الانفصام العربى! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 6:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانفصام العربى!

نشر فى : الإثنين 15 مارس 2010 - 9:55 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 مارس 2010 - 9:55 ص

 تعانى الشعوب العربية حالة انفصام حادة بين ما يمليه عليها التزامها القومى وضميرها الوطنى من ناحية، وما تفرضه ضغوط خارجية ومواءمات دولية بدعوى العمل من أجل السلام من ناحية أخرى.

ومع ذلك لم يكن مفهوما كيف هان على الذين احتفلوا بافتتاح معبد موسى بن ميمون بحارة اليهود فى القاهرة، ورحبوا بالحاخامات وبحشود اليهود القادمين من إسرائيل للتبرك والزيارة، أن تغيب عن عيونهم وخيالهم مشاهد الاقتحام الإسرائيلى للمسجد الأقصى وحصاره، وما يقومون به من محاولات تهويد القدس وتدمير أساسات المسجد بحثا عن الهيكل.

وهكذا بينما تسعى إسرائيل بكل الوسائل لتأكيد يهودية الدولة والحفاظ على التراث اليهودى.. وقد ظلت تضغط عن طريق أعضاء الكونجرس الأمريكى واللجنة الأمريكية اليهودية للتنقيب عن المعابد والمقابر اليهودية، واستجابت مصر لهذه الضغوط، على أساس أن التراث اليهودى المصرى ليس لإسرائيل ولا لغيرها حق الحفاظ عليه، فوضعت خطة للترميم شملت معبد موسى بن ميمون أحد أهم المعابد اليهودية فى القاهرة والإسكندرية..

لا يطالب أحد إسرائيل فى المقابل بالحفاظ على المقدسات الإسلامية. يكفى أن تتلقى الحكومة المصرية خطابات الشكر من الجهات اليهودية الأمريكية والإسرائيلية، ويشهد السفير الإسرائيلى احتفالات ترميم معبد موسى بن ميمون، دون مطالبة إسرائيل بالمعاملة بالمثل، بعدم الاعتداء على القدس وتدميرها ببناء مستوطنات والاستيلاء على ممتلكات فلسطينية. فقد اعتاد العرب أن يتنازلوا عن حقوقهم بدون مقابل وبدون مساومة.. العرب يساعدون على ترميم المعابد اليهودية، ولكنهم يعجزون عن ترميم مقدساتهم فى المسجد الأقصى والخليل ومنع تدميرها.

هذه الحالة من الانفصام تنعكس وبضراوة على مجمل العلاقات العربية مع إسرائيل. وما حدث أخيرا من انكفاء عربى على مايسمى بالمفاوضات غير المباشرة، واندفاع لجنة المتابعة العربية إلى تشجيع السلطة الفلسطينية للدخول فى هذا النفق المظلم دون ضمانة واحدة تؤكد نوايا إسرائيل فى الوصول إلى تسوية سلمية، يدل على أن «الطُّعم» الأمريكى طعم مسموم لا جدوى منه.

ولابد أن يكون الكثيرون قد تساءلوا لماذا تصل السذاجة بالعرب إلى قبول المقترح الأمريكى بمفاوضات غير مباشرة عبر الوسيط الأمريكى ميتشيل لمدة أربعة أشهر مع أن ميتشيل قام بهذه المهمة طوال أكثر من سنة ولم يصل إلى أى نتيجة؟!

الفصل المسرحى السخيف هو ذلك الذى شهده العالم بزيارة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكى، الذى ما إن حط قدمه فى تل أبيب حتى كانت إسرائيل تعلن خططها لبناء 1600 مسكن جديد فى الضفة الغربية. لم يتأثر بايدن وابتلع الإهانة، وطالب العرب بأن يبتلعوها معه، ويعودوا إلى المفاوضات غير المباشرة.. وذلك فى الوقت الذى كان فيه روبرت جيتس وزير الدفاع يقوم بجولة خليجية من أجل دعم السياسة الأمريكية الإسرائيلية ضد إيران!!

قد يكون مفهوما ألا تغضب أمريكا من الصفعات الإسرائيلية المتوالية لها ولسياساتها ونفوذها فى المنطقة. ولكن من غير المفهوم أن تصل حالة الانفصام لدى العرب إلى درجة أن يديروا خدهم الأيمن لمزيد من الصفعات الإسرائيلية!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات