الاكتتاب الشعبى.. الظاهرة والاستنتاجات دون استعلاء - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 5:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاكتتاب الشعبى.. الظاهرة والاستنتاجات دون استعلاء

نشر فى : الخميس 18 سبتمبر 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الخميس 18 سبتمبر 2014 - 7:55 ص

الظاهرة: شارك ملايين المصريات والمصريين فى الاكتتاب الشعبى على شهادات استثمار مشروع قناة السويس الجديدة، ووفروا خلال 8 أيام 61 مليار جنيه.

استنتاج أول: بفعل هذه الإرادة الشعبية، وبغض النظر عن تنوع المواقف إزاء منظومة الحكم/ السلطة الراهنة التى تبنت المشروع وبغض النظر عن معارضتى الشخصية لها لأسباب تتعلق بطبيعتها غير الديمقراطية وهيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى وانتهاكات الحقوق والحريات، تحولت القناة الجديدة إلى مشروع وطنى حقيقى تتلاقى بصدده تفضيلات وتطلعات قطاعات واسعة من المصريات والمصريين مع توجه منظومة الحكم/ السلطة.

استنتاج ثانٍ: احتراما للإرادة الشعبية، يمتنع أخلاقيا ومجتمعيا وسياسيا الاستعلاء على المصريات والمصريين الذين اكتتبوا للحصول على شهادات القناة بالاختزال غير الأمين وغير الموضوعى لدوافعهم فقط فى حسابات الربح المضمون أو فى نتائج التغرير الإعلامى المعتاد أو فى مخاوفهم التقليدية من ضغوط جهات العمل الحكومية والخاصة. ربما كان لحسابات الربح (وهى مشروعة) دور، وللحشد الإعلامى تأثير، وللرغبة فى إيثار «السلامة» باتباع توجيهات الإدارات الحكومية وأصحاب الأعمال الخاصة مفعول، إلا أن الدافع الأساسى لاكتتاب المصريات والمصريين بهذه الكثافة العددية والسرعة الزمنية وفى ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة لم يكن إلا اقتناعهم بأن مشروع القناة الجديدة يستهدف صالح الوطن وصالحهم العام، ورغبتهم فى الإسهام الإيجابى فى تنفيذه وتحويله إلى واقع. ولم يكن أبدا لتمسكى بمعارضة منظومة الحكم/ السلطة لأسباب أراها مبدئية وموضوعية أن يحول بينى وبين الاعتراف بحضور الإرادة الشعبية أو أن يزين لى ممارسة الاستعلاء عليها بالاختزال أو بإنكار الدوافع الوطنية النبيلة وراء مشاركة الناس فى الاكتتاب.

استنتاج ثالث: الإدراك الواجب لكون الإرادة الشعبية قد جعلت من القناة الجديدة مشروعا وطنيا والامتناع الضرورى عن الاستعلاء على الدوافع النبيلة والآمال الطيبة لمصر التى ذهبت بالناس إلى البنوك الوطنية ومكاتب هيئة البريد للاكتتاب يلزماننا جميعا، مجددا بغض النظر عن تنوع المواقف إزاء منظومة الحكم/ السلطة، بتمنى النجاح فى تنفيذ القناة الجديدة وتمنى نجاحها الاقتصادى والاستثمارى وبالاجتهاد المخلص ــ كل وفقا لطاقاته/ مهاراته/ قدراته ــ فى إنجاحها لكى يتحقق صالح الوطن والصالح العام.

استنتاج رابع: يعنى كل من تمنى النجاح للقناة الجديدة والاجتهاد المخلص لكى تحقق صالح الوطن والصالح العام أن من حقنا كمصريات ومصريين أن نحصل على المعلومات بشأن المشروع وتفاصيله وخططه الزمنية والموارد الموظفة به، وأن من حقنا أن نناقش دون خوف قضايا الجدوى الاقتصادية والاستثمارية والمنافع المتوقعة إن لجهة تشغيل العمالة أو لجهة العوائد العامة والخاصة، وأن من حقنا أن نتعرف بموضوعية وحيادية على آراء الخبراء والمتخصصين ومقترحاتهم لتعظيم جدوى المشروع ومنافعه، وأن من حقنا أن نطلب الشفافية الكاملة من الجهات الحكومية وغير الحكومية القائمة على تنفيذ المشروع وأن نمارس حقنا الأصيل فى الرقابة والمحاسبة الشعبية دون ان نخوَّن او نشوَّه او يفرض علينا الرأى الرسمى او التقدير الرسمى كصنوى الحقيقة المطلقة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات