تحرك عربي خجول لتطهير مستشفيات غزة من الإشعاع النووي - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأحد 6 أكتوبر 2024 5:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحرك عربي خجول لتطهير مستشفيات غزة من الإشعاع النووي

نشر فى : الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 - 7:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 - 7:35 م

‎فى 17 يوليو الماضى نشرت مقالا فى هذه المساحة تحت عنوان «تدمير مستشفيات غزة وخطر الإشعاع النووى» ننددت فيه بصمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية والدول العربية عن واقع سلامة وأمن المصادر الطبية المشعة نوويا فى المستشفيات التى دمرها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة منذ بدء العدوان، والتى يصل عددها إلى 24 مستشفى تضم 27 مصدرًا مشعًا.. فلم تطلب أى من الجهات السابقة عقد اجتماع طارئ لمجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما فعلت أوكرانيا فى 12 يوليو الماضى التى دعت لاجتماع طارئ لهذا المجلس بسبب هجوم وقع فى الثامن من نفس الشهر على مستشفى واحد فى كييف لا يضم مصادر مشعة. وقد سبق هذا الاجتماع الطارئ عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن لمناقشة نفس الموضوع.
***
‎بعد هذا التحرك الأوكرانى المثير للإعجاب لانتزاع إدانة دولية ضد روسيا بعد إصابة مستشفى واحد فيها تصورت ــ وربما غيرى ــ تحركا فلسطينيا وعربيا لإلزام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعمل على تحديد مواقع العناصر الطبية المشعة وتأمينها عبر الدعوة لعقد اجتماع طارئ لمجلس المحافظين على غرار أوكرانيا، وعندما لم تحدث تلك الدعوة تصورت أن التحرك العربى سيحدث فى أول اجتماع عادى لهذا المجلس لمطالبة الوكالة بالتدخل لإنقاذ الشعب الفلسطينى من خطر الإشعاع النووى. ‎الذى حصل أن مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأ اجتماعه الفصلى العادى الإثنين الماضى، وتقدمت المجموعة العربية ببيان تحت البند 3 من جدول الأعمال تحت عنوان: «الأمان النووى والإشعاعى ــ دورة سبتمبر 2024». وفى نهاية هذا البيان المؤلف من خمس صفحات تذكرت المجموعة العربية أخيرا موضوع خطر الإشعاع فى مستشفيات غزة المدمرة، إذ قال البيان بالنص: «بخصوص تقرير الأمن النووى تود المجموعة العربية الإشارة إلى أن 24 منشأة صحية على الأقل قد خرجت من الخدمة أو دمرت بالكامل فى قطاع غزة، وجميعها تحتوى على أجهزة طبية ذات مصادر مشعة؛ حيث تشير التقديرات إلى أنها لا تقل عن 27 مصدرا مشعا علما بأن عددا من هذه الأجهزة تم التبرع به من قبل المانحين. ‎وإذ تدق المجموعة العربية ناقوس الخطر بشأن سلامة وأمن المصادر المشعة الطبية فى غزة فإنها تدعو الوكالة للمساعدة، فى إطار ولايتها فى تحديد مواقع جميع المصادر المشعة الطبية فى منشآت الطب النووى التى تعرضت للقصف فى فلسطين والتى تشمل قطاع غزة».
*** ‎
هذا هو كل ما استطاعت المجموعة العربية فى منظمات الأمم المتحدة فى فيينا تقديمه للتنديد بخطر الإشعاع النووى الناتج عن المصادر الطبية المشعة فى المستشفيات المدمرة فى غزة.. فقرة فى ذيل بيان، والذى إذا قارنته بالتحرك الأوكرانى سواء فى مجلس الأمن أو عبر عقد اجتماع طارئ كامل لمجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنافشة تعرض مستشفى واحد للقصف وأكدت الوكالة أن أوكرانيا أبلغتها بعدم وجود مصادر مشعة فيه، حتما ستشعر بالخجل مثلى خصوصا لو كنت صحفيا تغطى أنشطة هذه الوكالة من مقرها فى فيينا. لكن ما يثير استغرابى الشديد هو صمت حكومة حماس المطبق عن هذه القضية، فلم يضبط أى مسئول فى وزارة الصحة التابعة للحركة بالتصريح أو التلميح بشأن هذا الخطر الذى يهدد سكان قطاع!!!. ‎وهنا أجدنى مضطرا للتذكير بخطورة المصادر المشعة الطبية التالفة عبر استحضار ما جرى فى حادثة جويانيا فى البرازيل عام 1987، التى تعد أسوأ حادثة فى العالم تتعلق بمصدر مشع. فقد وصلت كمية من كلوريد السيزيوم المشع إلى ساحة الخردة دون أن يتم اكتشافها لأكثر من أسبوعين. وترتب على ذلك أنه جرى مراقبة أكثر من 112 ألف شخص، وتبين أن حوالى 250 شخصًا منهم ملوثون نتيجة التعامل مع المصدر المشع، وتوفى أربعة فى الشهر الأول. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إرث غويانيا بالإضافة إلى الخسائر البشرية، هو 3000 متر مكعب من النفايات الملوثة، مدفونة فى مستودع قريب من السطح على مشارف المدينة، حيث يجب عزلها لمدة 300 سنة مقبلة.
***
‎فى النهاية نقول إن أمام المجموعة العربية فرصة كبيرة لاستصدار قرار يلزم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتحديد مواقع جميع المصادر المشعة الطبية فى منشآت الطب النووى التى تعرضت للقصف فى فلسطين والتى تشمل قطاع غزة وتأمينها، خلال انعقاد الدورة العادية الثامنة والستين للمؤتمر العام للوكالة فى الفترة من 16 إلى 20 سبتمبر الجارى فى فيينا، والذى سوف يشارك فيه لفيف من كبار المسئولين والممثلين من الدول الأعضاء فى الوكالة البالغ عددها 177 دولة. ‎يحتاج الأمر فقط لإرادة.. وإلى قدرة على الحشد، عوضا عن تلاوة البيانات التى تتوارثها الأجيال المتعاقبة حتى من دون لمسة إبداع.

التعليقات