إرهاصات حقوقية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إرهاصات حقوقية

نشر فى : الثلاثاء 14 أبريل 2015 - 10:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 أبريل 2015 - 10:00 ص

الإنسان لا ينزل النهر مرتين، مقولة أطلقها فيلسوف يونانى قديم، تأكيدا على أن الحياة فى تغير دائم، ولا يمكن العودة إلى الوراء، فثبات الأشياء يتنافى مع الطبيعة المتجددة، وقياسا على ذلك، فإن عقارب ساعة ما قبل 25 يناير مستحيل أن تمضى فى عكس الاتجاه، ومن يعتقد أن المصريين يمكن أن يساقوا إلى حظيرة العهد البائد واهم.

أقول ذلك وأنا أتابع إرهاصات ما يحدث من تغيير فى طريقة تعامل سلطات الدولة مع ملف شائك، طالما آثار الجدل داخليا، وجلب من التشهير خارجيا، وأعنى به ملف حقوق الإنسان، وما يغلف طريقة تعامل أجهزة الأمن مع المواطنين داخل أقسام الشرطة وفى السجون، بل وفى الشوارع أحيانا، من هدر وانتهاك لحقوق البشر الذين كرمهم الله سبحانه وتعالى.

فى الأسابيع الأخيرة نشبت أزمة حادة بين المجلس القومى لحقوق الإنسان (الحكومى) ووزارة الداخلية على خلفية سوء معاملة وفد المجلس الزائر لسجون أبو زعبل، وما رصده الوفد من حالات تعذيب واعتداء على عدد من المحبوسين، وهو ما أثبته، فى وقت لاحق، تقرير للطب الشرعى تم إعداده بناء على طلب من النائب العام.

تحرك المجلس القومى لحقوق الإنسان تلته هجمة تفتيشية واسعة من رجال النيابة على عدد من أقسام الشرطة وأماكن احتجاز المتهمين فى قضايا مختلفة، وهى الحملة التى كشفت عن سوء معاملة المحتجزين، وتكديسهم فى أماكن ضيقة عديمة التهوية، وحرمان المرضى منهم من حقه فى الحصول على الرعاية الصحية، ناهيك عن تجاوزات إدارية فى تسجيل المقبوض عليهم فى الأوراق الرسمية بما يضمن حقوقهم القانونية المتبعة فى هذا الشأن.

هذا التحرك القضائى والحقوقى، رافقه رفع وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار عقب توليه منصبه لشعار «كرامة المواطن داخل أقسام الشرطة خط أحمر»، وتابعنا تحويل عدد من الضباط والعناصر الشرطية إلى التحقيق فى قضايا قتل وتجاوز القانون فى أثناء تأدية عملهم، بما يعطى رسالة مفادها أن رجل الأمن ليس على رأسه ريشة عندما يتخطى القواعد التى تنظم طريقة تعامله مع المواطنين، وأن التأديب والوقف عن العمل وحتى السجن سيكون مصير من يعتقد أنه صاحب سلطة مطلقة فى التعدى على حق الناس فى العيش بكرامة.

ناورت وزارة الداخلية فى قضية الشهيدة شيماء الصباغ، وحاولت فى البداية التنصل من النيران «الميرى» التى أطلقت عليها، غير أن التغيير الذى لحق بحياة المصريين عقب 25 يناير كان كفيلا بتقديم الضابط المتسبب فى وفاتها إلى النيابة، وتعرية كذب من حلف بأغلظ الأيمان أن الشرطة بريئة من دمها، وهو أمر فى تقديرى يجب الإمساك به، والبناء عليه فى خلق الثقافة المرجوة لاحترام حقوق الإنسان، وأن يتحول حق المواطن فى معاملة آدمية ليس فقط فى أقسام الشرطة والسجون، بل فى الحياة على رحابتها، إلى حق مقدس لا يمكن المساس به تحت أى بند من البنود.

هذه الإرهاصات أيضا تحتاج من وسائل الإعلام، إلى إعطاء قضايا حقوق الإنسان الأولوية فى أجندة عملها، بدلا من اهتمامها بأمور لا تقدم بل تأخر أحيانا، بما يخلق وعيا لدى المواطن والمسئول بالحق فى العيش بكرامة، وبدلا من «فرش» الملاءة لمنظمات حقوقية داخلية وخارجية تجد فى انتهاكات حقوق الإنسان مادة ثرية للهجوم والتجريح.

التعليقات