حول العدالة والاستثمار - جورج إسحق - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حول العدالة والاستثمار

نشر فى : الأحد 3 نوفمبر 2019 - 10:45 م | آخر تحديث : الأحد 3 نوفمبر 2019 - 10:45 م

 دُعيت للمرة الثانية إلى مؤتمر فى المغرب عن العدالة عن طريق الصديق العزيز أ. محمد أوجار وزير العدل المغربى، وكان عنوان المؤتمر الذى انعقد فى يومى 21 ــ 22 أكتوبر حول (العدالة والاستثمار.. الرهانات والتحديات). كانت الورشة الأولى شديدة الأهمية، حيث تحدثت عن دور الاتفاقيات الدولية فى حماية الاستثمار، وتطوير النصوص القانونية فى ظل مناخ أعمال متجدد، ومدى ملائمة المنظومة القانونية المنظمة لقضايا التجارة والأعمال مع المتطلبات والسياقات الوطنية والدولية، وأيضا على متطلبات تعديل القوانين ذات الصلة بالاستثمار، كما تناولت الورشة تحديث المنظومة القانونية والأمن القانونى.
أما الورشة الثانية كانت عن دور القضاء فى تحسين مناخ الأعمال، ودارت المناقشات حول دور القضاء فى حماية الاستثمار وتعزيز الثقة فى العدالة الوطنية ضمانا لاستقطاب الاستثمارات ورءوس الأموال وإنشاء قضاء متخصص فى مسائل الاستثمار. وكذلك دور النيابة العامة فى حماية الاستثمار، وإنشاء محاكم لحماية الاستثمارات الدولية فى ظل القوانين الحاكمة المحلية والدولية.
ومن أهم ما نوقش فى هذه الورقة دور وآفاق الوسائل البديلة لفض المنازعات فى تحسين مناخ الأعمال.
والورشة الثالثة كانت من أهمهم (توظيف تكنولوجيا المعلومات) لرفع جودة الخدمات المقدمة للمتعاملين مع أمور الاستثمار، وإدماج البعد الرقمى فى استراتيجية تحديث قضاء الأعمال، ويعتبر التحول الرقمى فى الاستثمار عاملا أساسيا لتنمية هذا المناخ. وناقش المجتمعون فى هذه الورشة تخوفات من تغليب العامل الرقمى على الجانب المهنى والحقوقى. ومن ميزة هذا التحول، أى التحول الرقمى، التخلى عن الأدوات الورقية وتجاوز العمل اليدوى البطىء إلى أداة باستعمال الرقمنة للمساعدة على اتخاذ القرار وإنتاج المعلومات الكترونيا وتداولها وتخزينها وحفظها وحمايتها، وتمنح الفاعلين وقتا أكبر للتركيز على القضايا الأساسية والاهتمام بتجويد العمل وتحسيناته، والاعتماد على الذكاء الاصطناعى للأعمال لضمان عدالة المستقبل.
أما الورشة الرابعة فكانت تتحدث عن التكتلات الاقتصادية الإقليمية: الأسس والمرتكزات القانونية والقضائية وانعكاس التكتلات الاقتصادية على المنظومات القانونية والقضايا الوطنية، وكيف يمكن تبديد تخوفات وتحفظات الدول بشأن الانضمام إلى التكتل الإقليمى، وكذلك ملاءمة وتوحيد القوانين التجارية الوطنية كمدخل للتكتل الاقتصادى الناجح واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وكذلك تحديث المنظومة القانونية على المستوى الدولى.
***
هذا المؤتمر كان يجب أن تحضره وزيرة الاستثمار لما فيه من قضايا مهمة، حيث حضر المؤتمر حوالى 1500 مشارك توزعوا على الورش المختلفة من مختلف الدول، وحضره أيضا وزراء العدل من مختلف الدول العربية والأوروبية، ورؤساء مجالس القضاء العليا ورؤساء نيابات عامة، ومنظمات وهيئات حقوقية ومسئولون قضائيون وقضاة وبرلمانيون وأساتذة جامعيون، ولذلك كانت المناقشات داخل الورش على أعلى مستوى من الأفكار القانونية الجديدة، وتوفير المهنية العالية لإيجاد مناخ استثمارى جيد وجذاب، خاصة أن الاقتصاد العالمى يشهد تنافسية شديدة، وأصبحت قضية دول العالم أجمع تحسين مناخ الاستثمار وحماية الاستثمارات المحلية والأجنبية. ومن القضايا التى طرحها إعلان مراكش فى نهاية المؤتمر أن أغلب الدول تعمل على ترسيخ استقلال السلطة القضائية وتحديث منظومتها القانونية وحماية الاستثمار بشكل واضح.
