حالة أيمن أبوشوشة! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حالة أيمن أبوشوشة!

نشر فى : السبت 8 يونيو 2019 - 10:20 م | آخر تحديث : السبت 8 يونيو 2019 - 10:20 م

لا أستطيع أن أفهم أو أتصور قيام مواطن مصرى طبيعى وسوى، بالتضامن مع داعش وجرائمها ضد المصريين.
أؤمن بوجود أكثر من وجهة نظر فى كل الموضوعات تقريبا، وأرفض الإقصاء أو التمترس خلف وجهة نظر واحدة طالما كان النقاش بعيدا عن العنف والقوة والارهاب. لكن فيما يتعلق بما ترتكبه المنظمات الإرهابية، فإن «الحلال بين والحرام بين» ولا أرى أمورا مشتبهات بينهما.
أكتب هذه الكلمات تعليقا على ما كتبه المواطن المصرى ويدعى أيمن أشوشة من محافظة الإسكندرية ويعمل فى الشارقة بالإمارات.
فجر يوم العيد هاجم الإرهابيون كمينا للشرطة فى غرب العريش، واستشهد نقيب وأمين شرطة وستة من الجنود. وحينما نقل موقع الجزيرة القطرى الخبر، قام أبوشوشة بمشاركته ووضعه على صفحته، وكتب أعلاه تعليقا شامتا يقول: «دى أحلى عيدية دى ولا إيه؟!».
مواطن مصرى آخر، أبلغ السلطات الإماراتية التى تأكدت أولا من الأمر، وقامت بحظر حسابه على الفيسبوك، وقالت تقارير إخبارية لاحقة، إنها ستقوم بترحيله من الإمارات وتسليمه للحكومة المصرية.
مرة أخرى أفهم وأقدر وأؤيد وجود وجهات نظر مختلفة، فتلك هى سنة الحياة. أفهم أن يختلف أى شخص مع الحكومة وسياساتها فى أى مجال من المجالات. أفهم أن نختلف على نوع التنمية أو الأولويات، وهل نركز على البنية التحتية من طرق وكبارى ومدن جديدة، أم الاستثمار المباشرة ببناء المصانع الجديدة أو بتشغيل المصانع المتوقفة.
لكن ما لا يمكن تفهمه هو أن أتعاطف مع أو أؤيد وأشجع فصيلا أو تنظيما أو جماعة إرهابية، لا يوجد لها برنامج إلا القتل والتدمير والتكفير والأكثر سوءا أن اشمت فى شرطة وجيش بلادى، حينما يتمكن هذا التنظيم من استهدافهم بهذه العملية أو تلك!!
حتى فترة قليلة مضت لم أكن أتصور أن يعلن أى شخص ــ حتى لو كان متطرفا ــ التعاطف والتأييد العلنى لتنظيمات مثل داعش والنصرة، وأى تنظيم يؤمن بتكفير المسلمين وقتالهم باسم الدين. لكن نموذج أبوشوشة لخبط كل الحسابات المنطقية فى رأسى!!
كيف يمكن لمواطن مصرى يعمل فى الإمارات أن يشمت بمثل هذه الطريقة فى شرطة بلده؟!
المنطق يقول إن الإمارات تحارب التطرف والمتطرفين بلا هوادة، وتتضامن مع مصر بشكل كامل فى هذا الملف، وبالتالى، فمن غير المتوقع أن يقوم مصرى أو أى أجنبى مقيم فى الإمارات بتأييد عملية إرهابية، والتضامن مع أصحابها، والشماتة فى جيش وشرطة بلاده!
حينما يفعل أبوشوشة ذلك، فإما أنه خرج عن كل قواعد المنطق، أو أن أنصار ومؤيدى هذه التنظيمات قد بلغوا درجة غير مسبوقة من الجرأة والسفور!
مرة أخرى لا يمكن لعقل سوى أن يستوعب قيام مواطن بالشماتة فى قوات أمن بلده، وبالتالى فعلينا أن نصل لجوهر المسألة، ونقول إن هذا الفكر المتطرف والإرهابى هو أكبر فيروس أصيب به العالم العربى والإسلامى فى العقود الأخيرة. هذا التطرف والإرهاب أخطر ملايين المرات من العدو الاستراتيجى للأمة العربية وهو إسرائيل. الكيان الصهيونى عدو ظاهر ومعروف لنا، حتى لو اضطرتنا الظروف القاهرة للتهدئة معه مؤقتا. لكن فيروس التطرف حقق لإسرائيل أهدافا استراتيجية لم تستطع تحقيقها منذ بدء الصراع عام ١٩٤٨. هى لم تطلق رصاصة واحدة، فى حين أن هؤلاء المتطرفين حققوا لها فى فترة قصيرة جدا ما لم تحلم به منذ عقود.
ولأنهم فعلا «كنز استراتيجى» لها، يمكننا أن نفهم لماذا ساعدت إسرائيل العديد من التنظيمات المتطرفة فى سوريا، حتى تستمر فى استنزاف الدولة السورية، وتديم أمد الصراع.
وحتى لا يعتقد البعض أننا نروج لنظرية المؤامرة، فلم يكن ممكنا للمتطرفين أن يفعلوا ما فعلوا، أو تستفيد إسرائيل منهم بهذه الطريقة، لولا الجهل والتخلف والفقر والاستبداد من حكومات وانظمة المنطقة طوال العقود الماضية، وجعل بعض المحبطين واليائسين والمعدمين، يرون فيهم نافذة أمل يمكنها أن تنير لهم الظلام الذين يعيشون فيه!!
علينا أن نلوم أنفسنا ايضا، ونحن نلوم الآخرين، حينما نجد حالات مثل أيمن أبوشوشة وأمثاله.
الجهاد الحقيقى، بعد مواجهة هؤلاء أمنيا، أن نبحث ونصل إلى طريقة لمنع المزيد من العرب والمسلمين خصوصا الشباب من الانضمام إليهم.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي