شكرا لكاميرات الموبايل - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شكرا لكاميرات الموبايل

نشر فى : السبت 3 يونيو 2023 - 9:20 م | آخر تحديث : السبت 3 يونيو 2023 - 9:20 م

أفهم أن يختلف طرفان فى أى نقابة مهنية، كما حدث يوم الثلاثاء الماضى فى نقابة المهندسين وأفهم بالطبع أن يلجأ الطرفان أو أحدهما إلى الجمعية العمومية أو القضاء لحسم الخلاف بينهما، لكن لا أفهم المنطق الذى يجعل البعض يعتقد أن الاقتحام والتكسير والفتونة فى زمن السوشيال ميديا قادر على حسم الخلاف ويمكن أن يمر مرور الكرام ومن دون أن يتم فضحه وتجريسه.

واليوم لا أعلق على ما حدث فى الجمعية العمومية غير العادية للمهندسين، فقد كتبت عن ذلك بالأمس وأدنت اقتحام بلطجية للمكان وطالبت بمحاكمة سريعة وناجزة للمتهمين، وردعهم حتى لا يتكرر ذلك ثانية.

لكن اليوم أتحدث عن عقلية أولئك الأفراد الذين يعتقدون أنهم يمكنهم الإفلات من الفضح والعقاب فى زمن يعيش فيه الجميع على الهواء تقريبا.

قبل سنوات، وقبل أن تنتشر السوشيال ميديا، كان بإمكان أى شخص خصوصا البلطجية أن يفعلوا ما يشاءون ويناموا غير خائفين من العقاب لأنه لم تكن هناك أدلة دامغة على مشاركتهم. فى عالم ما قبل الموبايلات وما قبل تطبيقات السوشيال ميديا خصوصا تويتر وفيسبوك وإنستجرام والآن التيك توك، كان يمكن للبعض الضرب والتكسير من دون أن يناله أذى. ونتذكر بعض حملات البلطجية فى الانتخابات البرلمانية أو النقابية ما قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وخصوصا ما كان يحدث ضد بعض المحتجين أمام نقابات وأحزاب خصوصا نقابة الصحفيين، أدلة الإدانة كانت تتوه وسط اتهامات مرسلة حينا وشبه مؤكدة حينا آخر، لكن غياب الدليل الدامغ كان يجعل المتهم يفلت معظم الوقت من العقاب والتجريم.

الآن لم يعد ذلك موجودا، ورأينا أن بعض المهندسين تمكنوا من تصوير كل ما حدث بالفيديو ورأينا وجوها واضحة للذين اقتحموا مقر التصويت فى مركز مؤتمرات جامعة الأزهر بمدينة نصر، وهم يكسرون ويدمرون الكراسى، وصناديق الاقتراع ويمزقون أوراق التصويت.

مرة ثانية يمكن تفهم وجود خلافات فى أى نقابة أو مؤسسة أو نادٍ أو أى منشأة بها عدد من الناس، ويمكن تفهم حدوث خناقات.

ورأينا فى العديد من برلمانات العالم أن هذه الاشتباكات تصل إلى حد العراك بالأيدى وتبادل اللكمات حينما تفلت الأعصاب.

وقد تؤدى إلى تعطيل اجتماعات او انتخابات، لكن ما حدث فى نقابة المهندسين كان خطيرا وخطرا.

لأنه ليس معروفا فى غالبية دول العالم المتقدم أن تقتحم مجموعات من البلطجية مقرا لانتخابات نقابية وتفعل ما فعلته مساء الثلاثاء.

السؤال مرة أخرى: ألم يخطر فى بال المقتحمين أنه من السهل جدا أن يقوم أحد بتصويرهم وبث هذه الفيديوهات على الهواء؟!

وما هذه الثقة التى تصرف بها المقتحمون ولم يشغل بالهم أن يتم فضحهم؟!!!.

وما هى العقلية التى فكر بها المقتحمون، هل كانوا مثلا يعتقدون أنهم يدافعون عن الوطن والبلد ضد فئة متمردة باغية؟!

وبعيدا عن الإدانة الأخلاقية والقانونية الواضحة لما حدث فى الجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهندسين فإن السؤال أيضا عن مستوى انعدام الكفاءة حتى فى البلطجة، فكيف يمكن فهم دخول هؤلاء المقتحمين مقرا عاما ويكسرون محتوياته غير آبهين بالعواقب؟!

ألم يدرك هؤلاء أنهم بفعلتهم هذه قد أساءوا للجميع. خصوصا لصورة الدولة المصرية وللحياة السياسية والنقابية والمجتمع المدنى، بل وللحوار الوطنى، ألم يفكر هؤلاء أنهم سوف يتسببون فى تكبيد الحياة السياسية ثمنا فادحا، هل كانوا يعتقدون أن ما حدث سيبعث برسالة لبعض النقابات أن تهدأ وتستكين؟! أظن أن الرسالة كانت عكسية تماما وخصم من رصيد الدولة وصورة مصر العامة، خلافا للصورة الديمقراطية البراقة فى انتخابات نقابة الصحفيين فى مارس الماضى.

ما حدث فى نقابة المهندسين مأساة قانونية وسياسية وأخلاقية لكنها أيضا مأساة بشأن عدم فهم طبيعة العصر، الذى نعيش فيه تقريبا على الهواء مباشرة معظم الوقت وتحركاتنا وأفعالنا وسلوكياتنا مكشوفة امام الجميع. السوشيال ميديا وكاميرات الموبايل لها عيوب كثيرة لكن لها مميزات ومنها أنها تتيح لنا ضبط وكشف اللصوص والبلطجية وكل مخالفى القانون.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي