التدريب وحده لا يكفى - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التدريب وحده لا يكفى

نشر فى : الجمعة 4 سبتمبر 2015 - 7:20 ص | آخر تحديث : الجمعة 4 سبتمبر 2015 - 7:20 ص

** حضرت ندوة نظمتها وزراة الشباب والرياضة حول مشروع قومى للناشئين، يستند على صناعة قاعدة من المواهب المنتقاة، وتأهيل اللاعبين واللاعبات للمنافسة على المستوى الأوليمبى والعالمى فى 2020 و2024 و2028.. وهذا تطور ممتاز فى إدارة الرياضة المصرية، خاصة أن البطل فى المستويات العليا يجب إعداده بوسائل علمية رفيعة، ومن أهم تلك الوسائل الانتقاء والتوجيه، بمعنى إجراء قياسات مرتبطة بالسن والطول والوزن، والسرعة العضلية، وقدرات الإدراك السمعى والبصرى، والسيطرة النفسية، والسعة الحيوية وهذا بالإضافة إلى القياسات الطبية المختلفة.. فطول الساق مثلا تعنى أنه يصلح لرياضة العدو لمسافات متوسطة، بينما تكون الساق نصف الطويلة والجذع القصير صالحتين للجرى لمسافات طويلة ومن نماذج ذلك العداء الإثيوبى هايلى جيبريلاسى فهو يملك المكونات البدنية بجانب التدريب الشاق، فكان يقطع مسافة مائتى كيلومتر عدوا فى الأسبوع لتنمية مهاراته.. وأما الرياضى الذى يتميز بطول القامة مع طول اليدين فإن ذلك يعنى أنه يصلح للرمى.. وهكذا.

** وبدون هذا السند العلمى سيظل أبطالنا على المستوى الأوليمبى أو العالمى من أبناء المصادفة أو الطفرة.. فبطل الجودو محمد رشوان كان لاعبا لكرة السلة، ثم توجه إلى الجودو وتدرب فى اليابان، فأصبح بطلا، وإيهاب عبدالرحمن ثانى العالم فى رمى الرمح كان يعشق كرة القدم، وفى يوم من الايام شارك فى منافسات رمى الرمح بالمدرسة فرمى لمسافة 40 مترا، فقال له مدربه إنك لو رميت أفضل فسوف تحصل على علامات دراسية أفضل. فبدأ يفكر فى ممارسة رياضة الرمى.. وما يبشر فى هذا المشروع أنه يمتد إلى 26 محافظة، وأن اللعبات فيه متنوعة، مع التركيز على الألعاب التى تفوق فيها الرياضيون المصريون منذ مطلع القرن العشرين..

** وكى ندرك أهمية هذا المشروع علينا أن نتوقف أمام مفهوم خاطئ يرى أن التدريب وحده يصنع الابطال، ويعلى من اللياقة البدنية، فيما ثبت علميا منذ سنوات طويلة أن اللياقة مثلا تتوقف عن التطور فى مراحل سنية معينة، بجانب أن قدرات اللياقة البدنية مرتبطة بالوراثة وبفلسفة المنافسة المبكرة.. ولذلك تغيرت سن القمة بالنسبة للسباحين، فكان الأبطال فى الستينيات يعتزلون فى سن مبكرة، الثامنة عشرة مثلا، بينما الآن يمكن أن يسبح على المستوى الأوليمبى مايكل فيلبس وهو فى الثلاثين من عمره..

** موضوع الانتقاء والتوجيه ضخم وبه تفاصيل علمية دقيقة، لكنه السبيل الوحيد لوضع خطط بعيدة المدى لصناعة الأبطال على أساس علمى.. ففى النصف الأول من هذا القرن كانت الفطرة والموهبة وقوة التحمل وراء ظهور أساطير الرياضة المصرية فى ذاك الوقت، مثل السيد نصير فى رفع الأثقال، وكان حمالا لبالات القطن، وكنا نرى أن قوة التحمل عند المصرى تفتح له طريق البطولة فى اللعبات النزالية وفى رفع الأثقال ومن أساطير الرياضة المنسية، لعله المنسى الأول، فريد سميكة بطل الغطس الفائز بميداليتين أوليمبيتين فى دورة 1928 فضية فى السلم الثابت، وبرونزية فى السلم المتحرك. وهو البطل المصرى العربى الوحيد الفائز بميداليات أوليمبية فى الغطس، واكتشفت موهبة هذا البطل من خلال ممارسته لمغامرة شهيرة يمارسها الشباب فى الإسكندرية منذ عقود طويلة وهى القفز فى بير مسعود، والخروج منه حيا، وبعضهم لم يخرج من هذه البئر.. ولكن فى حياة فريد سميكة ما يستحق أن يروى.

 

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.