عندما ارتدى نجوم التوك شو عباءة (المصريون) - خالد محمود - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما ارتدى نجوم التوك شو عباءة (المصريون)

نشر فى : الأحد 9 يناير 2011 - 9:40 ص | آخر تحديث : الأحد 9 يناير 2011 - 9:40 ص

 مساء الخميس الماضى أعلن الإعلام المرئى عن تعقله.. أو بالمعنى الصريح «عقل» كشف عن لحظة نضج حقيقى.. وفكر واعٍ.. تركت برامج الفضائيات المصرية الأعلى ذيوعا وانتشارا واستحواذا الآن ــ برامج التوك شو ــ ساحة المراهقة، التى عاشت فيها طوال الفترة الماضية.. لتصل لمحطة بقيمة الرسالة الأهم وهى مصلحة الوطن.

كانت السمة الغالبة أحيانا لفقرات التوك شو هى الضغط على مواطن الألم فى بلد تزداد جراحه يوما بعد يوم.. وكشف العورات أمام العالم كله دون ستر.. نسيت هذه البرامج أنها تبث فضائيا.. وبصراحة كانت الجرعة شديدة والصورة حالكة السواد.. وهو قطعا ما انعكس على حال المتلقى.. المواطن الذى أصبح يتنفس على ذكريات أيام مضت.

الخميس الماضى تبدلت الرؤية وظهر عبر نجوم نفس البرامج وجه آخر لمصر.. وكان القرار صائبا عندما وقفت برامج التوك شو وقفة رجل واحد تحت شعار «المصريون»، وكأنهم لم يكونوا مصريين قبل ذلك.. جلس الجميع فى ساحة الكاتدرائية بالعباسية لحظة الاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة ليكونوا على قدر المسئولية، وبإعداد واعٍ وسيناريو ذكى جلس مذيعو التوك شو يتحاورون بعقل وبروح إعلامية جديدة ومسئولة عن حال مصر وحاضرها ومستقبلها.. رصدوا مشاعر إنسانية أدمعت لحادث الإسكندرية المفجع، كشفوا عن خطاب يدعو للمحبة والسلام والوئام يدعو لتقرير مصير.. هدأت النبرة الصارخة والصادمة التى كانت دائما ما تكشف عن وجه قبيح للشارع المصرى لسلوك مواطنيه ومسئوليه.

جاء سلوك نجوم التوك شو معبرا عن أمل فى أن يتخطى هذا الوطن السحابة القاتمة، التى غطت سماءه وكست أرضه إثر فعلة نكراء، وتراجعوا وتناسوا فى هذا اليوم مبدأ اليأس والبؤس الذى صال وجال حلقاتهم طوال شهور.

تبدلت كوابيسهم أحلاما، ذبلت شكوكهم فى وطن آمن ونبتت بدلا منها بذور ومواطن جديد ووطن للجميع حتى الأغنيات، التى صاحبت الإرسال الموحد للفضائيات المصرية كانت تحمل بداخلها لحنا شجيا يعلى من شأن الإنسانية وقيمة الحب بين جميع الأطياف والأديان.

وتحت شعار «المصريون» جاءت برقيات التعازى من القلب.. انفجرت مشاعر التهانى بعيد الميلاد من كلمات صادقة، فقط كنت أتمنى ألا تعكس الصورة الدائمة لشعار «المصريون» عبر الإرسال لقطات لصور نجوم التوك شو فقط، كنت أتمنى أن تضم نماذج متعددة لكل أطياف الشعب الذى توحد على قلب رجل واحد.. ففى هذه اللحظة كان ينبغى تجنب الشعور بالذات والزهو بالنفس وبما يفعله المذيعون جانبا، فهم ليسوا نجوم الحدث بل صناعه، وأتمنى أيضا أن ينعكس فكر وروح ورؤية الحدث على عقل مذيعى وصناع برامج التوك شو فى الفترة المقبلة، وأن يعوا تماما أن الوطن بحاجة لمن يضمد جراحه، التى عمقتها سياسات وتصرفات وسلوكيات وقوانين ومناخ وبيئة فرضتها أيام غبرة.. وطن بحاجة لأن يعيش قبل أن ينال اليأس جسده ويطغى الشيب عقله.. فهل يتمسك نجوم التوك شو بهذه اللحظة التى ارتدوا فيها عباءة «المصريون».

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات