من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين

نشر فى : الأربعاء 8 مارس 2023 - 9:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 مارس 2023 - 9:25 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتبة عطية أنيس، ذكرت فيه أنه إذا لم تكن هناك بيانات تعكس خلل التوازن الموجود بين الجنسين، فإن صناع القرار لن يأخذوا المشكلة بعين الاعتبار، وبالتالى لن يتم إصدار قرارات أو تخصيص موارد لمعالجة الأمر. الكاتبة تقول إن جمع البيانات ليس كافيا، بل لابد من استيعاب وفهم المشكلة وإدراك مدى تأثيرها على الظروف الاقتصادية والاجتماعية لأى بلد. دعت الكاتبة فى ختام مقالها إلى الاسترشاد بنماذج الدول الاسكندنافية ــ كالنرويج والسويد ــ وتحقيقها أفضل المؤشرات فى مجال المساواة بين المرأة والرجل.. نعرض من المقال ما يلى.
(ما يمكن قياسه يمكن إنجازه)، هذه قولة مأثورة قديمة تُنسب إلى الجميع، بدءًا من خبير الإدارة بيتر دراكر إلى الفيزيائى لورد كلفن. وبغض النظر عمن قالها أولا، فإن هذه النقطة حاسمة: إذا لم تكن هناك بيانات توضح مشكلة أو اختلالا فى التوازن، فمن غير المرجح أن يأخذه بعين الاعتبار من هم فى وضع يسمح لهم بمعالجته، ناهينا عن الأولويات. ومن غير المحتمل أن تكون الحلول هادفة أو فعالة. هذا بالتأكيد هو الحال بالنسبة للمساواة بين الجنسين.
قد يفترض المرء أنه فى عالم اليوم المتميز بالمعلومات الزائدة، يحظى صُناع السياسات ببيانات وافية يمكنهم من خلالها تشخيص المشاكل، وابتكار حلول مبتكرة، ومراقبة التنفيذ، وتعديل السياسات لتعظيم تأثيرها. ولكن حتى فى عصر البيانات الضخمة، غالبًا ما يفتقر صُناع السياسات إلى معلومات دقيقة ومتسقة ومناسبة وتمثيلية. ونتيجة لذلك، فهم يعملون مع صورة غير كاملة للظروف الاجتماعية والاقتصادية.
على سبيل المثال، تُظهر البيانات أن معدلات مشاركة المرأة فى القوى العاملة فى الهند آخذة فى الانخفاض منذ عام 2005. ووفقًا لمعهد ماكينزى العالمى، قد يؤدى عكس هذا الاتجاه وتحقيق المساواة بين الجنسين إلى إضافة 770 مليار دولار إلى الناتج المحلى الإجمالى للهند بحلول عام 2025. ومع ذلك، يجب أن تستند الحلول الفعالة إلى بيانات شاملة تُجسد العلاقة المعقدة بين مشاركة المرأة فى القوى العاملة وبين مختلف القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وسوف تحتاج إلى ربط المساواة بين الجنسين بنتائج التنمية الأوسع نطاقًا.
وفى أى جهد يرمى إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، تُشكل البيانات المُصنفة حسب نوع الجنس والإبلاغ عن القضايا التى تؤثر أساسًا على النساء والفتيات أهمية بالغة. مثلا يجب النظر إلى قضايا العنف ضد المرأة، فوفقًا للبنك الدولى، تعرضت واحدة من كل ثلاث فتيات أو نساء تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا للعنف الجسدى و/أو الجنسى.
وكما وثقت منصة «Data2x»، فقد أدى جمع البيانات حول قضايا العنف ضد الأولاد والبنات فى تنزانيا إلى تدخلات حكومية فعالة، والتى أحدثت تغييرًا طويل الأمد ومتعدد القطاعات. وعلى نحو مماثل، أفاد البنك الدولى أن فيتنام استخدمت بيانات مُستمدة من الدراسات الاستقصائية الديمغرافية والصحية لتعزيز حماية النساء والفتيات، مثل اعتماد قوانين تحظر العنف المنزلى.
وبالإضافة إلى توجيه السياسات، أثارت هذه البيانات جدلا فى فيتنام بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعى، مما أدى إلى وضع الاستراتيجية الوطنية للمساواة بين الجنسين. تتمتع النساء اللائى يواجهن العنف فى منازلهن الآن بفرص أكبر للحصول على خدمات المشورة والصحة والخدمات القانونية وخدمات الإيواء.
• • •
إنتاج البيانات الشاملة ليس بالمهمة السهلة. إن أى خطأ إحصائى ضئيل أو تلميح إلى تحيز فى القياس، فى أى مرحلة من مراحل الجمع والإنتاج، يمكن أن يجعل البيانات غير تمثيلية، كما يُمكن أن يُسفر التحيز من قبل المُشاركين، الذين غالبًا ما يكونون رجالًا فى المقام الأول، عن نتيجة مماثلة.
قبل اندلاع أزمة جائحة فيروس كوفيد 19، اعتمد العالم على نطاق واسع الطريقة الأكثر تمثيلا لجمع بيانات الأسر المعيشية: الدراسات الاستقصائية. ومع ذلك، فرضت الجائحة التحول نحو الاستطلاعات القائمة على الهاتف، والتى من غير المرجح أن تمثل المرأة والفئات الأخرى ذات الوصول المحدود إلى الهواتف المحمولة. وقد تمت الإشارة إلى ضعف القيادة، وانعدام الإرادة السياسية، وسوء تخصيص الموارد، باعتبارها عقبات حاسمة أمام جمع الإحصاءات المُصنفة حسب نوع الجنس.
وتتمثل إحدى الطرق الفعالة للتغلب على هذه القيود فى تحسين تكامل البيانات على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. علاوة على ذلك، يجب بذل المزيد من الجهود لتعزيز قدرة المرأة على المساهمة واستخدام البيانات. يمكن أن تُساعد القيادة النسائية المتزايدة داخل منظمات البيانات المفتوحة فى تحفيز التقدم نحو أساليب وتوجهات جديدة وأكثر شمولا فى جمع البيانات.
بطبيعة الحال، ينبغى أن تسترشد هذه الجهود بأفضل الممارسات القائمة. على سبيل المثال، تعمل النرويج على نشر مؤشرات وطنية لتحقيق المساواة بين الجنسين منذ عام 2008 ــ بما فى ذلك التوزيع بين الجنسين فى إجمالى الدخل، والقوى العاملة، والأعمال التجارية، والقطاع العام، والتعليم، والقيادة. وتتطلب السويد، من جانبها، أن تُوفر جميع الوكالات العامة الإحصاءات المُصنفة حسب نوع الجنس فى تقاريرها السنوية. هذه نماذج تستحق الاحتذاء.
كما يمكن أن تُحدث مشاركة المجتمع المدنى والمنظمات المتعددة الأطراف فارقًا كبيرًا. وفى إطار مشروع تعزيز الإحصاءات الجندرية، يقوم البنك الدولى بالفعل ــ بدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس ــ بتقديم المساعدة الفنية إلى 12 دولة من بلدان المؤسسة الإنمائية الدولية، من أجل تحسين نطاق ونوعية إحصاءاتها المتعلقة بنوع الجنس. ومن الممكن أن يقطع تكرار هذه المبادرة وتوسيع نطاقها شوطًا طويلا نحو تمكين الحكومات من اتخاذ قرارات سياسية قائمة على الأدلة من شأنها أن تعمل على تحسين حياة مواطنيها ومواطناتها وسبل عيشهم.
• • •
من المؤكد أن جمع وتحليل البيانات لا يُعد سوى بداية. وهناك حاجة أيضا إلى تحسين نشر واستيعاب البيانات المتعلقة بنوع الجنس من أجل صنع السياسات. يُعد تحديد المؤشرات المفيدة والمتسقة أمرًا بالغ الأهمية، حيث يسمح بالمقارنة بين المناطق وتقييم التقدم المُحرز مع مرور الوقت.
وأخيرًا، لا يجب التغاضى عن دور البيانات فى تعزيز المساءلة وتحسين الإدارة. ومثلما تُمكننا البيانات عالية الجودة والشاملة والدقيقة من وضع سياسات مستهدفة وتخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة، فإنها تمكننا أيضًا من قياس تأثير تلك السياسات وأداء الحكومة.
سيتطلب تحسين جمع البيانات بعض الاستثمار. ولكن من خلال تمكين سياسات أكثر كفاءة وأفضل تصميمًا وأكثر فعالية من حيث التكلفة، فإن هذا الاستثمار كفيل فى نهاية المطاف بتخفيف الضغوط المفروضة على الميزانيات الحكومية، ومضاعفة الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والإنمائية، بينما سوف تحرز البلدان تقدمًا نحو تحقيق المساواة بين الجنسين.
النص الأصلى:

التعليقات