«كدمات» أبناء سيادة اللواء! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«كدمات» أبناء سيادة اللواء!

نشر فى : الجمعة 4 مارس 2016 - 9:45 م | آخر تحديث : الجمعة 4 مارس 2016 - 9:45 م
«وجدتها مبلولة، لأن الضابط ألقى عليها البول فى حجز القسم.. كما سبّها أمامنا بأبشع الألفاظ ووصفها بالعاهرة، وفتّش حقيبتها الشخصية وأخرج منها ملابس داخلية وشهّر بها، ورأيت جروحا قطعية بوجهها.. هل للضباط قانون خاص؟».

ما سبق جزء من رواية الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، بعد زيارته للفنانة ميرهان حسين، التى تم ضبطها فى أحد الكمائن، واحتجازها فى قسم الهرم، إثر مشادة مع أحد الضباط.. هذه الرواية التى قال زكى، انها حدثت فى حضوره، وان الضابط حاول تكرار الاعتداء على الفنانة، أمام مأمور قسم شرطة الهرم، ومساعد مدير الأمن، وعضو مجلس النقابة إيهاب فهمى، لم يتم نفيها رسميا من وزارة الداخلية، وهو ما يجعلنا نصدقها.

نصدقها لأن النيابة دعمتها بتوجيه الاتهام لضابطين بالاعتداء بالضرب على الفنانة وهتك عرضها عقب القبض عليها، وذلك بعد ان تسلمت تقرير مستشفى الهرم، الذى وقع الكشف الطبى عليها، وذكر فيه أن «المتهمة مصابة بكدمات فى الذراع والشفة العليا، كما تبين وجود سحجات فى أماكن حساسة!».

هذه الواقعة يجب التوقف عندها كثيرا، ليس لكون بطلتها فنانة فى دائرة الضوء، ولكن لأن تفاصيلها المخجلة تحمل فى طياتها أبعادا أخرى، أهمها أن الضابط المحترم لم يضبط انفعاله ويسيطر على غضبه، ونسى ان من تقف أمامه امرأة، واهانتها بهذا الشكل، غير مقبول فى مجتمع شرقى له تقاليد، تفرض عليه احترام المرأة، حتى ولوكانت متهمة بـ«قيادة سيارة ملاكى تحت تأثير مُسكر، والاعتداء بالسب والقذف على موظفين عموميين، ومقاومة السطات» بحسب اتهام النيابة لها.

نسى الضابط أيضا أنه إحدى أدوات إنفاذ القانون، وفق تكليف المجتمع له بهذه المهمة، وبالتالى لا يصح ان يكون هو أول من ينتهكه، لان هذا الأمر له تداعيات خطيرة على الدولة، ويضر بصورتها أمام العالم، كما أن تصرفه هذا يهيل التراب على الجهاز الذى يتبع له، ويفقد الشعب الثقة فيه، ويجعله لا يتذكر نماذج مشرفة بين جنباته، مروا بنفس التجربة تقريبا، لكنهم كانوا أكثر احترافية ومهنية، وهنا أتحدث تحديدا عن الضابط الذى تحمل تطاول وسباب وتجاوزات ياسمين النرش، المعروفة باسم «سيدة المطار»، وأخذه حقه فيما بعد بالقانون، عندما عاقبتها المحكمة بالسجن لتطاولها عليه وحيازتها مخدرات.

البعد الأخير الأكثر خطورة فى هذه الواقعة، هى نظرة هذا الضابط للفنانة على أنها «عاهرة»، وهى نظرة قاصرة ثقافيا، تشبه كثيرا نظرة ذلك الشيخ الذى قال ذات يوم لفنانة أخرى «كم شخصا اعتلاكى باسم الفن؟».. فالفن أيها الضابط المحترم، يمثل إحدى أدوات «القوة الناعمة» التى تمتلكها مصر، وهو ما اعتمدت عليه وزارة الخارجية لإقناع العالم بثورة 30 يونيو، وفق تصريحات المتحدث باسم الوزارة السفير أحمد أبوزيد.

القضية اذن تتخطى حدود واقعة ضرب واعتداء ضابط على فنانة.. فالمسألة أكبر من ذلك بكثير، لأنها تتعلق بنمط تفكير وثقافة بعض ضباط الشرطة، فى التعامل مع مختلف فئات المجتمع، والنظر اليهم نظرة دونية، تسمح لهم بإهانة كرامتهم والاعتداء عليهم وضرب عرض الحائط بالقانون.

هنا يأتى دور اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، الذى أصبح فى وضع لا يحسد عليه، لأن المطلوب منه ليس فقط إعداد مقترحات بمشروعات قوانين جديدة، تضبط أداء وسلوك العناصر المتجاوزة، ولكن أيضا تغيير نمط تفكير وثقافة عناصر الشرطة، وهذا يتطلب ادخال تعديلات جذرية فى مناهج التعليم التى تقدم لهم منذ دخولهم الأكاديمية، بحيث ترسخ فى أذهانهم انهم فئة من المجتمع، يؤدون وظيفة يحكمها القانون، وليس على رأسهم ريشة، تسمح لهم بإهانة كرامة الآخرين.. وقتها يمكن معالجة «الكدمات والسحجات» التى لم تلحق فقط بجسد الفنانة وغيرها من المواطنين الذين مروا بنفس التجربة، ولكن بأجساد الشرفاء والمنضبطين فى هذا الجهاز، والذين يدفعون أيضا ثمن ممارسات وسقطات أصحاب «الحالات الفردية».
التعليقات