واتفق المجتمعون على الاستمرار فى عقد هذا المؤتمر بدورات فى المستقبل كمنبر عالمى للتعاون والتقارب بين الأنظمة القانونية والقضائية، وتقاسم التجارب الناجحة للنهوض بالاستثمار وتداول الآراء ومناقشة الرؤى والأفكار المختلفة لتحسين مناخ الاستثمار، وجعل العدالة أهم مفتاح لتحسين مناخ الاستثمار، وتطوير الإدارة القضائية وتأهيل عناصر السلطة القضائية ورفع مستوى البنية التحتية للمحاكم. وكذلك تأهيل قضاة متخصصين فى قضايا التجارة والاستثمار.
وكانت من أهم الموضوعات التى أُثِيرت فى هذا المؤتمر موضوع الذكاء الاصطناعى، الذى نوقش بكفاءة علمية عالية المستوى، ووُضِعت كل المعايير التى تتيح لأى من القائمين على موضوعات الاستثمار بالتطلع إلى الانخراط فى موضوع الذكاء الاصطناعى.
***
أتمنى أن يطّلع القائمون على الاستثمار فى مصر على هذه الأوراق المهمة، وأن تقوم وزيرة الاستثمار بالتفكير فى عمل مؤتمر دولى للنظر فى المعوقات التى تواجه الاستثمار فى مصر، ودعوة المنظمات الدولية الاقتصادية والقانونية لهذا المؤتمر والذى سوف تكون محصلته فى صالح الاستثمار فى مصر الذى نحن فى أشد الاحتياج إليه لمواصلة التنمية والنهوض بالاستثمار المصرى الذى يعتبر جزءا مهما فى التنمية المستدامة التى نُوقِشت بكفاءة ودراية عالية فى مؤتمر مراكش.
وتعانى معظم الدول العربية من انعدام الاستقرار فى التشريعات والذى يؤدى إلى تولد عدم الثقة فى الاستثمارات بسبب التعديلات التشريعية، إلى جانب غياب الوضوح فى التشريعات والقوانين واللوائح الخاصة بالقانون. وكذلك تعدد الأجهزة التى تقوم على الاستثمار.
وأشار المؤتمر فى المغرب إلى ضرورة توافر آلية لإعداد الكوادر البشرية اللازمة لنمو الاستثمار بالكفاءة اللازمة، فعلى سبيل المثال تعانى مصر من نقص الخبرات الفنية والإدارية التى تعتبر الأساس فى تيسير أى مشروع بشكل سريع، ورغم التعديلات التى تمت فى قانون الاستثمار فى السنوات الاخيرة؛ مازالت هناك ثغرات كثيرة مثل تعديل الجهاز الإدارى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة وذلك بالنص على أن يكون مجلس إدارتها برئاسة وزيرة الاستثمار، ويشكل غالبيته من ممثلى الدولة بعد أن كانت غالبيته من القطاع الخاص. وقد كانت الهيئة العامة للاستثمار ذات مصداقية واستقلال قبل التعديل. وكذلك منح الهيئة العامة للاستثمار صلاحيات رقابية غير مسبوقة، وأيضا التوسع فى نظام الشباك الواحد الذى لا يمكن تطبيقه وضياع الوقت.
ولذلك يجب أن يُعاد النظر كل فترة فى التشريعات الحاكمة للاستثمار وتطويرها وتنمية كوادرها فى إطار متغيرات دولية تشمل العالم كله وتنافسية استثمارية غير مسبوقة.
وأعتقد أن كل الأمل فى الاستثمار يجب تركيزه على المنطقة الاستثمارية فى منطقة قناة السويس وخاصة بورسعيد لأنها بالفعل إذا أعطيت الاهتمام والعناية الكافية ستصبح قاطرة التنمية فى مستقبل مصر الاستثمارى.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات