الحياة والإعلام.. تبسيط مشكلات المناخ ودور الإعلام - نيرمين الأزرق - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 2:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحياة والإعلام.. تبسيط مشكلات المناخ ودور الإعلام

نشر فى : الخميس 16 يونيو 2022 - 7:55 م | آخر تحديث : الخميس 16 يونيو 2022 - 7:55 م

الإعلام يعكس ما يدور فى حياتنا. ويستطيع، إذا كان واعيا، بشىء من التخطيط الجاد والمدروس أن يقدم الحلول والأفكار لمواجهة مشكلات الحياة، ولعلى من المؤمنات بقدرة الإعلام فى التطوير وفى صنع البهجة وتغيير الحياة إلى الأجمل.
ها نحن نشهد تغيرات مناخية عالمية إذ ترتفع درجات الحرارة فى الأرض بشكل تدريجى، ولقد حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من تزايد احتمالات ارتفاع حرارة كوكب الأرض، ويعيش سكان الكرة الأرضية فى ظل ظاهرة الاحتباس الحرارى وما ينجم عنها من تداعيات وظواهر تؤدى لتغيرات على سطح الكرة الأرضية، والتى يمكن أن تزداد خطورة بمرور الوقت كما يوضح علماء الجغرافيا والجيولوجيا، منها على سبيل المثال، التصحر وزيادة رقعة الصحراء فى كثير من المناطق على سطح الكرة الأرضية، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى ضرورة بل حتمية إخلاء سكان بعض المناطق بأكملها لأنها ستتحول إلى صحراء لا تصلح للعيش بسبب الجفاف الشديد أو بسبب زيارة وتيرة الحرائق التى ستحدث بها، ومن التغيرات كذلك ازدياد الفيضانات بما تسببه من دمار مباشر لمناطق الفيضان وإهلاك للموارد البشرية والبيئية المحيطة، ومنها ما قد يصيب بعض المناطق بالغرق نتيجة ارتفاع مستوى الماء، وعلى العكس ما قد يصيب بعض المناطق من تحولها من مناطق جليدية لا تصلح للحياة إلى مناطق ذات جو أكثر اعتدالا وتحول تربتها إلى تربة خصبة زراعية.
فى كتابه حول الخريطة الجغرافية والبيئية للعالم فى ظل التغيرات المناخية المتوقعة أوضح Parag Khanna «باراج خانا» ــ وهو أحد أشهر الكتاب والباحثين على مستوى العالم فيما يتعلق بالتغيرات المناخية وآثارها ــ أن المواطن والمواطنة لابد أن يكونا على وعى بحقائق مشكلات المناخ وأثرها على حياتهما اليومية حاليا وفى المستقبل القريب والبعيد لأن الوضع على الأرض فى البلاد المختلفة يتغير بالفعل وستزداد وطأة أثر هذه التغيرات على حياتنا وصحتنا وأساليب المعيشة، كما أشار برنامج بحوث التغيرات العالمية بالولايات المتحدة أنه بحلول عام 2030 أى بعد نحو سبع سنوات سيؤدى ذوبان الثلوج إلى ارتفاع مستوى البحر بمعدل 20 سم وما ينجم عنه من تداعيات على البيئة البحرية وعلى الدول باختلافها وحياة الإنسان، ولقد أشارت كذلك منظمة الصحة العالمية إلى أنه فى عام 2012 أصيب نحو 7 ملايين شخص بأمراض ناجمة عن تلوث الهواء وأن المشكلات الصحية المرتبطة بالتغيرات المناخية قد تؤدى إلى وفاة 250 ألف شخص سنويا فى الفترة من 2030 ــ2050.
وللمتخصصين فى علوم الجيولوجيا والمناخ والجغرافيا والبيئة أن يوضحوا أبعاد مشكلات المناخ بتفاصيلها الدقيقة. وكيف أن التلوث والسلوكيات الخاطئة غير المدروسة من سكان الأرض، وعدم الوعى الكافى بتبعات بعض القرارات والسلوكيات التى تضر بموارد الأرض وبالمناخ على سطح الكرة الأرضية، والاستخدام الخاطئ والمفرط للتكنولوجيا كلها عوامل ساهمت وتساهم فى مشكلات المناخ بكل آثارها السلبية علينا. هذا بالإضافة إلى عدم وجود تخطيط حقيقى فى بعض البلاد والمجتمعات لمواجهة مشكلات المناخ والتلوث والتغيرات المناخية والبيئية التى تنعكس علينا بشكل مباشر وعدم وجود تقدير حقيقى لقيمة بعض الإجراءات التى يجب اتخاذها لحماية كوكبنا وحياتنا على سطح الأرض، ولكن نحن نستطيع أن نواجه ونحسن الأوضاع ونحل بعض المشكلات إذا كان هناك مزيد من الوعى والفهم وهذا دور مهم للإعلام فى الوقت الحالى.
بناء على كل ما سبق، يصبح على الإعلام فى مصر مسئولية كبيرة حاليا فى الاهتمام بتبسيط مشكلات المناخ للأطفال ولغير المتخصصين، وإنتاج أفلام وثائقية جذابة وغير معقدة توضح مشكلات المناخ والعوامل المباشرة وغير المباشرة التى أدت إلى حدوثها، كما نحتاج من الإعلام المصرى إلى خريطة إعلامية للمواقع الصحفية والإخبارية والبرامج الإذاعية والتليفزيونية تأخذ فى اعتبارها وضع مشكلات المناخ على رأس أولويات اهتمامها، وإعطاء المساحة الكافية لمناقشة أسبابها وجهود العلماء والمتخصصين فى بحثها وما قدموه من نتائج علمية رصينة ومهمة فى هذا الإطار، ودورنا كمواطنات ومواطنين مصريين وسبل المواجهة والحل والسيناريوهات المستقبلية والبديلة لوقف التداعيات الخطيرة لمشكلات المناخ، ونحتاج للإعلامية والإعلامى العلمى الكفء الذى يتمكن من متابعة وإنتاج وتقديم كافة أخبار المناخ ومشكلاته وقضاياه وظواهره، والسياسات الحكومية فى مصر والسياسات الإقليمية والدولية فى مختلف وسائل الإعلام المصرية.
آن الأوان أن يكون الإعلام العلمى حاضرا فى موضوع تغير المناخ وبشكل جذاب وبكثافة وكيف لا يكون كذلك؟! وخاصة أن مصر تستضيف فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ. وكيف لا يكون الأداء الإعلامى مناسبا لحجم الجهد وقدر الأهمية وقد شكلت الحكومة المصرية مجلسا أعلى للتغيرات المناخية برئاسة رئيس مجلس الوزراء! فلماذا لا يقدم الإعلاميون والإعلاميات وكل المسئولين عن الإعلام إنتاجا إعلاميا يرفع الوعى وينمى المعرفة ويربط بين الأطراف الفاعلة والمتخصصة والمواطنين والمواطنات، ويكون ذلك فى شكل مواقع صحفية متخصصة أو حلقات برامجية إذاعية وتليفزيونية متخصصة وتطبيقات متخصصة تناسب الشباب والأطفال، ومن المهم متابعة الإعلام المصرى جميع الخطوات التنفيذية التى تتخذها الحكومة ومنها على سبيل المثال الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، ودعم أهداف رؤية مصر 2030، والتصدى بفعالية لآثار تغير المناخ وتداعياته.

نيرمين الأزرق رئيس الشعبة الإنجليزية-كلية الإعلام، جامعة القاهرة
التعليقات