قصة أفضل كثيرًا! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصة أفضل كثيرًا!

نشر فى : السبت 11 ديسمبر 2010 - 9:44 ص | آخر تحديث : السبت 11 ديسمبر 2010 - 9:44 ص

  رغم إلقاء القبض على جوليان آسانج، مؤسس «ويكيليكس»، بتهمة تبدو ملفقة، ولا علاقة لها بتسريب أسرار السياسة الأمريكية، فليس من المنتظر أن يتوقف سيل الوثائق السرية التى أغرقت العالم. ومازالت تكشف يوما بعد يوم عن كثير من الخبايا التى كانت مجرد شائعات وأقاويل مرسلة، ولكنها أصبحت حقائق. معظمها لسوء أو لحسن الحظ يدور حول دول عربية ورؤساء وملوك عرب أو منظمات وأحزاب تعاديها أمريكا فى الشرق الأوسط.

وهى قصة تبدو فى كل الأحوال أفضل كثيرا من تلك التى رأيناها فى الانتخابات المصرية وغرائبها. تدل على حقيقة ما يجرى فى عوالم السياسة والاقتصاد والاستراتيجية والصراع على البقاء والقوة فى العالم.

والأكثر إثارة وربما لا نفهمه نحن إلا قليلا، فإن أحداثها تُحاك فيما يطلق عليه «ما فوق الواقع» فى مساحات غير مادية ولا ملموسة، تصنعها تقنيات رقمية يصعب الإمساك بها، ولكنها تتحكم فى الواقع.

وقد روت مجلة «نيويوركر» الأمريكية ونقلتها عنها صحيفة «الحياة» كيف بدأ مشروع ويكيليكس فى بيت صغير فى ريكيافيك عاصمة أيسلندا على شاطىء الأطلنطى، بواسطة جوليان آسانج ومجموعة من الأصدقاء قالوا إنهم صحفيون جاءوا لتغطية أنباء بركان أيسلندا الذى انفجرت حممه فى ذلك الوقت ــ مارس الماضى ــ ووضعوا أسس عملية جمع الوثائق السرية والصور الممنوعة ونشرها، استكمالا لمشروع بدأوه عام 2006 ونشروا فيه مجموعة كبيرة من وثائق محاكمات جوانتنامو والحساب الخاص بسارة بايلين مرشحة الجمهوريين السابقة للرياسة. وبدأوا بذلك أكبر فتنة إعلامية عرفها العالم. وكان أول ما لفت الأنظار إليهم إذاعة شريط فيديو مسجل من طائرة أباتشى بالعراق، يظهر فيه جنود أمريكيون يقتلون 18 شخصا، منهم مصورون من وكالة رويترز.

وطبقا لهذه الرواية يقول آسانج إن موقع «ويكيليكس» يستعصى على الرقابة. حيث يستحيل سحب الوثائق المنشورة أو إلغاؤها. لأنها تحفظ محتوياتها فى أكثر من 20 خادما إلكترونيا موزعة فى أنحاء المعمورة.

ومن الواضح أن ثمة اتفاقا بين أكبر خمس صحف فى العالم هى: نيويورك تايمز ودير شبيجل والجارديان ولوموند وبايبس الإسبانية، على عدم نشر أى وثيقة من دون موافقة جماعية. وهو ما يعطى لهذه الصحف موقعا متميزا على صحافة العالم. وتقول سيلفى كوفمان مديرة تحرير لوموند إن الصحف الخمس جندت نحو 120 صحفيا لتحليل ومراجعة هذه الوثائق. واتفقت على طريقة نشرها إليكترونيا، بعد إخفاء بعض الأسماء والمعطيات المتصلة بأمن أشخاص.

غير أن الأخطر من ذلك أن الاختراق المعلوماتى الذى تكشفت أساليبه عن طريق ويكيليكس، قد يضع كثيرا من الحكومات العربية فى موقف لا تحسد عليه. وآخر ما كشفت عنه الوثائق أن السعودية وضعت خططا بمشاركة من قوات الأطلنطى لضرب حزب الله فى لبنان. ولم يعد سرا ذلك الدور الذى لعبته أمريكا فى تحريض السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان ضد التهديدات الإيرانية، وربما يذكر القارىء انفراد جريدة «الشروق» فى أوائل عام 2009 بنبأ الهجوم الذى شنته طائرات إسرائيلية على قافلة يشتبه فى تهريبها للسلاح عبر السودان إلى غزة.. وقتل فى الهجوم الأول 43 شخصا وفى الثانى 45 ودمرت العربات والمركبات.. وقد اتهمت حكومة السودان واشنطن آنذاك بأنها وراء الهجومين.

الآن يزاح الستار عن هذه الوثائق.. التى تظهر مدى ضعف وهوان الدول العربية التى لا تتورع عن إنفاق المليارات سنة بعد سنة فى شراء الأسلحة من أمريكا وغيرها. ولكنها تظل فى النهاية بحاجة إلى حمايتها عاجزة وخائفة ومرتعشة.. لسبب بسيط هو عجز حكامها عن انتهاج سياسات سليمة واتخاذ القرارات التى تكفل لها ولشعوبها القدرة على الصمود فى وجه التهديدات الخارجية.

يارب هبت شعوب من منيتها                  واستيقظت أمم من رقدة العدم


فمتى نستيقظ؟

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات