وشهد شاهد من أهل المشير - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وشهد شاهد من أهل المشير

نشر فى : الثلاثاء 10 يناير 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 10 يناير 2012 - 9:00 ص

نشكر الظروف، وقبلها أهل إمبابة الذين أخرجوا السيد أحمد شفيق الرئيس غير المحتمل للرئاسة من الحفل الانتخابى الذى أقامه منذ أيام لإقناع سكان المنطقة بجدارته بالمنصب الرفيع كأول رئيس بعد الثورة. فقد عبر عدد من الشباب بكل الطرق الممكنة قولا وفعلا عن عدم ترحيبهم بوجوده وسط حيهم الذى كان موقعا مهما من مواقع الثورة فى أيامها الأولى. والذين لم تحتمل ضمائرهم أن يشاهدوه وهو يعتلى المنصة مثلما كان يعتلى كرسى الوزارة أثناء ما كان الشهداء يتساقطون فى كل شوارع مصر. وهو ما اضطره إلى مغادرة السرادق الانتخابى قبل انتهاء العرس الرئاسى. نشكر هؤلاء المواطنين العاديين الذين اصطلح على تسميتهم بالثوار وهم الذين أخرجوا «الرئيس غير المحتمل» بطريقة غير لائقة لأن هذا استدعى أن يذهب عدد من المواطنين إياهم الذى اصطلح على تسميتهم بـ «الشرفاء» تمييزا عن غيرهم من المواطنين إلى بيته كرد اعتبار له.

 

الشكر واجب لكل هؤلاء لأن زيارة الاعتذار تلك كانت سببا فى أن يعترف السيد شفيق أمامهم بأن العصابة التى كانت تحكم مصر (يقصد بعض الوزراء فى حكومة نظيف) تلك الحكومة التى كان للسيد شفيق مكانة مرموقة فيها برتبة وزير طيران كانت تبيع مصانع القطاع العام بطريقة «الشروة». وأكد فى مجال دردشته مع المواطنين الشرفاء أنه كان يقف لهم كاللقمة فى الزور رافضا بيع المصانع بهذه الطريقة دفعة واحدة. يعنى السيد شفيق الذى كان وزيرا للطيران ويرى فى نفسه الآن أنه الأجدر بمنصب رئيس الجمهورية كان يرى أن مصانع القطاع العام تباع دفعة واحدة بالشروة ولم يحرك ساكنا، ولم يتفوه بكلمة أو يخرج ليسجل اعتراضا على هذه المهزلة. وهى الاستهانة، بل والخيانة فى حق من حقوق الأجيال المقبلة، وهى إهدار الثروة القومية ولكنه فضل البقاء فى منصبه صامتا.

 

وياليت الأمر وقف عند حد سكوته فقط، ولكنه أقنع أيضا المشير حسين طنطاوى وقت أن كان وزيرا للدفاع بالعدول عن فكرته بالاستقالة لاعتراضه على بعض السياسات الاقتصادية طبقا لحصيلة الدردشة التى فتح السيد شفيق فيها قلبه لهؤلاء الذين يحملون وحدهم دون غيرهم صفة الشرف. الذين هم من فرط الشرف لم يسألوه أين هى اللقمة، وفى زور مين وقفت؟. إذا كان اعتراضه هو والسيد المشير على السياسات الاقتصادية أسفر عن بيع أكثر من نصف أفضل وأكبر شركات القطاع العام فى مصر من أسمنت، وحديد، ونسيج، وكتان، وتجارة داخلية وخارجية ومحالج، وفنادق. كما لم يخطر على بال أحد من المواطنين من أصحاب الشرف الذين ذهبوا اليه فى بيته يطيبون خاطره مما فعله هؤلاء الذين عكروا مزاجه بالحديث عن حق الشهداء لم يخطر على بالهم أن يسألوه كيف سيصبح شفيق رئيسا للجمهورية، وهو الذى صمت وأقنع غيره بالصمت على ضياع ثروة مصر. حين كان الكلام بل، والصراخ هو شيم الرجال فى ذلك الوقت. وما أكثر من فعلوه.

