فيروس كورونا وعلم اجتماع الوباء - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيروس كورونا وعلم اجتماع الوباء

نشر فى : الأحد 5 أبريل 2020 - 10:40 م | آخر تحديث : الأحد 5 أبريل 2020 - 10:40 م

نشر موقع Gulf Times مقالا للكاتب Darim alــBasam... نعرض منه ما يلى:
تلقى هذه المقالة بعض الضوء على ما يجب أن يقوله علم الاجتماع بشكل عام وعلم الاجتماع الوبائى بشكل خاص حول الأوبئة الجديدة فى وقت يدعى فيه البعض أن هذا الموضوع هو اختصاص علماء الأحياء والفيروسات والأطباء. ويجادل علماء الاجتماع بأن مثل هذه الادعاءات لا أساس لها وتشكل نقصا فى فهم كيفية ارتباط الطب بالعالم الذى توجد فيه. فالأوبئة الجديدة تحد كبير لعلماء الاجتماع. وإذا واصلنا إهمال ذلك، فهناك احتمالية كبيرة بأن ننتهى بسياسات وطنية ودولية خاطئة تضر أكثر مما تنفع. لذلك فإن تركيز الانتباه والموارد على الطب يخبرنا نصف القصة عن كيفية تحديد المجتمعات للأمراض الجديدة، وكيفية استجابتها لها، وما هى العواقب.
وجد الكاتب أن أفضل إطار نظرى يمكن اعتماده لفهم الصلة الاجتماعية لوباء كورونا، هو الإطار الذى طوره فيليب سترونج قبل ثلاثين عاما، حيث اكتشف أن الوباء الناجم عن فيروس نقص المناعة HIV فى ثمانينيات القرن الماضى مرتبط بالديناميات والنظام الاجتماعى للمجتمعات. ويقترح سترونج دراسة اجتماعية للاستجابات المجتمعية للتهديد الوبائى.
من الناحية النظرية، فإن عبارة علم الاجتماع الوبائى ذات معنى مزدوج. فهى لا تشير فقط إلى علم الاجتماع الجزئى الخاص أو علم النفس الاجتماعى للأوبئة، ولكن إلى حقيقة أن المجتمع له طبيعة وبائية خاصة به، منفصلة تماما عن وباء المرض، ويمكنه أن ينتشر بسرعة من شخص لآخر مثل المرض الوبائى. وفى نفس الوقت، يمكن أن يأخذ انتشاره مجموعة متنوعة من الأشكال.
ومن أجل جعل علم الاجتماع الوبائى قابلا للتطبيق تجريبيا، نستخدم ثلاثة أنواع من الأوبئة النفسية الاجتماعية والتى ستمكننا من تحليل جائحة فيروس كورونا. (أ) وباء الخوف. (ب) وباء الوصم والأخلاق. و(ج) وباء الفعل ورد الفعل التكيفى.
من وجهة نظر علم الاجتماع الوبائى، فإن الشىء المثير للاهتمام حول هذه الأوبئة النفسية والاجتماعية الثلاثة هو أن لديهم القدرة على إصابة الجميع فى المجتمع تقريبا. ولنبدأ بذكر هذه الأوبئة النفسية والاجتماعية الثلاثة على وجه التفصيل:
(أ) وباء الخوف: فى بداية هذا الوباء وعندما كان محصورا فى مقاطعة ووهان فى الصين، كان هناك تخوف لدى الناس من احتمال وصوله إليهم. ولوباء الخوف العديد من الخصائص المميزة:
أولا: الخوف هو رد فعل للتعامل مع التهديدات المتصورة. كما أن وباء الخوف مزيج من القلق والشك. فهناك خوف من أن يصاب الشخص بالفيروس والشك فى أن يكون مصابا بالفعل به. ومع ارتفاع عدد الحالات المرضية المؤكدة، ازداد القلق العام الذى يغذيه الشعور بالعجز والضعف.
أما السمة الثانية للخوف من هذا المرض الوبائى الجديد هى الهوس بعادات جديدة مثل غسل اليدين المتكرر والحفاظ على مسافة عن الآخرين والانقطاع المفاجئ فى التعاطف الاجتماعى الذى يأتى عادة من خلال المصافحة والتقبيل.
