حكايات سياسية ليست قديمة - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكايات سياسية ليست قديمة

نشر فى : الأربعاء 18 يوليه 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 18 يوليه 2012 - 8:45 ص

لم يكن شراء «الزعيم»، كما كان يحب أن يسميه أعضاء حزبه، حصة فى إحدى شركات القطاع العام المخصخصة، المفارقة الوحيدة فى وضعه كرئيس حزب معارض، وضع الهجوم على برنامج الخصخصة كأحد أهم محاور برنامجه السياسى، وجند صحيفته الرئيسية لانتقاد سياسات التحول الاقتصادى والتفريط فى الملكية العامة للشركات.

 

لم يعرف أحد متى بدأ حياته السياسية، لم يره أى من المشتغلين بالسياسة ويحملون تاريخا من النشاط السياسى على ظهورهم، فى أى فعالية أو مظاهرة أو معتقل، حتى عندما تأسس الحزب لم يكن اسمه بين الأعضاء المؤسسين، وعندما شكل الحزب بعد التأسيس لجانه وأماناته الرئيسية والفرعية، وحتى لجان المحافظات والمراكز والأحياء والقرى، لم يكن بين كل هؤلاء.

 

لكنه ظهر فجأة قبل بضع سنوات عندما انفجر الحزب من الداخل، وقيل وقتها إن هناك تنازعا على رئاسته، وأن الرجل عقد مؤتمرا عاما جرى فيه انتخابه رئيسا للحزب، وفى شهور قليلة وعلى غير عادتها اعترفت لجنة الأحزاب به، وتدخلت السلطات لتسليمه مقر الحزب الرئيسى وصحيفته.

 

كانت علاقته برموز الحكومة والحزب الحاكم تتجاوز ما كان يسميه «الود»، وكان ذلك الود يفرض عليه أن يمنع أى مرشح لحزبه من خوض الانتخابات فى الدوائر التى يترشح فيها رموز وقيادات للحزب الحاكم، كان يقول إن معركة الحزب الحاكم مع التيار الإسلامى المتشدد هى معركة حزبه، وأن واجبه يفرض عليه ألا يضع مرشح الحزب الحاكم فى دوائر الإسلاميين فى مواجهتين، لكنه لم يكن يرد حين يباغته عضو مشاغب من حزبه بسؤال:

 

ولماذا لا نخوض الانتخابات ونهزم الاثنين معا.. «التشدد والفساد»؟

 

لكن تلك كانت أحلام عضو متحمس، فالحزب الذى يتبنى خطابا أقرب للجماهير، وأكثر تعاطفا مع الفقراء، لم يكن ينجح منه، فى أى انتخابات، سوى مرشح أو اثنين على الأكثر، لكن الزعيم حجز مقعدا دائما فى البرلمان من حصة المعينين.

 

عندما تعرفت عليه لأول مرة كنت أجرى معه حوارا لصحيفة عربية، وقتها قطع الحوار ودعانى لحضور حفل صغير فى قاعة الاحتفالات بمقر الحزب، ولما انتقلنا إليها، كانت لجنة المراسم بالحزب تنظم بالفعل حفلا لتوديع «ضابط أمن الدولة» المكلف بمتابعة نشاط الحزب، بمناسبة ترقيته ونقله ليدير مكتب الجهاز فى محافظة ساحلية.

 

تسابق زعيم الحزب وقياداته الأقل منه فى الإطراء على الضابط بكلمات الشكر، والإثناء على السنوات التى قضاها معهم، والتعاون المثمر الذى نجح فى تفعيله بين الجانبين.

 

ذات يوم سألتنى فتاة شابة من أعضاء الحزب مندهشة من قدرة الزعيم على مغادرة المظاهرات التى يقودها قبل اتخاذ قوات الأمن قرار الضرب بدقائق معدودات، كانت معجبة بحدسه وحسه الأمنى العالى، وكانت ترفض ما يشاع عنه من أنه يتلقى «اتصالا» من جهة أمنية يقول له: «هنضرب»، فيختفى تاركا شباب حزبه لهراوات الأمن المركزى.. لكنها اليوم لا تساورها أى دهشة من إعلانه فى غرف الحزب دعمه لأى انقلاب عسكرى محتمل على الديمقراطية الوليدة..!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات