تزييف الصور .. وتزوير الانتخابات - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 1:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تزييف الصور .. وتزوير الانتخابات

نشر فى : الأحد 19 سبتمبر 2010 - 10:35 ص | آخر تحديث : الأحد 19 سبتمبر 2010 - 1:17 م
القيم لا تتجزأ، فلا يستقيم عقلا أو منطقا أن تكون نزيها وشفافا وصادقا لمدة ساعة، وعلى العكس من ذلك فى الساعة التالية لها، فإذا أردت أن تكون نزيها ومحترما عليك أن تكون كذلك طول الوقت.

أيضا وبالمنطق ذاته فإن الذى يزيف فى صورة صحفية سيزور فى نتائج انتخابات وفى نتائج استطلاعات الرأى وفى كل ما يمكن تزويره.

وعليه فإن تزييف صور الزعماء فى البيت الأبيض هو الامتداد الطبيعى لتزوير نتائج الانتخابات ومعدلات النمو وأرقام البطالة ومحاولات اصطناع قيمة كبيرة لأشياء تافهة وصغيرة، كما يمكن تصوير الفضائح على أنها إنجازات، والكوارث باعتبارها تجليات للعبقرية الفذة.

لكن الأبشع من التزييف أن يعتبره أصحابه نوعا من الإبداع والمهارة بدلا من إعلاء قيمة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه، ومن ثم كنت أتوقع أن يبادر الأستاذ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام العريقة وهو يتحدث إلى الزميلة دينا عبدالرحمن فى «صباح دريم» أمس بالاعتراف بأن ما فعلته الجريدة فى الصورة المنشورة للرئيس مبارك والزعماء المشاركين فى مفاوضات البيت الأبيض كان خطأ فنيا غير مقصود، أو اجتهادا غير موفق من أحد الفنيين بالصحيفة، وأن المخطئ سينال العقاب.. كنت أتصور أن الأستاذ سرايا سيعتذر ثلاث مرات: مرة للرئيس مبارك على إقحامه فى هذا الموقف المؤسف الذى تندرت عليه صحف العالم.. ومرة للقارئ الذى قدمت له الأهرام صاحبة التاريخ والتقاليد العريقة سلعة «مضروبة» وفى الثالثة يعتذر للقيم المهنية النبيلة والمحترمة، أن يعتذر لقيم التجرد والصدق والأمانة والنزاهة فى العمل.

لكن شيئا من كل ذلك لم يحدث وبدا الأستاذ سرايا مرتبكا ومتخبطا وهو يحاول مواجهة ملاحظات دينا عبدالرحمن، مستندا إلى أن ما نشرته الأهرام صورة تعبيرية عن رؤية الجريدة للوزن النسبى للزعماء الموجودين فى الصورة، ولعل الأستاذ سرايا يعلم أن أصغر تلميذ فى كلية الفنون الجميلة يدرك الفرق بين الصورة وبين الرسم التعبيرى، ويعرف أن التعبير عن رأى أو موقف يكون بالكلمات أو بالكاريكاتير وليس بالعبث فى تفاصيل صورة فوتوغرافية شاهدها مئات الملايين من القراء حول العالم، خصوصا أن الصورة بثتها كبرى وكالات الصحافة الدولية وليست صناعة أهرامية.

كنت أتمنى أن تبقى المسألة محصورة فى مساحة صغيرة من الخطأ المهنى والاعتذار عنه، لكن الصادم هو الدفاع عن التزييف وكأنه منهج وعقيدة يراق على جوانبها الدم، وإذا مددنا الخط على استقامته فإن من حق مندوب اللجنة الانتخابية الذى يزور فى بطاقات الاقتراع أن يعتبر أن ما يفعله نوع من المهارة فى التعبير عن رؤيته الخاصة لأحجام ومميزات المرشحين المتنافسين.

وبالقياس ذاته فإن من حق جندى الأمن المركزى الواقف على أبواب لجان الانتخابات أن يمنع كل من يشتم فيه رائحة تأييد لمرشح لا يعجبه من الوصول إلى اللجنة.

باختصار شديد: لقد أهانوا الرئيس مبارك من حيث أرادوا مجاملته.. وأهانوا قيم المهنية والتفوق الصحفى من حيث أرادوا أن يكونوا متميزين.

 

وائل قنديل كاتب صحفي