تدريس مادة في الجامعة - محمد زهران - بوابة الشروق
الأحد 1 ديسمبر 2024 7:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تدريس مادة في الجامعة

نشر فى : الأحد 16 ديسمبر 2018 - 11:30 م | آخر تحديث : الأحد 16 ديسمبر 2018 - 11:30 م

أستاذ الجامعة عليه مسؤوليات عدة وكلها جسيمة إذا نظرنا لها النظرة الصحيحة، إحدى أهم المسؤوليات بالقطع هي التدريس، تكلمنا من قبل عن تقنيات التدريس وركزنا على الأستاذ والطالب والإدارة، اليوم نتحدث عن المادة نفسها: كيف نختار المادة؟ كيف نحدد محتويات المادة؟ كيف نقيم الطالب؟ وكيف نقيم الأستاذ؟ ... مقالنا اليوم عن المادة الدراسية.

عندما نأتي لإختيار المادة فنحن نتكلم عن إختيار المادة بعامة، فأنت قد لا تكون لك مطلق الحرية في تدريس ما تريد أو في إدخال مادة جديدة فذلك يعتمد على طريقة الإدارة التي تعمل بها الجامعة التي تنتمي إليها، إذن فكلامي في هذه النقطة موجه لمن بيده إتخاذ القرار، عندما تختار مادة ليتم تدريسها لطلبة الجامعة يجب أن تحقق الهدف العام لما تريد أن يكون الطالب قد تعلمه حين يتخرج، هذا أولاً، ثانياً يجب أن تكون المادة مرتبطة بالمواد التي درسها الطالب قبلها ويجب أن يوضح الأستاذ هذه النقطة للطلبة في بدلية تدريس هذه المادة ويجب أن تمهد للمواد التي ستأتي بعدها وبهذا يكون عن الطالب خريطة معرفية عن كيفية تأثير كل علم على العلوم الأخرى في التخصص (وفي خارج التخصص أيضاً)، النقطة الثالثة أن تكون هذه المادة متجددة باستمرار خاصة لو كانت مادة متقدمة عن الأساسيات، للأسف يوجد بعض الأساتذة التي لا تتابع الجديد في المجال الذي تدرسه أو تكسل عن المتابعة أو عن تجديد المادة، لو كانت المادة قد فرضت عليك من جانب الإدارة ولم تكن في مجال تخصصك الدقيق فإنك تستطيع أن تتحدث مع أستاذ آخر في مجال التخصص عن رأيه في محتويات المادة وكيفية تجديدها وقد تساعدك هذه المعلومات الجديدة على تطوير معلوماتك أنت وقد تنفعك في مجال تخصصك... أما وقد إختارنا المادة أو تم إختيارنا لها نأتي إلى محتويات المادة.

من السهل جداً البحث في شبكة الإنترنت عن محتويات مادة ما في مختلف جامعات العالم وتضع نقطة من هنا على نقطة من هناك وتكوِن محتوى للمادة مكون من نقاط قد تكون متقدمة وتحتوي على آخر ما وصل إليه العلم في تلك المادة أو التخصص ولكن هل يعتبر ذلك كافياً؟ أو صحيحاً؟ تعتمد الإجابة على هذين السؤالين على عدة عناصر: هل هذه النقاط متجانسة، أي تسلم كل نقطة منها للنقطة التي بعدها؟ هل هذه النقاط تأخذ في إعتبارها المعلومات التي يعرفها الطالب من قبل؟ لأنه إذا كانت هذه النقاط تعتمد على معلومات لا يعرفها الطالب فإن الأستاذ سيفقد عدة محاضرات في بناء المبادئ الأساسية أولاً أو سيطلب من الطالب أن يحصلها بنفسه وفي كلتا الحالتين يعتبر ذلك ظلم للطالب، العنصر المهم أيضاً هو ماذا يحتاج الطالب كي يتعرف على هذا العلم؟ هناك توازن بين العمق والتنوع آخذين في الإعتبار عدد المحاضرات الكلية للمادة وعدد المواد الأخرى التي يدرسها الطالب مع هذه المادة فليس من الإنصاف أن يعتبر الأستاذ أن الطالب متفرغ لمادته وليس من النزاهة إعطاء كم كبير من النقاط مع عدم التعمق حتى تظهر محتويات المادة بشكل قوي على الورق ولكن ما يتعلمه الطالب أقل بكثير مما هو على الورق... نأتي الآن إلى كيفية تقييم الطالب في هذه المادة.

تقييم الطالب معناه إعطاء الطالب صك أنه تعلم هذا العلم وإعطاء الآخرين تأكيداً أن هذا الطالب يعرف هذا العلم والدرجة نفسها تحدد مدى جودة معرفة الطالب، إذا فأنت كأستاذ لا يجب أن تكذب في كلتا الحالتين لأنك تضر أولا بمصداقيتك وتضر الطالب لأنه يظن أنه يعلم شيئاً وهو لا يعلمه، هذا إذا كنت تعطي درجات مرتفعة للجميع، أما إذا كنت تعطي درجات منخفضة للجميع فهذا أيضاً مضر لأنه قد يجعل الطلبة تكره هذا العلم أو الدراسة ككل، قد تسأل ماذا لو كانت الطلبة فعلاً ضعيفة؟ هنا يأتي دورك أن تحاول أثناء العام الدراسي (أو الترم الدراسي) الإرتفاع بمستوى أغلبهم على الأقل حتى مستوى الجيد جداً أو الجيد، يجب أن نأخذ في الإعتبار أنه لو كانت الطلبة جميعهم أقوياء علمياً فهم في أغلب الظن لن يحتاجوا إليك وستكفيهم الإنترنت! ولكن هذا نادراً ما يحدث وعلى كل حال الطلبة تحتاج إلى الشهادة الجامعية لأن أغلب العالم مازال "بلد شهادات"! ... نأتي الآن إلى نقطة في غاية الأهمية يغفلها الكثيرون أو لا يعطونها الاهتمام الذي تستحقه.

تقييم الأستاذ من أهم العناصر في أية مادة أولاً لانها سترتفع بمستوى الأساتذة وستساعدهم على التجويد عندما يدرسون نفس المادة في المستقبل وهذا سينعكس بالقطع على مستوى الجامعة ككل والطلبة.

وبعد ... هل إقتنعت أن التعليم أمن قومي؟

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات