلى جانب التضحية التى دفعها كل منا لكى يحصل هؤلاء المتفاخرون بالكويز على دعم تصديرى وصل إلى 640 مليون جنيه.

لأن سخاء الحكومة وصل إلى الحد الذى منحت فيه رجال الكويز، الذين تدخل سلعهم معفاة تماما من الجمارك، دعما تصديريا من موازنة الدولة. وإذا كنا نحن قد قبلنا التضحية بأن توجه هذه الأموال إلى هذه الشريحة الضيقة من المجتمع بدلا من أن توجه لفتح مدرسة فى حى من الأحياء الشعبية الذى يتكدس فيه أبناء أهله بعضهم فوق بعض فى مشهد تفضل بعده الجهل عن العلم، أو أن توجه إلى مستوصف فى قرية أصبح فيها العلاج فى آخر طابور الكماليات، أو تركيب شبابيك لقطارات الصعيد لعلنا نقلل مما يصيب صدور الصعايدة من أمراض الصدر فلديهم ما يكفيهم. فما دمنا قد ضحينا فلابد أن يكون لنا حق الاختيار أن نفرح معهم، أو نفسد الفرح..... فلنفسده.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات