الإعلام والحياة.. متى يكون للإعلام دور في التنشئة الاجتماعية للطفل؟ - نيرمين الأزرق - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعلام والحياة.. متى يكون للإعلام دور في التنشئة الاجتماعية للطفل؟

نشر فى : الثلاثاء 16 أغسطس 2022 - 7:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 أغسطس 2022 - 7:30 م
التنشئة الاجتماعية هى عملية دمج الإنسان فى البيئة الاجماعية التى يعيش فيها بحيث يعرف كيف يتعامل مع كل المحيطين به فى مجتمعه بطريقة مقبولة ويتفهم الظروف المحيطة به وحدود علاقاته وأدواره فى بيئته الاجتماعية؛ هى عملية يتحول بها الإنسان من كائن بيولوجى لكائن اجتماعى، ويتم من خلالها غرس الموجهات الأساسية التى يتعامل من خلالها الفرد داخل مجتمعه، كما أوضح الفيلسوف وعالم الاجتماع «دوركايم». ولكل من الأسرة (بالأساس) والمدرسة والجامعة ودور العبادة ومؤسسات المجتمع التى يتعامل معها الإنسان منذ طفولته دور فى هذه العملية والتوفيق والنتيجة بيد الله سبحانه وتعالى على أن تبدأ العملية ويقوم كل جانب فيها بدوره فى غرس المفاهيم الصحيحة والتوعية بسبل التعامل مع الآخر، وما للإنسان من حقوق وما عليه من واجبات، وحدود دوره والتزاماته فى ضوء حقوقه وواجباته كفرد فى مجتمع حتى لا نفاجأ بسلوكيات وجرائم غريبة وشاذة تصطدم مع الطبيعة البشرية ومع قيم المجتمع وأعرافه.
لقد جاء الإعلام ليمثل طرفا مهما فى هذه العلاقة بين الفرد ومجتمعه فيقدم العديد من القصص والأخبار والرؤى والنماذج فأصبح لاشك طرفا أصيلا فى معادلة التنشئة الاجتماعية، إذ مثل الإعلام مجالا رحبا للالتقاء والتلاقى بين الأفراد فى المجتمع وساهم فى نقل التجارب بين البشر، فما كان محدودا فى حدود مجتمعية ضيقة خرج إلى النور وبات معروفا لدى الجميع، وبالتالى يمكن أن يدرك الفرد ما هو مقبول بالمجتمع وما هو غير مقبول وما يتناسب مع طبائع البشر والمجتمع وما يعتبر جريمة وتجاوز.
ولأن الطفل/ة بطبيعته يحب الألوان والحركة والإضاءة والأصوات المبهجة والإبهار وهى كلها عوامل جذب متوافرة فى ما يستطيع الإعلام تقديمه، فهنا تأتى للإعلام فرصته فى استغلال هذه الطاقات والإمكانات ليساعد الطفل/ة على مزيد من التكيف مع مجتمعه وتنبيهه لمواطن الضرر وسبل النجاح وأن يسعى مستغلا كل عناصر الإبهار لديه. ويعرض، بما يناسب الأطفال، لتفاصيل قصص النجاح ودوافعه وظروف تحقيق النجاح وأيضا أسباب الفشل فى الحياة، وكيف يمكن أن تكون محبوبا فى مجتمعك وكيف يمكن أن توسع دائرة علاقاتك وكيف يمكنك اكتشاف مواهبك، ويعرض لنماذج متعددة لأطفال وشباب وشخصيات عامة فى المجتمع استطاعت أن تحقق مكاسب مجتمعية وتنجح فى تحقيق أحلامها وكيف يمكن كسب ثقة الناس. كما يعرض الإعلام ما يرفضه المجتمع ولماذا وما يقبله ويحبه المجتمع ولماذا، يمكن كذلك أن تستغل وسائل الإعلام كل هذه الإمكانات وعناصر الجذب فى توعية الطفل/ة بما يتناسب مع مختلف مراحل نموه بالمعلومات العامة فى المجالات المتعددة.
لكن السؤال الذى يحتاج لإجابة واضحة وحاسمة هو متى يمكن لوسائل الإعلام بالفعل تحقيق ذلك وأن يصبح لها دور حقيقى فى التنشئة الاجتماعية للطفل/ة؟ والإجابة ــ من خلال مؤشرات نتائج دراسات الجمهور والطفل وعلاقتهم بوسائل الإعلام ــ هى: حينما تقدم وسائل الإعلام المختلفة ــ الرقمية منها والتقليدية ــ ما يحتاج إليه الطفل فى مراحل النمو العقلى المختلفة ليتعرف على مجتمعه ويفهمه فلا تقدم مضامين للطفل تضع الجميع فى سلة واحدة بل تقسم الأطفال تبعا للفئات العمرية وما يتبعها من مستويات النمو العقلى والإدراكى، وتعمل على تكوين شخصية متميزة للطفل بأدوات وعناصر جاذبة وعصرية، وأن تقدم دراما متخصصة للطفل تساهم فى تكوينه ويتم التنويع فيما يقدم من دراما، وذلك مع السعى لإنتاج برامج تقدم للطفل معلومات متنوعة فى شتى المجالات الاجتماعية والتاريخية والدينية والبيئية وأفلام وروايات عالمية وعربية تهذب روحه وتصقل مداركه، وأن تستغل وسائل الإعلام التكنولوجيا الرقمية الحديثة فى الوصول ببراعة للطفل وفى تطوير قدراته الذهنية وشغله بكل ما هو جديد وتقديم ألعاب وقصص ومضامين ومسابقات باستغلال الفضاء الإلكترونى ومهارات الطفل فى التعامل مع التكنولوجيا الرقمية وشغفه بها بما يسهم فى رفع مستوى ذكائه وترتيب أولوياته واهتماماته بالشكل الذى يكون به الطفل بعد ذلك ناضجا وواعيا ومدركا لاحتياجات مجتمعه وقيمه ولما يرفضه المجتمع وما يمكن أن يبرع فيه حتى يصبح فردا نافعا فى مجتمعه وبلده.
ومن المهم فى هذا الشأن أن يقوم بإنتاج هذه المضامين وتقديمها عناصر بشرية تتفهم طبيعة الفئات العمرية للأطفال، وكيف تتعامل مع كل فئة منها ويكون أسلوبها فيما يتم إنتاجه وتقديمه سلسا ويكون لديها من العلم والخبرة والتدريبات العملية ما يحقق الاحتياجات الأساسية للأطفال ويجتذبهم، وفى الوقت ذاته يسهم بواقعية وفعالية فى تحقيق عملية التنشئة الاجتماعية ببراعة.
نيرمين الأزرق رئيس الشعبة الإنجليزية-كلية الإعلام، جامعة القاهرة
التعليقات