** لم أعرف جمهورا أو شعبا يشجع فريقه كما نفعل نحن.. بالدعاء، وبصيحة يارب التى هزت شوارع المحروسة فى لحظات ضربات الجزاء أمام بوركينا فاسو.. وعندما تصدى الحضرى للضربة الحاسمة علت الهتافات «مصر.. مصر».. الحالة هذه المرة مختلفة عن بطولات سابقة شارك فيها المنتخب وأحرزها وقد كنا ندعو ونبتهل أيضا لكن هذه المرة الحالة مختلفة.. فعندما توجه المنتخب إلى الجابون قلت وقلنا إن الوصول إلى الدور قبل النهائى سيكون إنجازا يحسب للاعبين وللجهاز الفنى. وقد تجاوز الأمر هذا الدور ووصلنا للنهائى أمام الكاميرون، وهو فريق شاب متجدد يشارك فى صفوفه 14 لاعبا لأول مرة فى كأس الأمم ويغيب عنه 7 من نجومه الاساسيين. والحالة مختلفة لأن المنتخب خاض خمس مباريات صعبة وعصيبة، ولعب فيها اللاعبون بنضال حقيقى بالمعنى الحرفى لكلمة النضال.. وكل نضال هو شجاعة، وجهاد، وروح عالية.. والناس كلها احترمت هذا النضال..
** الحالة مختلفة هذه المرة، لأننا ننتصر فى كل مباراة على فريق قوى، ووسط لحظة يطل فيها شبح اليأس.، فنهزمه كلما طل. والحالة مختلفة لأننا فى أشد الحاجة جميعا إلى الإشتراك فى شىء واحد وعلى هدف واحد بعد سنوات من حالات جدل لا ينتهى على كل شىء وأى شىء، وفى زمن يملك فيه كل مواطن صحيفته، وقناته، وشاشته، التى يعبر فيها عن رأيه السياسى والاقتصادى والرياضى بمنتهى الحرية ودون سقف أو قيود.. واحيانا، وهى الحمد لله أحيان قليلة، أقرأ تعليقات موجهة إلى شخصى على سبيل المثال من شاب لم يتعد عمره العشرين، فأحمد الله أننى لست والده..!
** الحالة مختلفة هذه المرة، لأن هناك فصيلا وفصائل تبذل جهودا مضنية فى التفتيش عن السلبيات والأخطاء كمن يفتش عن كنز، وذلك من أجل بث ونشر اليأس وسط المجتمع وبعض هؤلاء قد يرفعون رايات نبيلة وقد يكونوا صادقين فيما يرون ويرفعون، لكن البعض الآخر من هؤلاء يرفع رايات نبيلة تتوارى تحتها أهدافهم الخبيثة، وفى الحالتين، يأتى المنتخب ويوحد هذا المجتمع على هدف واحد كله فرحه وانتصار وأمل وحلم.. ويختار المصريون الفرحة والحلم، ويتخلون عن أى مشاعر يأس أو إحباط..
** الحالة الليلة مختلفة.. فنحن على حافة الكأس الثامنة، والوصول إلى تلك المرحلة إنجاز وبطولة لم تكن متوقعة إطلاقا من جانب أى إنسان، ومجرد الوصول إلى حافة البطولة، فإن ذلك يعكس قدرة المصريين على هزيمة التحديات. وتلك هى الفكرة المهمة، فالبلد يمر بمرحلة تحديات اقتصادية شديدة الصعوبة، وتمر بتحديات سياسية، ودولية، وهؤلاء اللاعبون هم نحن، هم الشعب كله، ويمثلون بالنسبة لنا نموذج البطل الذى نريد أن نكونه.. وهذا لا يقتصر على المصريين فقط، فكرة القدم تفعل ذلك فى كل شعوب المعمورة كما أشرنا من قبل مرات باعتبارها ظاهرة رياضية وسياسية واجتماعية، وليست مجرد بالونة تجرى فوق العشب الأخضر ويجرى خلفها 20 لاعبا.
** نخوض الليلة مباراة صعبة أخرى.. وفى جميع الأحوال ومهما كانت النتيجة، أكرر التحية لكل لاعبى الفريق على نضالهم وعلى روحهم القتالية.. وهذا الأمر يستحق منا جميعا استقبالا جيدا للمنتخب احتراما لروح البطولة التى خاضوا بها مبارياتهم.
** يارب.. نحتفل بالكأس..