والسمة البارزة الثالثة هى الطريقة التى يصبح فيها الخوف والشك منفصلين تماما عن واقع الوباء وذلك بسبب الدور الذى تلعبه وسائل الإعلام فى نشر الشائعات والأخبار الكاذبة.
(ب) وباء الوصم والأخلاق: إن وصمة العار وكره الأجانب جانبان للأثر المجتمعى لتفشى الأوبئة المعدية. ولفهم ذلك علينا الإشارة إلى مفهوم فى علم النفس يسمى «جهاز المناعة السلوكى». هذا المفهوم يعتمد على فكرة أن جهاز المناعة البيولوجى لدينا ليس كافيا لمساعدتنا على تجنب العدوى، لذلك يبدأ الخوف من الأشخاص المهاجرين فى الظهور. والأمثلة فى أوروبا كثيرة. فعلى سبيل المثال فى الولايات المتحدة كان هناك تصاعد فى الوصم تجاه أشخاص من أصل صينى ومن أصل آسيوى بشكل عام، وتم وصم الصين سياسيا من خلال وصف الوباء بأنه فيروس صينى.
إلا أن حركة مضادة بدأت تظهر. حيث بدأ الناشطون فى التجمع بشعارات محاربة الوباء بدلا من محاربة الناس وفهم الحقائق والعلم، فالفيروسات لا تميز بين الأشخاص. أما بالنسبة للأخلاق، فقد لاحظنا نزعة متزايدة فى الآونة الأخيرة، خاصة فى الأوساط الدينية لإعطاء معنى إلهى ومقدس لتفشى الوباء. فكان عنوان خطبة القس الإنجيلى المفضل لترامب روبرت جيفرس، هو: هل فيروس كورونا ابتلاء من الله؟ كان جوابه: إن فيروس كورونا ليس أحد الأوبئة فى [سفر الرؤيا]. ومع ذلك، حذر من أن «جميع الكوارث الطبيعية يمكن أن تعزى فى النهاية إلى الخطيئة». وفى نفس المجال، قال العالم الإسلامى الشيعى هادى المدرسرى، المقيم فى مدينة قم بإيران، فى مقطع فيديو تم تحميله على الإنترنت، أن انتشار فيروس كورونا هو بلا شك عقاب إلهى ضد الصينيين لمعاملتهم واستهزائهم وعدم احترامهم للمسلمين والإسلام.
(ج) وباء الفعل ورد الفعل التكيفى. فى جميع أنحاء العالم، ظهرت ثقافة وردود أفعال تجاه فيروس كورونا للتعامل مع القيود المفروضة على الحياة اليومية، والعزل الممل للحجر الصحى، والبقاء فى المنزل.
ففى إيران، ظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعى للعاملين بقطاع الصحة يرقصون ويغنون فى محاولة للحفاظ على معنوياتهم حيث تواجه البلاد أسوأ تفشٍّ لفيروس كورونا خارج الصين.
أما أوروبا، فقد بدأ الإيطاليون والفرنسيون المحاصرون فى شققهم يشعرون بالقيود المفروضة على حريتهم الشخصية فقاموا بفتح نوافذهم والغناء لتوليد الدعم. فمن الناحية الاجتماعية، عندما يتعلق الأمر بالبقاء تجد البشر يميلون لأن يكونوا أكثر تعاونا ومحبة للغير.
ومع ذلك، لا يزال انعدام الثقة بين الناس والحكومات فى معظم البلدان يلعب دورا فى زيادة الصعوبات التى تواجه معالجة تفشى الفيروس.. فالتفاوتات الراسخة والعميقة الجذور، والافتقار إلى المساءلة والشفافية، كلها وسائل تزيد من عدم الثقة والخوف والذعر فى حالة الأزمات.
ومع الأسف، لا يمكن التخلص من انعدام الثقة الناتج هذا بسهولة.

إعداد/ ياسمين عبداللطيف زرد.

النص الأصلى

التعليقات