اشكر حكومتك حيًا وميتًا - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اشكر حكومتك حيًا وميتًا

نشر فى : الخميس 14 مايو 2009 - 10:30 ص | آخر تحديث : الخميس 14 مايو 2009 - 10:30 ص

 فعلا مطلوب على وجه السرعة حملة قومية لإلزام الناس بشكر النعم التى يرفلون فيها خلال هذا العصر السعيد، وأضم صوتى إلى رئيس تحرير الجمهورية «المرح» لدعوة شيخ الأزهر لتبنى هجوم مكثف يشنه شيوخ السلطة جوا وأرضا، من خلال تكثيف البرامج على القنوات الفضائية والأرضية والندوات والمؤتمرات الجماهيرية لقيادة الجماهير وإجبارها على شكر النعم التى لا تحصى.

وأضيف إلى هذه الدعوة المرحة اقتراحا بمشروع قانون يتقدم به أحد السادة النواب ــ عن الحزب الوطنى فقط ــ لإلزام كل مواطن بأن يقبل يده «وش وضهر» مرتين يوميا ويدعو آناء الليل وأطراف النهار للحكومة بطول العمر، ومن لا يفعل ذلك يعاقب بالطرد من الجنة الممتدة من توشكى إلى الساحل الشمالى، وبدلا من أن يستوقفك جندى مرور ليسألك عن رخصة القيادة، يسألك عن شهادة شكر النعمة.

والثابت أن هذا الشعب يتمتع بمجموعة من النعم قلما تجدها لدى شعب آخر فى العالم، لدرجة تصيبك بحيرة من أين تبدأ كيل الشكر والثناء للحكومة، هل تبدأ مثلا من شكرها على نعمة الأمن والأمان التى تجلت فى أنه لا يمر يوم فى مصر المحروسة إلا وترتكب مذبحة داخل بيت مصرى؟

أم نشكرها على نعمة أن لدينا وزيرين من عينة أحمد أبوالغيط ويسرى الجمل، الأول سيذكر له التاريخ أنه أول دبلوماسى يمزج بين السياسة والكوميديا، والثانى حفر اسمه بحروف من نور فى سجل التعليم المصرى، وبعد أن كان كالماء والهواء على يد طه حسين، صار كالماء والكهرباء على يد الجمل بحيث لم تعد هناك أسرة مصرية إلا وصعقها الوزير بسياساته العجيبة التى أجمعت على فشلها كل أطراف العملية التعليمية.

وجميل أن تتزامن هذه الدعوة الإنسانية جدا لعدم التساهل مع المهملين فى شكر النعم مع ما حملته الأخبار السارة القادمة من البرلمان متضمنة دعوة من زعيم حزب الأسياخ لإلغاء العلاج على نفقة الدولة، واتجاه وزير المالية لفرض رسوم وضرائب جديدة على هذا الشعب الوغد المتبتر على النعمة.

والأجمل من ذلك كله أنها تأتى صبيحة إعلان الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز تصنيع أول جهاز تليفون محمول بأيد فنزويلية، وإجرائه أول مكالمة منه بوالدته كهدية فى يوم عيد الأم، بينما نحن قد سبقنا شافيز وغيره بعقود طويلة، والدليل أنه فى اللحظة التى يرفع فيها شعار «صنع فى فنزويلا» ننزل نحن شعار «صنع فى مصر» من على الواجهة للأبد بعد أن صنعنا وصدرنا وكان لابد أن نبيع المصنع والأرض، حتى صرنا نستورد لا مؤاخذة الشباشب من الصين.

كما أن أقصى ما استطاع شافيز أن يهديه لوالدته هو مكالمة من تليفون محمول من صنع بلاده، بينما أمنا مصر غارقة حتى أذنيها فى هدايا لا تتوقف الأغانى الوطنية المبتذلة، والتصريحات الرسمية المسفة، مرورا بكوارث القمح الفاسد ومذابح الطرق السريعة.. إلخ إلخ.

وائل قنديل كاتب صحفي