 

ومن حسن الطالع أن حكايات السيد شفيق مع المواطنين الشرفاء حول فساد بيع القطاع العام جاءت متوافقة تماما مع أحكام القضاء الإدارى الصادرة خلال الفترة الماضية. والتى أشارت إلى مفاسد لا حصر لها فى عمليات البيع. والتى استدعت من القاضى الجليل المستشار حمدى ياسين الذى أصدر الحكم ببطلان عقود بيع شركات طنطا للكتان، والمراجل البخارية، وغزل شبين، وقبلها عمر أفندى استدعت منه أن يسجل أن الحكم يعد بمثابة بلاغ للنيابة العامة، أو لأى جهة تحقيق قضائية. صارخا فى حيثياته بضرورة فتح تحقيق فيما جاء فى ثنايا الحكم حتى يتم محاسبة كل المسئولين عن إهدار المال العام. ولكن وبعد مرور شهور على الحكم لم يلتفت أحد لا النيابة، ولا أى أجهزة رقابية وكأن الأمر لايعنيهم. وكأن الحياة بعد ثورة يناير هى ذاتها قبلها.

 

 وياليت الأمر وقف عند حد أن كل أولى الأمر فى هذا البلد أغمضوا أعينهم عما قاله القاضى، وكفوا أذاهم عنا، وعن ثرواتنا التى نملكها جميعا وحافظت عليها الأجيال السابقة. ولكن بكل تبجح قرروا أن يرفضوا الحكم الذى كشف الفساد. وأقاموا طعنا بعدم رغبتهم فى استرداد الشركات. أى أنهم لم يكتفوا بالسكوت عن محاسبة المفسد الذى أهدر ثروة هذا البلد، ولكن على العكس أرادوا أن يتستروا عليه. لأن عدم استرداد الشركات معناه غلق ملف الخصخصة، وتبرئة المفسدين دون قصاص لحق أكثر من نصف مليون عامل أصبحوا عاطلين عن العمل بعد خصخصة شركاتهم.

 

وربما تكون المصادفة هى الأفضل من ألف ميعاد حيث أتت الزيارة الميمونة لسكان إمبابة «الشرفاء» والدردشة حول فساد العصابة فى نفس اليوم الذى رفع فيه خالد على مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية دعوى قضائية ضد المشير طنطاوى، ورئيس الوزراء، ووزير العدل، والنائب العام لإلزامهم بندب قضاة للتحقيق فى وقائع فساد الخصخصة والتى كشفت عنها أحكام القضاء الإدارى. التى وصفت الخصخصة بأنه أكبر عملية تخريب للاقتصاد المصرى. وبأنها تمس سيادة الوطن. لأن الحكم أشار إلى أن الخصخصة جاءت بتدخل سافر فى شئون البلاد الاقتصادية. حيث ربطت الولايات المتحدة الأمريكية فى اتفاقية منحة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع مصر بضرورة بيع القطاع العام.

 

وكأن هذه الدعوى جاءت كفرصة سانحة أمام السيد شفيق بعد أن تذكر كيف كان لقمة فى زور العصابة فى أيام المخلوع لأن يذهب إلى المشير طنطاوى ويذكره بتلك الأيام كان يريد أن يستقيل فيها اعتراضا على السياسات الاقتصادية والتى كان أبرزها الخصخصة. ويقول له حان وقت إصلاح ما أفسدته العصابة. وإذا كان السيد شفيق مشغولا بحملته الرئاسية فلماذا لا يسارع المشير طنطاوى وحده، بعد أن ذكرته شهادة السيد شفيق بأفعال العصابة التى كانت حاكمة البلاد، إلى فتح التحقيق فى ملف فساد الخصخصة تطبيقا لحكم المحكمة. ووقتها فقط لا أحد سوف يصدق من يقول إن العصابة لسه حاكمه.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات