العريان الذى كان - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 11:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العريان الذى كان

نشر فى : السبت 5 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 5 يناير 2013 - 8:00 ص

لم أهتم بالتصريحات المتناثرة حول عودة اليهود المصريين وتعويضاتهم، ولم أنشغل بالضجة المثارة حولها، ولا بالضجيج الذى انفجر فى أربعة أركان الحياة السياسية، وبصراحة لم آخذها مأخذ الجد، ربما توقفت قليلا، أو للدقة اندهشت، من تصريحات الإخوان، خاصة تصريحات السيد أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى، من أن صاحب هذه التصريحات لا يمثل إلا نفسه، رغم أن صاحبها هو زعيم الأغلبية فى الشورى الذى أصبح تشريعيا لا استشاريا، وهو أيضا نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الحاكم، وهو كذلك مستشار السيد الرئيس، بالإضافة إلى مكانته التاريخية فى قيادة الجماعة.. فمن يمثل الجماعة وحزبها ورئيسها إذا كان صاحب كل هذه الصفات لا يمثل إلا نفسه؟

 

بصراحة لم أهتم ولم أنشغل بهذه القصة إلا أن بطلها هو الدكتور عصام العريان، والذى كانت غالبية تصريحاته السابقة البعيدة عن اليهود تخذلنى شخصيا، لأنى كنت دائم الرهان عليه.. وبصراحة أكثر، لا أعرف لماذا هذا الحساب العسير للعريان على تصريحات اليهود، وتركوا كل ما سبق، خاصة تصريحاته العدوانية وهجومه المستمر على القوى الوطنية التى كان العريان والإخوان بين صفوفها يوما ما، وكانت هذه القوى الوطنية هى التى تتقدم الصفوف وهى التى أخذت بيده كثيرا، وهى القوى التى كانت فى طليعة المدافعين عنه وعن جماعته فى زمن كان فيه الدفاع عن الإخوان مكلفا وغاليا وبثمن يعرفه الدكتور العريان جيدا (كثيرون فقدوا وظائفهم وتعطلت مصالحهم بسب الدفاع عن العريان والتضامن معه).

 

والمشكلة، وهى شخصية فى المقام الاول، إننى أفتقد الدكتور عصام العريان الذى كان، والذى كنت أعرفه جيدا، وكنت أيضا فى طليعة المدافعين عنه قبل الثورة وأثنائها، وأتذكر جيدا كيف كنا نحتفى، إعلاميا، بخروجه من السجن وعودته للصف الوطنى، مناضلا قويا صلدا صلبا، وبالمناسبة كان هو فى مقدمة صفوف جماعته.

 

أتذكر الدكتور عصام العريان، الذى كان يبهرنى بشجاعته وانتظاره لزوار الفجر، فى وقت كان يفر فيه آخرون والآن يتقدمون الصفوف، كان العريان رجلا من طراز فريد كنا نعرف ويعرف خبر اعتقاله.. كنا نحزن ونفكر كيف نعترض وكان هو يستعد بحقيبته وكتبه لمواجهة الايام الصعبة فى ليل السجن الطويل.. فالرجل لم يفكر يوما فى عدم مواجهة أفعاله أو الهرب من تسديد ثمن مواقفه التى يعتقدها.

 

فى آخر اتصال بيننا، وكان كعادته مبادرا بالتهنئة، فى عيد الاضحية الماضى، جاء صوته كما كان «عصام العريان بتاع زمان»، تمنيت لو المكالمة طالت قليلا وعاتبته على كل ما قال وفعل بعد الثورة، لكنى اكتشفت أننى كنت أريد سماع صوته فرحا بشوشا مقبلا لا مدبرا.. على أن أكون مؤجلا للعتاب فى ظروف تسمح بالعتاب لا ظرف كهذا لا يسمح الا برد التهنئة.

 

لو كان عصام العريان الذى كان، هو الحاضر فى المشهد السياسى الآن لكانت بطولة قصة التوافق والمصالحة من نصيبه (وبالمناسبة هو قدها وقدود).. ولو ولو ولو كثيرات كانت المشاهد ستتبدل للأفضل والمشاكل ستجد حلولا.. لكن مشكلة المشاكل أن عصام العريان الذى كان.. اختفى.

 

دكتور عصام «ارجع بقى».

 

        مع خالص تحياتى من زمن مضى.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات