صدقت «عائشة»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 10:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صدقت «عائشة»!

نشر فى : الجمعة 19 نوفمبر 2021 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 19 نوفمبر 2021 - 8:50 م

 

الكلام المهم الذى نُسب إلى عائشة ابنة القيادى الإخوانى خيرت الشاطر، الأسبوع الماضى، يستحق التوقف أمامه كثيرا، نظرا لما تضمنته من تقييم صريح وصادق للعام الذى سيطرت فيه جماعة الإخوان على مقاليد الحكم ومفاصل السلطة فى مصر، قبل أن يلفظها الشعب.
«كلام عائشة» جاء ضمن أقوالها فى التحقيقات التى تجريها نيابة أمن الدولة العليا، فى القضية التى تحمل الرقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، حيث من المقرر أن تنظر محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ فى ٢٤ من نوفمبر الجارى، محاكمة عائشة وأكثر من 20 شخصية إخوانية متهمة فى القضية.
ذكرت عائشة فى أقوالها بالتحقيقات، التى نشرها الزميل والصحفى المجتهد محمد فرج فى «الشروق»، يوم الأحد الماضى أن «أداء مرسى أثناء فترة توليه الرئاسة كان ضعيفا، ولم ينجح فى إدارة البلاد لأسباب كثيرة منها عدم اقتناع الناس بشخصيته، ولغة خطاباته التى لم تكن مناسبة لعامة الشعب، ووجود بقايا للنظام السابق».
صدقت عائشة فى تأكيدها بشكل مباشر على أن ممثل الجماعة فى قصر الحكم، فشل فى إدارة شئون البلاد، ولم تلجأ إلى الهروب للأمام أو استخدام خطاب كربلائى أو حديث المظلومية لتبرير هذا الفشل، كما اعتدنا من جميع رموز وقيادات الجماعة، التى حاولت خلال السنوات الماضية إقناع عناصر التنظيم بأن الجماعة لم تفشل فى إدارة شئون البلاد، وإنما تعرضت لمؤامرة كونية من أجل إقصائها من السلطة.
ربما يرى البعض أن ما قالته ابنة الشاطر، ليس أكثر من مجرد محاولة لإرضاء المحقق الذى تقف أمامه حتى تخرج من دوامة السجن، أو أنه نوع من التطبيق العملى لمفهوم «التقية»، الذى يبرع فيه رجال ونساء الجماعة، من أجل إخفاء الحقيقة التى يؤمنون بها، حتى تحين اللحظة المناسبة للتعبير عنها.
لا نعتقد ذلك، لاسيما أن ما يحدث الآن فى صفوف الجماعة من انقسامات وصراعات وتمزق وحملات تخوين واتهامات بالفساد والسرقة بين قادتها، سواء فى الداخل أو الخارج، يجعلنا على ثقة بأن لا أحد أصبح فى مقدوره إخفاء الحقائق التى أضحت معروفة للجميع، أو حتى تجميل الصورة التى باتت معالمها واضحة للجميع.
على آية حال، ما ذهبت إليه عائشة الشاطر، من أن ممثل الجماعة فى قصر الحكم، فشل لأنه لم يكن مقنعا للمواطنين، ولغة خطاباته لم تكن مناسبة للجميع، ليس سوى جزء يسير من قمة الجبل الظاهر، لقصة فشل الجماعة فى تجربة واختبار السلطة فى مصر، ذلك أن هناك عوامل أخرى أكثر أهمية، ساهمت بشكل حاسم فى هذه النهاية السريعة لوجودهم فى الحكم.
أهم هذه العوامل ــ فى تقديرى ــ ذلك الالتباس والتناقض والخلط المتعمد بين الدينى والسياسى فى آلية عمل وطريقة تفكير الجماعة، وهو ما أحدث خلطا لدى الكثيرين الذين عزفوا عنها، لأنهم لم يعرفوا هل من يحكمهم ويدير بلادهم، سياسيون يلقون خطب الجمعة فى المسجد، أم رجال دين يباشرون أمور السياسة فى قصر الرئاسة؟!
كذلك لم تتمكن الجماعة أو من يمثلها فى السلطة، من تجميع المجتمع حولهم، وارتكبوا جميع الأخطاء التى عجّلت برحيلهم عنها، مثل إقصاء شركاء الوطن عن المشاركة فى صناعة القرار السياسى، والاستعلاء على جميع القوى الوطنية، والانفراد والسيطرة المطلقة على مفاصل الدولة، ومحاولة تكرار نماذج الحكم الفردى التى انتفضت ضدها شعوب المنطقة خلال ثورات الربيع العربى، وعدم رغبتهم فى إحداث تحول ديمقراطى حقيقى يضع الأسس القوية لإمكانية التداول السلمى للسلطة.
يضاف إلى ذلك أيضا، اكتشاف الكثير من المواطنين زيف الشعارات التى رددتها الجماعة، حول قدرتها على تغيير حياة الناس إلى الأفضل، ومعالجة تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وغياب الرؤى الواقعية للمشكلات والتحديات التى تواجه المجتمع.
شهادة عائشة وغيرها ممن يعتبرون الأقرب إلى عصب الجماعة المالى والسياسى، يجب التركيز عليها كثيرا، نظرا لأهميتها فى إيضاح ملامح فترة حاسمة فى تاريخ مصر، وأيضا لإقناع العديد من العناصر المغيبة التى لا تزال تعتقد بوجود مؤامرة وراء إزاحة الجماعة عن الحكم، وليس لفشلها الذريع فى إدارة شئون البلاد.

التعليقات