ناريندرا مودى ونموذج الهند الجديد - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ناريندرا مودى ونموذج الهند الجديد

نشر فى : الإثنين 12 أغسطس 2019 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 12 أغسطس 2019 - 9:55 م

نشرت مجلة Project Syndicate مقالا للكاتب Shashi Tharoor، جاء فيه ما يلى:
يحب رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى ممارسة ما يسميه الجنرالات الأمريكيون «الصدمة والرعب». وكانت آخر مرة صدم فيها مودى البلاد عندما أعلن فى نوفمبر 2016 عن السياسة الحكومية الرامية لسحب العملات الكبيرة من التداول.. ولا يزال الاقتصاد الهندى يتعامل مع عواقب هذه السياسة.
وفى الخامس من أغسطس هذا الشهر، أعلن مودى عن سياسة قد تحدث أزمة مثلما فعلت سياسته فى سحب العملات الكبيرة. فبعد مرور سبعة عقود تم فيها طمأنة شعب «جامو وكشمير» ــ الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة ــ والمجتمع الدولى بالمحافظة على الحالة الفريدة للولاية تحت دستور الهند، قامت الحكومة الهندية من جانب واحد بتقسيمها. قامت إدارة مودى بفصل أراضى الاتحاد فى الهضاب العليا وتلال لاداخ فى النصف الشرقى من الولاية، وقلصت من مكانة الباقى ــ الذى ما زال يطلق عليهم جامو وكشمير ــ لتتحول من ولاية اتحادية إلى إقليم اتحادى (تتم إدارة الأقاليم الاتحادية مباشرة من قبل الحكومة الفيدرالية، على الرغم من أنها قد يكون لها مجلس تشريعى ومجلس وزراء منتخبون، بسلطات محدودة).
يخشى الكثيرون فى الهند، كما هو الحال مع سياسة سحب العملات الكبيرة من التداول، أن الأضرار القصيرة ومتوسطة المدى الناجمة عن قرار مودى ستفوق فائدة القرار على المدى الطويل. أولا وقبل كل شىء تهديد الديمقراطية الهندية: لقد غيرت الحكومة العلاقة الدستورية بين شعب جامو وكشمير وجمهورية الهند دون التشاور معهم أو مع ممثليهم المنتخبين.
ادعت الحكومة أنه تم الحصول على موافقة ولاية جامو وكشمير (كما يتطلب الدستور الهندى). ولكن هذا كان قائما على لعبة خفية قانونية مشينة. فجامو وكشمير تخضع للحكم الفيدرالى المباشر، لذا تُرجمت كلمة «الولاية» إلى الحاكم الذى عينته نيودلهى. فى الواقع، الموافقة خرجت من الحكومة نفسها وليس الشعب أو ممثليه!
والأسوأ من ذلك أنه تم تقديم القرار إلى البرلمان، حيث ضمنت أغلبية حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم تمريره الفورى، دون استشارة الأحزاب السياسية المحلية. تم اعتقال الزعماء السياسيين المنتخبين ديمقراطيا فى الولاية لأغراض «وقائية». تم إغلاق المؤسسات التعليمية، وتم قطع الاتصالات ــ شبكات التلفزيون والهواتف المحمولة والخطوط الأرضية والإنترنت. حتى لو قالت الحكومة أنها تلتزم بنص القانون، فإن قرارها يتعارض مع الديمقراطية الهندية.
بدأت الآثار السلبية للقرار بالظهور. فالسياحة، شريان الحياة لكشمير، قد دمرت؛ فالجهود التى بذلتها الهند على مر عقود لإثبات عكس ما تقوله الحكومات الأجنبية بأن كشمير ليست آمنة.. أصبحت لا قيمة لها. ما يعتبر موقف ساخر هو أن خلال زيارة مودى لكشمير فى 2017 دعا شباب الولاية (التى ترتفع فيها متوسط نسبة البطالة عن الهند) إلى الاختيار بين السياحة أو الإرهاب. السياحة كان من الممكن لها أن تمتص نسبة كبيرة من هذا الشباب. ولكن الآن الحكومات الأجنبية تصدر تحذيراتها.. فالمراكب السكنية توقفت عن العمل وأفلس صانعو الحرف اليدوية والسجاد والفنانين فى كشمير.
الهنود يفتخرون بقول أن الكشميريين مواطنون هنود.. لكن ظروفهم المعيشية اليوم مروعة: المتاجر ومحطات الوقود مغلقة؛ بدأ الوقود والإمدادات الأساسية الأخرى فى النفاد. وسائل الاتصالات غير متاحة؛ والناس لا يستطيعون حتى مشاهدة التلفاز ما لم يكن لديهم رابط متصل بالأقمار الصناعية، وهو ما يفعله عدد قليل جدا منهم..
والأسوأ من ذلك، من خلال حبس القادة الديمقراطيين، فإن الحكومة تخلق مساحة للقوى غير الديمقراطية للظهور. لقد ادعت الحكومة أنها كانت تحارب الإرهاب، ولكنها الآن أعطت حياة جديدة للإرهابيين. لقد جعلت الأحزاب الرئيسية المؤيدة للهند فى الولاية غير قادرة على مواجه المتطرفين عندما اتخذ قرار بحبس قاداتها.. قد ينضم إليهم شباب كشمير أكثر من أى وقت مضى مما يضع جنود الهند فى خطر. عندما تنسحب الولايات المتحدة فى النهاية من أفغانستان وتنتصر على طالبان، سيكون عدد كبير من الجهاديين العاطلين جاهزين لتعزيز جهود باكستان التى استمرت ثلاثة عقود لإرسال «مسلحين» لنشر الإرهاب بالهند... لقد أعطتهم حكومة مودى سبب آخر لإشعال الحرب.
العواقب الدولية لهذا القرار مقلقة ومحرجة. فى ضربة واحدة، لم تخالف الحكومة فقط 7 عقود من طمأنة المجتمع الدولى والأمم المتحدة، بل أيضا أغضبت باكستان بادعاءاتها حول كشمير. لقد خفضت باكستان بالفعل العلاقات الدبلوماسية مع الهند، وطردت المفوض السامى الهندى، وأوقفت التجارة الثنائية، ومن المتوقع أن تحيل القضية إلى الأمم المتحدة.
بينما أعربت بعض الحكومات عن تفهمها لتصرفات الهند، ومن السابق لأوانه التنبؤ بما قد يحدث عندما يتم تخفيف أو رفع الحملة.. الاضطرابات الداخلية، المدعومة من مصادر خارجية بالمقاتلين والأسلحة، ستزداد حتما.
قرار حكومة مودى أعطى العالم إشارة بتخليها عن النمو الاقتصادى والاستثمار الأجنبى. المستثمرون ــ الذين بدأوا بالفعل الخروج من الهند ــ لا يحبون مناطق النزاع. بعدما فاز مودى بالحكم من خلال تأكيده على التنمية كأولوية، سعى مودى بعد ذلك إلى إعادة انتخابه بحملته حول تحقيق الأمن القومى والتأكيد على الوطنية الهندية المفرطة التقليدية لحزب بهاراتيا جاناتا. من خلال سياساته فى كشمير، يضع مودى الهند فى الصورة التى يريدها حزب بهاراتيا جاناتا.. البعيدة كل البعد عن أرض المهاتما غاندى ونهرو.
أولئك الذين شهدوا فترة طويلة من الحكم الديمقراطى القوى فى الهند يواجهون حكومة مصممة على محو كل آثار الديمقراطية وعدم احترام الدستور.

إعداد

ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

http://bit.ly/2TlkwMW

التعليقات