الكراسى للفلول .. والسجون للثوار - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكراسى للفلول .. والسجون للثوار

نشر فى : الإثنين 17 أكتوبر 2011 - 9:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 17 أكتوبر 2011 - 9:40 ص

لا يستطيع أى منصف منا بعد مرور ما يقرب من تسعة أشهر على قيام ثورة يناير إلا أن يرفع القبعة تقديرا لما حققه الفلوليون فى كل مناحى الحياة فى مصر من جامعات، ومؤسسات اقتصادية، وهيئات خدمية، وقنوات إعلامية. فالشهادة لله أن واحدا منهم لم يبخل لا بغالٍ لديه، ولا بنفيس يملكه إلا وبذله من أجل وأد ثورة الملايين من الحالمين بمصر فتية، وعفية، وعادلة، وشريفة.

 

الفلول نجحت ليس فقط بذراعها ولكن لأن وراء كل فل منهم فلا أكبر يدعمه، ويقويه، ويفسح له الطريق بينما يغلق كل المنافذ أمام ثوار يناير. فيسجن من يستطيع حبسه، ويطرد من يقدر عليه، ويقطع عيش من لا ظهر له، وأخيرا يدهس من يتبقى منهم، لعل وعسى يتم الإجهاز على الثورة.

 

هنيئا للفلول ما تحقق من نتائج الانتخابات فى الجامعات التى عاد معها رموز الفلول إلى كراسى الرؤساء اختيارا، والتى شجعت آخرين مثل عميدى كل من كليتى الطب البيطرى والآداب بالمنصورة على دهس 15 طالبا من بين الطلبة الذين وقفوا فى طريق سياراتهما، اعتراضا عليهم لأنهم من رموز الحزب الوطنى المخلوع. وهو المشهد المشابه لما حدث فى أكاديمية أخبار اليوم حيث احتجز الطلبة أحمد زكى بدر رئيس الأكاديمية (وليس خافيا على أحد من هو) لإرغامه على الاستقالة. فما كان من الأمن إلا أن أخرجه، وأصاب عددا من الطلبة. هكذا يبدو المشهد الآن.. الثوار يدهسون، والفلول يجلسون متربعون على الكراسى.

 

فلو كان المجلس العسكرى قرر عدم تولى أى من قيادات الحزب الوطنى عمادة الكليات والجامعات لكان قد جنب المؤسسات التعليمية هذا الصدام. الذى يدفع ثمنه الطلبة، إما دهسا بالسيارات أو ضربا بأيدى العسكر وهى مشاهد ستظل محفورة فى الذاكرة عنوانا لعصر صنع فيه الناس الثورة، وعندما أرادوا تحقيقها على الأرض، تم دهسهم بايدى وكلائها.

 

والأدهى من ذلك أن الفلول يكسبون كل يوم أرضا جديدة. فمن يصدق أن العاملين بالشركة المصرية للاتصالات عندما حاولوا إقصاء رئيسهم لأنه من فلول النظام السابق، وتسبب فى خسائر للشركة من جراء الملايين التى يوزعها على مستشاريه وحوارييه. لم يلتفت إليهم أحد بل بدأ البعض يهاجمهم على أنهم لا يفكرون إلا فى مصالحهم الخاصة. مما دفع بهم إلى احتجاز رئيس الشركة لإجباره على الاستقالة. فما كان من الشرطة العسكرية إلا أن ألقت القبض على خمسة من العاملين، بينما أطلقت سراح رئيس الشركة. الذى خرج منتشيا مضيفا نصرا جديدا للفلول على انتصاراتهم السابقة.

 

كل ذلك دون أن يكلف أحد من المسئولين فى الحكومة أو فى المجلس العسكرى نفسه فى البحث عن مدى صدق الاتهامات التى يوجهها العاملون لرئيسهم التى أخرجتهم عن شعورهم. فربما لو اهتم أحدهم بها لفعل مثل ما فعلوا وأكثر. فهل يكون جهاز المحاسبات متواطئا مع العاملين حين يأتى تقريره الأخير مشيرا إلى أنه «لابد من إعادة النظر فى جدول الأجور والمكافآت. فهناك مغالاة فى صرف المكافآت لبعض قيادات الشركة. بالإضافة إلى صرف مليون و600 ألف جنيه لعدد 14 مستشارا خلال الستة الشهور الأولى من العام الحالى. بواقع 20 ألف جنيه لكل واحد منهم. دون أن يتبين اختصاصات كل مستشار والأعمال التى كلف بها». ليس هذا فقط ما يعترض عليه جهاز المحاسبات ولكن التقرير يشير إلى «الشركة خسرت 454 مليون جنيه عن استثمارها المشترك مع شركة أوراسكوم تليكوم فى الجزائر لتوفير خدمات التليفون الثابت».

 

ويا ليت هذا هو كل ما خسرته الشركة ولكن أيضا قبل المسئولون فيها تخفيض مديونية شركة ميناتل بمقدار 20 مليون جنيه مقابل الحصول على كبائن الخدمة فى الشوارع. ولكن معظمها كان متهالكا ولم يتم استغلاله. بل وتم تخريد معظم هذه الكبائن. والأنكت من ذلك أنه بعد التخريد ظلت الشركة تدفع إيجار للأحياء عن وجود الكبائن فى الشارع، دون ان يدخل أى عائد للشركة. كل ذلك ولا تلتمسون للعاملين عذرا أن يحتجزوا رئيس الشركة؟.

 

ويبدو أن المخالفات لا تنتهى فهنالك فروق أسعار مستحقة للشركة لدى كل من شركتى فودافون وموبينيل كانت الشركة قد سددتها بالزيادة منذ بداية الترخيص. وتبين بعد ذلك أن الشركتين يحاسبان شركة الاتصالات بأسعار أعلى مما يحاسبان بعضهما البعض. كل هذا التغاضى عن حقوق الشركة ولا تريدون من العاملين ألا يغضبوا فمتى إذن يغضبون؟.

 

وإذا كانت هذه الملايين لا تهز كراسى كبار المسئولين وتدفعهم إلى الوقوف بجانب الغاضبين من العاملين فلندخل على المليارات لعل وعسى» الشركة لديها مديونيات مستحقة على بعض العملاء ما أمكن حصره منها مليار و500 مليون جنيه، ولم تتخذ الشركة أية إجراءات قانونية ضد هؤلاء العملاء». فهل بعد كل ذلك يمكن السكوت على حبس العاملين الذين لم تستطع ضمائرهم الحية الإبقاء على هذه الأوضاع. وكل تهمتهم أنهم صدقوا أن الثورة يصنعها أصحابها دون وكلاء.

 

والحقيقة التى لا يدركها حكامنا الجدد أن حالة الاستقواء التى يعيشها فلول مصر الآن والتى تجد ترحيبا منهم باعتبارهم سندا لهم ضد حالة الفوران الثورى لدى بعض القطاعات ستكون وبالا عليهم. لأن هذا الاستقواء فى حقيقة الأمر أصبح بمثابة مضادات لتقوية الجهاز المناعى لدى الثائرين على كل الأوضاع البالية تمنحهم زادا أكثر بكثير لمقاومة وصد كل الأسلحة التى يشهرونها.. الحكام والفلول.

 

فلا التشهير، أو التخويف، ولا الدهس، أو الحبس بقادر على وقف نبض الثورة. فالثورة سيصنعها أصحابها مهما أشهر الوكلاء أسلحتهم.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات