ليس من مصلحة الغرب عزل روسيا - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس من مصلحة الغرب عزل روسيا

نشر فى : الأربعاء 4 مايو 2022 - 7:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 مايو 2022 - 7:30 م

نشرت صحيفة ذا فاينانشيال تايمز مقالا بتاريخ 22 أبريل للكاتب إيفان كراستيف تناول فيه الإحباط الأوروبى من الشعب الروسى الذى لم يتحرك لوقف عداء بوتين فى أوكرانيا، وبالتالى فقدان الأمل فى إمكانية تغيير المجتمع الروسى، ومن ثم المطالبة بعزله عن العالم، إلا أن الكاتب يرى أن الغرب ليس من مصلحته عزل روسيا موضحا أسباب ذلك... نعرض من المقال ما يلى:

بينما كان العالم يترنح من صدمة الغزو الروسى لأوكرانيا، بقى سؤال واحد دون إجابة. نيابة عن من أُعلنت الحرب؟ هل يقع غالبية الروس رهينة لطموحات بوتين الإمبريالية، أم أن المجتمع الروسى مثل بوتين؟
مال معظم الأوروبيين خلال الأيام الأولى للغزو نحو نظرية الرهائن وتوقعوا أن يعبر الروس العاديون عن معارضتهم... ولكن عندما كشفت الفظائع التى ارتكبت فى مدينة بوتشا لم يتغير الرأى العام، وأصبح واضحا أن حرب بوتين هى حرب روسية.
يبدو أن سيطرة الكرملين الكاملة على وسائل الإعلام وقمعها لم يعد كافيا لتفسير، أو تبرير، صمت المجتمع الروسى. ألم يعرف الروس حقيقة مذبحة بوتشا أم أنهم لا يريدون أن يعرفوها؟ غضب العديد من الأوروبيين من رد فعل الروس الذين أغمضوا أعينهم عن همجية جيشهم.

بعد كارثة تشيرنوبيل النووية فى عام 1986، تم إنشاء منطقة حظر حول المفاعل الذى انفجر. بالنسبة للأوروبيين والساسة الغربيين بشكل عام، أصبحت روسيا تشيرنوبيل جيوسياسية؛ موقع كارثة أخلاقية، مكان خطر يجب إغلاقه، ويحلم الكثير من الأوروبيين اليوم بعالم خال من روسيا. يعتبر الكثير من الأوروبيين أن الغرب لم يعد يستهلك الطاقة الروسية. انقطعت الاتصالات الثقافية، وحدود أوروبا محصنة. كما لو أن روسيا اختفت. حتى رجال الأعمال لا يرون فرصا جيدة للاستثمار فى السوق الروسية فى السنوات القادمة. وبينما لا يزال بوتين فى السلطة، سيبقى أمر تخفيف العقوبات بعيد المنال.
لقد تخلى الكثير من صانعى السياسة الغربيين عن الأمل فى حدوث تغيير فى روسيا، وبدأوا فى التركيز على الإجراءات التى تحد من قدرة الدولة على تحقيق أهداف سياساتها الخارجية.
أى محاولة لعزل روسيا ستكون مختلفة تماما عن سياسة الحرب الباردة التى انتهجها الغرب لاحتواء الاتحاد السوفيتى. كان الاحتواء كما تصوره جورج كينان مبنيا على افتراض أنه مع الوقت سينهار الاتحاد السوفيتى بسبب تناقضاته الداخلية. ألقت الخطابات فى الحرب الباردة اللوم على النظام وبرأت الناس. صُور الاتحاد السوفيتى على أنه سجن، ولم يُعترف بالقادة السوفييت كممثلين شرعيين لمجتمعهم.
على النقيض من هذه الفكرة عن وجود نظام فاسد وشعب مكبوت ولكن يمكن تغييره، فإن الخطاب الحالى الذى يسعى لعزل روسيا يتعامل مع الحضارة الروسية كحضارة غير قابلة للتغيير. هناك عدد لا يحصى من الأسباب الأخلاقية التى تفسر لماذا يجب عزل روسيا كما الحال مع موقع تشرنوبل، لكن التعامل مع روسيا كما لو أن كل من بها «بوتين» سيكون خطأ استراتيجيا فادحا لعدة أسباب:

أولا، ستصب هذه الفكرة فى مصلحة بوتين. فهذا يمنحه من غير قصد شرعية التحدث نيابة عن الشعب الروسى. والأسوأ من ذلك، يبرر روايته بأن الغرب لن يقبل بروسيا إلا إذا كانت ضعيفة ومهزومة. ثانيا، من المحتمل أن تكون استراتيجية العزل بمثابة هزيمة ذاتية، لأنها تهمل ما يحدث داخل روسيا، وتفترض أن فشل الروس فى الوقوف ضد الحرب يعنى أن روسيا لن تغير موقفها أبدا من الحرب. ستتغافل استراتيجية العزل حقيقة أن بعض الروس يدعمون الحرب ليس لأنهم يدعمون النظام، ولكن لأنهم يأملون بشكل غير عقلانى أن تغير الحرب من النظام الحاكم. يأمل المعارضون أن تؤدى هزيمة الجيش الروسى فى أوكرانيا إلى إسقاط بوتين. على حد تعبير مغنى موسيقى الروك الشهير، بعد أن استولى الغرب على ممتلكات الأوليجاركية، أصبح الروس أخيرا «متساوين مثلما كان الحال فى عام 1917». ثالثا، محاولة خلق عالم بدون روسيا لن ينفع لأن العالم غير الغربى لا يسعى لعزل روسيا. يرى الكثيرون أن الحرب الروسية ليست استثناء، والعديد من الدول التى دعاها بايدن إلى قمة الديمقراطية لم تفرض عقوبات على روسيا.

إن الهجوم العسكرى الروسى فى دونباس يزيد فقط من حدة الصدام بين أولئك الذين يرون أن روسيا لا يمكن إصلاحها من الناحية الأخلاقية وأولئك الذين يرون أنها واقع لا مفر منه فى السياسة العالمية. الهجوم سيجبر الرأى العام الأوروبى على الاختيار بين «حزب السلام» (أولئك الذين يصرون على أن أولوية الغرب يجب أن تكون وقف الأعمال العدائية فى أقرب وقت ممكن، حتى لو على حساب تقديم أوكرانيا لتنازلات ضخمة) و«حزب العدالة» (أولئك الذين يصرون على أن الأولوية يجب أن تكون لطرد القوات الروسية من الأراضى الأوكرانية حتى لو على حساب تطويل الحرب).
يعد اختيار تسمية غزو روسيا لأوكرانيا بين حرب بوتين وحرب الروس اختيارا استراتيجيا، ويعكس توقعات الغرب بشأن علاقاته مع روسيا فى فترة ما بعد بوتين.

تحرير وترجمة: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى هنا

التعليقات