سلمان.. والجماعة العجوز! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سلمان.. والجماعة العجوز!

نشر فى : الجمعة 8 أبريل 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : السبت 9 أبريل 2016 - 9:58 ص
قبل أيام قليلة من وصول العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيزإلى القاهرة، سربت جماعة «الإخوان»، لوسائل الإعلام القريبة منها، رسالة من اعضائها الموجودين فى السجون المصرية، ناشدوا فيها خادم الحرمين، إلغاء زيارته إلى مصر«حتى لا تكون قبلة حياة للنظام السياسى الحالى»، كما تضمنت الرسالة، وصلة نفاق سياسى رخيص، لخطب ود الملك جاء فيها: «لقد شاء الله سبحانه أن تحملوا عبء المسئولية، فاستبشر الناس خيرا ووجدنا فى قراراتكم، ما يدعم تصحيح المسار، ليس فى مصر وحدها، بل فى العالم العربى والإسلامى».

لاتزال جماعة «الإخوان»، تعيش حالة من المراهقة السياسية المتأخرة، رغم بلوغها من العمر 88 عاما، وضاعف من الأعراض الجانبية لهذه الحالة «الميئوس منها»، خروجها السريع من السلطة، بعدما اكتشف الشعب افتقادها للنضج السياسى، الذى ينعكس حتى وقتنا هذا، على مواقفها المتقلبة وتقديراتها الخاطئة للأمور، إذ إنها لو كلفت نفسها عناء النظر فقط، إلى مدة زيارة العاهل السعودى للقاهرة والبالغة خمسة أيام، وبدون التركيز على الاتفاقات التى تم توقيعها والمقدرة بمليارات الدولارات، لامتنعت تماما عن «مناشدة إلغاء الزيارة»، وحفظت ماء وجهها، وجنبت نفسها مزيدا من النقمة الشعبية.

ما لا تدركه «الجماعة العجوز»، أن العلاقات بين القاهرة والرياض، أكبر من أن تتأثر بمناشدة غير واعية لفصيل سياسى، يحاول ممارسة جميع أشكال الضغوط على الدولة المصرية، للعودة مرة أخرى إلى المشهد، مستغلا بعض الاختلافات فى وجهات النظر بين البلدين، إزاء التعاطى مع ملفات إقليمية، مثل سوريا وتركيا وليبيا وإيران ولبنان، ومتوهما أن بإمكانه الاستفادة من تلك الاختلافات، وتحويلها إلى خلافات عميقة تباعد المسافة بين القطبين العربيين.

فالوقع يقول إن الاشتباك السعودى مع التطورات على الساحة المصرية، كان موجودا دائما فى خلفية المشهد منذ زمن طويل، وظهر بوضوح أكثر فى ثورة 30 يونيو، حيث وقفت الرياض ــ فى عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ــ قلبا وقالبا مع مصر، وأعلنت عن دعمها السياسى والاقتصادى المطلق للقاهرة، وساهمت فى إبعاد شبح العزلة الدولية الذى كان يتهددها، ايمانا منها بأن وجود «الإخوان» فى الحكم، قنبلة موقوتة لن تتوقف الشظايا الناجمة عن انفجارها عند حدود مصر، لكنها ستصيب «قلب الخليج».

هذا التقارب الكبير بين الدولتين، هبت عليه رياح الفتور تدريجيا منذ مجىء الملك سلمان إلى الحكم، لأن المشهد وقتها كان شديد التعقيد.. فأعاصير الأزمات تشكلت بقوة فى المنطقة، وخارطة الإقليم أمسكت فيها النار من كل اتجاه، والتمدد الشيعى ازداد عنفا بفعل الانكفاء الأمريكى، ووصل لدرجة نقل الحرائق إلى حدود السعودية، التى شعرت بتهديد غير مسبق، فقررت الاعتماد على نفسها بقوة السلاح، وسعت إلى تشكيل «محور سنى»، لا يستثنى تركيا وقطر والإخوان وحماس، من أجل مواجهة النفوذ المتعاظم لإيران وحلفائها فى المنطقة، وهو ما أثار حساسية لدى القاهرة، التى لم يتم التنسيق معها بالشكل الكافى، بخصوص الانفتاح على تلك الأطراف التى تضعها مصر فى «خانة الأعداء».

الآن ومع وجود إرهاصات للحل السياسى فى اليمن وسوريا، وإعلان وزير الخارجية السعودى عادل الجبير، عن «عدم ممانعة بلاده فى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع إيران»، فإنه ينبغى ان تكون زيارة الملك سلمان الحالية للقاهرة، مقدمة لإزالة «سحابة الفتور» من سماء العلاقات، حتى لا تستغلها دول وجماعات مراهقة سياسيا، فى بث الفرقة بين البلدين، كما يجب أن تكون هذه الزيارة أيضا، منطلقا لحقبة جديدة من التحالف القائم على مراعاة مصالح كل طرف.. تحالف ينبذ «صراع الأدوار» ويشجع على تكامله.. يعالج مباعث القلق ولا يعمقها.. يسمح بإيجاد مقاربات مختلفة لمعالجة أزمات المنطقة، ويقبل بالاختلاف الذى لا يصل إلى الخلاف، حتى نستعيد التوزان المفقود فى العالم العربى.
التعليقات