العدالة للجميع - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 11:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العدالة للجميع

نشر فى : الأربعاء 6 مايو 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 مايو 2015 - 9:25 ص

قامت الدنيا ولم تقعد، بسبب تصريحات فظة، أدلت بها ممثلة ناشئة، غير موثوق فى قدراتها الفنية، قررت أن تلعب سياسة، فبدأت تستعد لترشيح نفسها فى انتخابات مجلس الشعب، عن دائرة المقطم، أو ربما فى مجلس الشورى. المهم، أنها فى معرض وعودها لأهالى منطقتها، شنت حملة تشهير بالجيران، سكان منشية ناصر والدويقة، رافضة بقوة، انتقال بعضهم، إلى شقق أقامتها الحكومة لهم، فى المقطم، بعد تكرار كوارث سقوط كتل الحجارة على بيوتهم، ومصرع الكثير منهم، وتشرد بعضهم، فى مآسٍ متكررة.

زعمت الممثلة التى فاتها قطار الفن، أن أهالى المقطم، خائفون من زحف أبناء المنشية والدويقة، البلطجية، تجار المخدرات، وأردفت بأنانية، أن سكان المقطم، أولى بهذه الشقق، واستخدمت مثلا فجا، لا يتواءم مع الحالة. قالت «جحا أولى بلحم توره»، كأن تلك الشقق، لم تبنها الحكومة، فى نوبة نزاهة، ولكن أعيان المقطم، هم الذين أقاموها.

الممثلة، هى هند عاكف، سليلة عائلة أصحاب السيرك الشهير، الذى أمتع المصريين، فى الموالد والساحات الشعبية، على طول البلاد، مقابل قروش قليلة، دفعها أبناء الوطن، أمثال إخواننا، سكان المنشية والدويقة، الذين تتنكر لهم الآن، المرشحة لمجلس الشعب.

المشكلة ليست فيما قالته هند عاكف، لكن فى الفكر الذى دفعها، بصدق وسذاجة، إلى الإدلاء بمثل تلك الترهات الخائبة، وهو فكر قائم على الاستعلاء، وإقصاء الآخر، واضطهاد المختلف، طبقيا، ونوعيا، ودينيا، وسياسيا: أصحاب الباقات البيضاء يتخوفون من أصحاب البدل الزرقاء، الذكور، يشككون فى قدرات الإناث، ويرى بعضهم أنه حتى الضحية، المغتصبة، هى الدافع للتحرش المقيت. نزعة تكفير المختلف، بل المتباين، دينيا، متواجدة بكثافة الاتهامات بالعمالة والخيانة وتنفيذ «أجندات» خارجية، باتت اللغة السائدة، سياسيا.. مجتمعنا، المتوتر الأعصاب، يستجيب فورا، لأى استفزاز، وغالبا، تأتى الاستجابة عشوائية، لا تعالج الأمور بمنطق عقلى، يهدف إلى تنوير الجوانب المظلمة عند الآخر، ولكن يأتى الرد معتمدا على انفعالات حادة، تحول المشكلة التى فى حجم رأس الدبوس، إلى خناقة حامية الوطيس، غالبا، تنتهى إلى لا شىء، سوى جعجعة فارغة.

فى حالتنا، انطلقت التعليقات هنا وهناك، ولعل الأهم، موقف المجلس المصرى لحقوق الإنسان، صاحب العديد من المواقف النزيهة، المتسمة بالشجاعة والإنصاف، لكنه، فى هذه المرة، جانبه التوفيق مرتين. الأولى حين أعلن أنه سيقوم برفع دعوى قضائية ضد الممثلة هند عاكف، لما بدر منها هى والضيف الآخر ببرنامج أسرار تحت الكوبرى الذى يقدمه الإعلامى طونى خليفة.. هنا، بدا المجلس الموقر أصغر من حجمه كثيرا، فالمسألة، أصلا، لا تتجاوز خفوت الحس الإنسانى بالآخرين، عند ممثلة محدودة الثقافة، تطمح لمنصب برلمانى مرموق.. المجلس المصرى لحقوق الإنسان، بجلالة قدره، إذا نفذ ما توعد به، سيحشر نفسه فى زمرة طالبى الشهرة من محامين يهرولون إلى المحاكم، ليرفعوا دعاوى، ضد سفاسف الأمور.

شجب المجلس رفض هند لقدوم الجيران إلى المقطم، وسبب الشجب يضع المجلس نفسه، فى خانة استعلاء الممثلة، فهو، فى معرض دفاعه عن أهالى المنشية والدويقة، يقول إن من بينهم «رجال أعمال وفنانين ورياضيين وضباطا ومهندسين وأطباء».. هنا، يطرح السؤال نفسه: لو أنه لا يوجد أصحاب هذه المهن، فى المنطقتين، فهل هذا يعنى عدم تسلم المهددين بالموت تحت حجارة المقطم لشقق بنيت من أجلهم؟.. ترى، بماذا يجيب المصرى لحقوق الإنسان.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات