بين يدى منتدى مصر الحضرى الأول - وائل زكى - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 6:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين يدى منتدى مصر الحضرى الأول

نشر فى : الخميس 11 يونيو 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : الخميس 11 يونيو 2015 - 9:05 ص

المسئولية ثقيلة والأمل معقود على نتائج خارج إطار الشعارات المحفوظة والحقائق التاريخية مثل أن المدينة المصرية من أعرق المدن أو أن الظاهرة العشوائية فى مدن مصر ظاهرة طبيعية. وعلى قدر ثقل المسئولية تأتى بساطة المسألة حسابيا، فنحن فى عام 2015 وتعدادنا نحو 87 مليون نسمة ولدينا نحو 28 مليون وحدة سكنية مقدر منها 8 ملايين مغلقة، وخلال السنوات القادمة فإن نحو 10% من هذه الجملة على الأقل يحتاج إلى إحلال لانتهاء العمر الافتراضى له ونسبة مماثلة تحتاج إحلالها لخلخلة المناطق العشوائية التى تخطت نسبتها ثلث مساكن المدن الكبرى، كما نحتاج إحلال نسبة 5% تقع بمناطق الخطورة الطبيعية بشمال الدلتا وجنوب الصعيد، ومع زيادة طبيعية قدرها 1,5% فقط (التقديرات جميعها متفائلة) فإننا سنزيد حتى عام 2050 بنحو 60 مليونا خلال 35 سنة قادمة مضافا خلالها التقديرات السابقة لنصل لنتيجة بسيطة مفادها احتياجنا لحجم وحدات عقارية يكاد يساوى ما نمتلكه حاليا من ثروة عقارية.

المنتدى المصرى الحضرى الأول المنعقد بالقاهرة فى الفترة من 14ــ16 يونيو 2015 بالتعاون بين برنامج الأمم المتحدة للموئل ووزارتى الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والتطوير الحضرى والعشوائيات، صرح منظموه باستهداف دراسة قضايا التخطيط العمرانى وارتباطاتها بأهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الأطر المؤسسية العاملة على التنمية والتطوير الحضريين على المستوى الوطنى، وإلى دمج وتمثيل مصر فى المشهد الحضرى العالمى، ومناقشة سياسات مصر الحضرية والقضايا المرتبطة بها وكيف يمكن بلورة أجندتها فى المستقبل، كما يستهدفون الخروج بوثيقة تعكس واقع المشكلات والقضايا الحضرية وتوصيات عملية للتطبيق، وذلك من خلال المحاور التالية: التخطيط والتجديد الحضرى، والحوكمة الحضرية، وتوصيل الخدمات، والإسكان، والاقتصاد الحضرى.

•••

إحدى المدن الجديدة بنيت فى الثمانينيات قدر لها أن تجذب نصف مليون نسمة ولم يصل عدد سكانها حتى الآن عشر هذا الرقم، فى حين تم تخصيص 85% من مساحة منطقتها الصناعية التى تشكل قاعدتها الاقتصادية، فهل 15% الباقية من المنطقة الصناعية قادرة تنمويا على جذب 90% من السكان المستهدف جذبهم؟ هذا المثال يبرز مصالح من جهة وخللا فى عديد من السياسات الاقتصادية والجهات الإدارية. إحدى المدن الجديدة بنيت فى الثمانينيات كان من المفترض كغيرها يتم تسليمها لمحافظتها التابعة لها خلال عشرين عاما، وإلى اليوم كل سنة أو اثنتين تزيد فى أحيائها أو مجاوراتها واحدة فلا ينتهى إنشاؤها ولا تسلم إلى المحافظة، إلى هنا تبرز مصالح فى جهة وخلل فى جهات أخرى كالمحافظة ذاتها تجعل فى الواقع بقاء الوضع تابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أفضل من تبعيته للمحليات، أما الغريب فهو الجيل الثالث من المدن الجديدة التى تعانى من عدم الإقبال، ومعظمها مدينة «كذا» الجديدة، هذا ينم عن خلل بطبيعة أخرى، اخترقت مدينة المنيا الجديدة من طريق شرق النيل أثناء توجهى للمنيا، فكان كل شىء من حولى يكسوه البياض جراء أعمال تكسير وصناعة الطوب الأبيض، حتى مشروع «ابنى بيتك» وسط المحاجر جعل الأهالى يأملون فى مشروع «عالج صدرك»، وهذا خلل من نوع مختلف يتعلق بالمعايير البيئية المطبقة فى المدينة المصرية جديدة أو قديمة.

•••

اقترح عالم الجيولوجيا د. فاروق الباز محورا عمرانيا فى الصحراء الغربية مؤكدة دراساته وجود مياه أسفل المحور، واقترح عديد من المدن والتجمعات العمرانية التى تم حساب طاقتها الاستيعابية بناء على الثروات الطبيعية من المياه وغيرها اللازمة لإنشاء تلك التجمعات فوصلت طاقتها الاستيعابية نحو 8 ملايين نسمة على أقصى تقدير، واقترح أستاذ ميكانيكا التربة د. ممدوح حمزة محورا آخر يضم مدنا درست الطاقة الاستيعابية لمجموعها فلم تزد على نحو 6 ملايين نسمة، كما اقترحت الوزارة والهيئة وغيرهما، وتمسك كل طرف بأهمية طرحه وألمعية اختياره، فى حين تحتاج مصر كل هذه المشروعات مقارنة بحجم الاحتياج، والعبرة فى تنفيذها تحدده الأولوية والقدرة على إنتاج الطاقة، فإعادة توزيع السكان على الخريطة المصرية يحتاج إلى خريطة لمصادر الطاقة الممكنة أو موارد الطاقة التى يمكنها تغذية تلك المحاور وتشغيل مناشطها الاقتصادية والسكنية.

هل ننتقل لمشاكل العشوائيات، فى مجملها مشاكل نوعية على المستوى القومى وليس على مستوى كل منطقة، فحجم المناطق العشوائية طبقا لأول وقد يكون أدق حصر فى حينه بلغ عام 1991 نحو 1221 منطقة من المفترض أن هذا العدد انخفض تبعا للتصريحات الحكومية ليصبح 870 منطقة فقط عام 2007 ويقطنها 12,2 مليون نسمة، على أى حال يمكننى تخفيض هذا العدد فورا إن سمحت لى بضم بعض المناطق إلى بعضها وأخرج لك عزيزى القارئ بيانا فوريا بأن المناطق صارت 500 فقط، أما أعداد السكان فلنا فى الأماكن مثل البساتين والمطرية بالقاهرة وبولاق الدكرور وامتداداتها فى الجيزة ثم الخصوص وما أدراك ما الخصوص فى القليوبية، ولنا فى الأحداث التى مرت بها مصر خلال السنوات القليلة الماضية ما يشكك فى أية بيانات لحصر حجم تلك المناطق وأعداد سكانها، ناهيك عن عشوائيات مدن الدلتا شرق ووسط وغرب والإسكندرية وصعيد مصر ولن يتوقف امتدادها وتلاحمها، والخلل هنا مركب من تفاوتات إقليمية واجتماعية، أتريدون حلولا لعشوائيات المدن، عليكم بتنظيم المنتدى المصرى الأول للقرية المصرية.

•••

وقع بين يدى جدول فى صفحة 67 فصل الإسكان من كتاب مصر فى أرقام 2015 صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات ومصادر الجدول تشير لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يوضح عدد الوحدات السكنية تبعا لمستوياتها من التكلفة وحجم الاستثمار بكل منها، وتبين أن الحكومة تسهم فى الإسكان المنخفض والاقتصادى والمتوسط والفاخر، بينما يستثمر القطاع الخاص فى الاقتصادى والمتوسط وفوق المتوسط والفاخر، فقمت بقسمة مجموع الاستثمارات فى كلٍ على عدد الوحدات فوجدت أرقاما مختلفة لما اسهمت به الحكومة أمام كل مستوى، فى حين خرج الناتج واحد للقطاع الخاص فى كل المستويات وهو 150 ألف جنيه الاقتصادى مثله مثل الفاخر، هذا يعنى أن الرقم مفترض وليس حقيقيا ولم يشر له أسفل الجدول بذلك، الواقع لن أستطيع مراجعة جميع أرقام الجداول ولكن ما أستطيعه هو عدم الاعتماد عليها، والحوكمة تبدأ فى أبسط صورها بالصدق والوضوح والشفافية والمهنية، الخلل هنا عدم امتلاك أية بيانات عن القطاع الخاص وحجم استثماراته وقد يحق لنا التعميم فى كل ما يخص القطاع الخاص والأهلى، وأذكر فى هذا المجال المراصد الحضرية التى تؤسسها الدول وترتبط بها خططها التنفيذية من الإقليمية إلى الهيكلية، والتى تصمم معاييرها بدقة، منها المفترض عالميا ومنها المحلى الذى لابد أيضا من اعتماده من المرصد الحضرى العالمى، ويتم رصد مدخلات كل معيار بقياسات دقيقة لتخرج النتائج معبرة عن واقع العمران والجوانب الاقتصادية الاجتماعية ذات الصلة، بعض الحكومات تتدخل فى النتيجة أو تمنع نشرها والبعض يتدخل بحرفية فى سبل القياس والحصر ولكن قلما تجد حكومة لا تتابع عن كثب تشغيل وتحليلات ونتائج المرصد الحضرى، ولا يعمل المرصد الحضرى لاستشفاف الواقع واستشراف المستقبل بشكل علمى ومهنى سليم إلا فى دولة تعتزم بالفعل مواجهة مشاكلها ومنافذ الخلل بها.

وائل زكى استشاري التخطيط العمراني وعضو مقيم عقاري بلجان طعون الضرائب العقارية، ويعمل كأستاذ للتخطيط العمراني وتاريخ ونظريات تخطيط المدن ومدرب معتمد إدارة المشروعات
التعليقات