الديمقراطية على فوهات الدبابات - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الديمقراطية على فوهات الدبابات

نشر فى : السبت 14 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 14 يوليه 2012 - 8:00 ص

تمثل المشروعية الأخلاقية  لكل شخص أو تيار سياسى معيار الحكم عليه من ناحية التزامه وتمسكه وتطبيقه للقناعات والأفكار التى يقوم عليها مشروعه وبقدر ما تعكس مواقفه أفكاره وبقدر ما تتسق مع قيمه التى ينطلق منها بقدر ما يمتلك من مشروعية أخلاقية ، وقد تتآكل هذه المشروعية اذا لم تتسق المواقف مع القيم والمبادئ التى يعلنها هذا الشخص أو التيار السياسى.

 

فلا يمكن أن نتخيل أن يدعو اليساريون إلى سوق حرة وخصخصة وما شابه ولا يمكن أن نتخيل أن يدعو الليبراليون إلى تضييق على الحريات أو تأميم رؤوس الأموال الخاصة ولا يمكن أن يدعو الاسلاميون إلى تحلل أخلاقى أو اقصاء للدين عن الحياة.

 

فى مصر فقط يحدث هذا التناقض وتتهاوى هذه المشروعية الأخلاقية ونحن نرى بعض دعاة الدولة المدنية والمدافعين عنها يطلبون من المؤسسة العسكرية القيام بانقلاب عسكرى لمواجهة قوة سياسية أخرى لم يستطيعوا هزيمتها فى الانتخابات فقرروا استدعاء العسكر لمواجهتهم.

 

●●●

 

نختلف مع الاخوان جملة وتفصيلا ولكن لا يمكن أبدا أن نبرر لأنفسنا ــ مهما كان السبب ــ التورط فى الدعوة للانقلاب على شرعية انتخابية وعملية ديمقراطية وليدة ، كيف ندعى الدفاع عن مدنية الدولة ونحن نطالب بعسكرتها؟ ان الدولة المدنية التى نناضل من اجلها ليست دينية وكذلك ليست عسكرية ، كيف نؤمن بمدنية الدولة ونحن نعمل على هدمها لمجرد الاختلاف السياسى والخوف من استبداد تيار سياسى آخر مهما كانت مساوءه؟

 

كشفت أزمة قرار رئيس الجمهورية باعادة عمل البرلمان عن نخب جديدة تمارس التدنى السياسى والأخلاقى وتواصل مسلسل السقوط فهناك من جعلوا القانون مثل قميص عثمان الذى يثيرون به النفوس ويهيجون به المشاعر وهم ينتفضون غضبا على ما رأوه تجاوزا فى حق القانون واهدارا لأحكام القضاء دون أن نسمع صوتهم حين تم تجاوز كل شىء بالاعلان الدستورى المكمل الأخير وغيره من السقطات التى لطمت وجه القضاء وزرعت الشك فى تسييس أجزاء منه مثل قضية التمويل الاجنبى

 

هناك من كانوا يهللون لما يفعله مبارك بالدستور وباهدار أحكام القضاء وكانوا شركاء فيه وهاهم اليوم يرفعون راية الطهر ويعتلون منصة النضال من أجل القانون الذى داسته أحذيتهم حين جبنوا عن قولة الحق.

 

●●●

 

إننا لا يمكن أن نرضى ابدا باهدار أحكام القضاء ولا تجاوز سيادة القانون وأعماله على الجميع بما فيهم رأس السلطة المنتخب وإهدار الأحكام القضائية هو اسقاط لبنيان الدولة، هذا من البديهيات ولكن لا يمكن مناقشة المشهد من منظور حكم قضائى فقط بل يجب أن نحلل الأزمة من زوايا مختلفة.

 

نحن أمام صراع سياسى بامتياز تم الزج بالقضاء فيه وتم إذكاء نار الفتنة بين قطاع كبير من القضاة وبين تيارات سياسية بعينها وصار الأمر بينهم سجال ووصل لى ولغيرى كلمات من داخل مطبخ القضاء تؤكد أن بعض القضاة يرون أنهم مستهدفون من تيار الإسلام السياسى الذى يستعد لتقويض سلطتهم وبناء مؤسسة قضائية جديدة تدين لهم بالولاء وما المناوشات التى تورط فيها رئيس نادى القضاة عنا ببعيد.

 

لم تعد المشكلة الآن فى مجرد الالتزام بتنفيذ حكم قضائى من عدمه أو استمرار البرلمان أو حله ، المشكلة أكبر من ذلك بكثير، نحن الآن أمام صراع سلطات متعدد الأقطاب وكل طرف يشعر بالجرح والاهانة من الطرف الآخر وينتظر الفرصة للنيل منه ، نحن أمام شعب تعمق فيه الانقسام الذى أبرزته الانتخابات الرئاسية وتزايد الآن فى معركة حل البرلمان أو بقاءه.

 

●●●

 

حين ترفع الأحذية فى ميدان التحرير عقب قرار المحكمة الدستورية الأخير فان هذا ينبئ بمرحلة جديدة سيستباح فيها كل شىء وسيصير المواطن المصرى وقودا لهذا الصراع المحتدم على السلطة وتقاسم مساحات السيطرة واتخاذ القرار، وستتصاعد مشاعر الرغبة فى الثأر المتبادل مما سيفتح بابا للعنف المجتمعى ينذر بانهيار الوطن.

 

إن الحروب الأهلية تبدأ بمشاعر كراهية يتم بثها واثارتها لتهييج مشاعر الجماهير على بعضها البعض وفى لحظة ما يصل الاحتقان إلى أعلى مستوياته وتندفع كرة اللهب لتتسع دائرتها وتمضى بلا توقف لتحرق الجميع.

 

على الأطراف التى تلعب بالنار من وراء الستار وعلى الأطراف التى تخوض حروبا بالوكالة أن تعى خطورة ما تفعل، فساحة الملعب والسيطرة على ما فيه قد يتم فقدانها لتطال النار الجميع ، حان الوقت لتغليب المصلحة العليا للوطن وليجلس الكل على مائدة واحدة يتصارحون فيها ويتفقون.

 

استمرار هذا التصعيد واللعب بأوراق الضغط المتبادلة واذكاء الصراع بالحشد الشعبى يقودنا إلى مأساة سيتمزق فيها الوطن، ارحموا مصر فلم تعد تحتمل مزيدا من الألم.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات