إنجاز بالكيلو وخيبة بالويبة - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إنجاز بالكيلو وخيبة بالويبة

نشر فى : السبت 5 نوفمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 5 نوفمبر 2016 - 9:30 م
من المهم فى البداية أن ننبه إلى ضرورة قراءة هذا المقال بهدوء وبصوت منخفض. فهناك تحذيرات متواترة من مغبة الحديث عن الاقتصاد وما يمكن أن يتسبب فيه ذلك من تأثير سلبى على الاستقرار وسعر الدولار فى السوق المصرية، التى تعتمد إلى حد كبير على ماكينة لإطلاق الأكاذيب والشائعات. اقرأ بصوت خفيض من فضلك حتى لا تتهم بتغطيس الجنيه وإنعاش الدولار على حساب عملتك الوطنية.

تذكر أيضا أن هذا كلام صحفيين، وهو ما يعنى بالضرورة أنه غير موثوق فيه ولا يخضع لأية معايير علمية طبقا لما قاله السيد طارق عامر محافظ البنك المركزى فى مؤتمر صحفى «مازح» فيه الصحفيين قائلا: خلاص كلكم بقيتم خبراء؟!»، وانتقد المحافظ من يتحدثون فى الاقتصاد «دون أن يكون لهم إنجاز فى حياتهم»، ثم أكد بعلمية شديدة أن الشعب المصرى «سعيد بتحرير الجنيه»، وأضاف بعلمية أشد أن زوجته أيضا سعيدة لأن «الوديعة بتاعتها بتعمل فلوس».

على ذكر الإنجاز، نشرت الصحف خبر الاحتفال بإصدار كتاب لإنجازات الرئيس فى العامين الماضيين وزنه 73 كيلو جراما. صدر الكتاب عن المؤسسة ذاتها التى أصدرت منذ شهر واحد ما وصف بأنه «أضخم كتاب»، بطول متر وعرض 80 سنتيمترا، لتكريم أمير الكويت باعتباره قائد الإنسانية و«أمير العطاء».

هواة القراءة يعرفون أن الكتب تقاس بعدد صفحاتها، باستثناء كتب الإنجازات. فالوزن المقصود هنا ليس وزن الورق وإنما وزن الإنجازات التى عرف عن المصريين قياسها بالكيلو.

يشكك خبراء استراتيجيون فى دقة الوزن المعلن لكتاب الإنجازات المصرى. إنجاز ثقيل مثل حفر قناة سويس موازية للقناة الأم، بكل ما أثارته من بهجة، وحققته من فرفشة، وحرقته من دولارات، لا يمكن أن يقل عن 30 أو حتى 50 كيلوجراما. وإذا كان هذا هو الحال مع القناة فكيف يمكن حساب وزن إنجازات مثل العاصمة الجديدة، أو المليون وحدة، أو المؤتمر الاقتصادى. هذه الإنجازات الأربعة مجتمعة يتجاوز وزنها بالتأكيد 73 كيلوجراما.

ومن غرائب الإنجازات أن بعضها يزداد ثقله بقدر ما يفقد من قيمته. خذ مثلا إنجاز «تركيز» الجنيه (كمصطلح بديل عن تعويمه أو تحريره) وفقدانه لـ 45% من قيمته فى أقل من أربع وعشرين ساعة. هذا الإنجاز رغم الخسارة، يظل من أكثر الإنجازات ثقلا. وهو ما جعل أثره ملحوظا على المواطنين الذين سيرزحون من الآن فصاعدا تحت وطأته.

مازلنا نهمس حتى لا نؤثر سلبا على اقتصاد مصر. فالموضوع معقد وهناك مخاطر عديدة يمكن أن تهددنا لو ظللنا نردد مقولات ساذجة عن أهمية التخطيط التنموى، ودعم الإنتاج، ورفع الكفاءة، وتشجيع الاستثمار، وتنشيط الصادرات قبل الشروع فى تعويم الجنيه، أو تحرير سعر الصرف أو الانفتاح على آليات السوق حتى لا يضار الفقراء ومحدودو الدخل. هذا كلام جار عليه الزمن، والغلبة الآن لفكر تنمية الثروات بالمضاربة ودعمها اقتصادها بماكينة الشائعات.

فيما يتعلق بالإنجازات وتقديرها، ربما تكون هناك حاجة مع تزايدها ومع إصدارات الكتب المتتابعة للمؤسسة المعنية، لاستخدام وحدة قياس أكثر ثقلا من الكيلو جرام. والأنسب فى تقديرى هو اللجوء للوحدة المصرية القديمة المعروفة بـ«الويبة»، وهى كلمة قبطية محرفة عن المصرية القديمة.

استخدم المصريون الويبة لتقدير أوزان الحبوب. وتقدر قيمتها بكيلتين من القمح أى ما يقرب من 24 كيلو جراما. والتعبير الأشهر الذى تستخدم فيه هو «دى خيبة بالويبة».
التعليقات