«الأقصى».. والسلام الدافئ - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الأقصى».. والسلام الدافئ

نشر فى : الجمعة 21 يوليه 2017 - 8:50 م | آخر تحديث : الجمعة 21 يوليه 2017 - 8:50 م
لم يكن مستغربا من الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أن يطلب خلال اتصال هاتفى مع مستشار الرئيس الأمريكى للشرق الأوسط، جاريد كوشنير، تدخل إدارة الرئيس دونالد ترامب بشكل عاجل، لإلزام إسرائيل بـ«التراجع عن خطواتها فى المسجد الأقصى المبارك، وإزالة البوابات الإلكترونية، لأن الأمور فى غاية الخطورة، وقد تخرج عن السيطرة إذا لم تقم إسرائيل بالتراجع عن إجراءاتها المتخذة فى القدس بشكل عام وفى المسجد الأقصى وعلى بوابته بشكل خاص» على حد قوله.

غياب الدهشة من طلب عباس النجدة من الولايات المتحدة وليس من الدول العربية، يرجع فى الأساس إلى أن الفلسطينيين بات لديهم قناعة راسخة، بأن العرب لم يعدوا منذ زمن طويل عنصرا مهما فى الصراع مع الكيان الصهيونى، وأن القضية الفلسطينية تراجعت فى قائمة الاهتمامات العربية، خصوصا خلال مرحلة «الربيع العربى»، التى جعلت الكثير من الدول تنكفئ على نفسها وتنغمس فى مشكلاتها وحروبها وأزماتها الداخلية، بل إن بعضهم بات ينظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها «حملا زائدا» ينبغى التخلص منه فى أسرع وقت.

ليس هذا فقط بل إن الفلسطينيين يشاهدون يوميا، تسابق العديد من الدول العربية ــ خصوصا البعيدة عن حدود التماس مع الكيان الصهيونى ــ على خطب ود إسرائيل والتطبيع معها سواء سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا، بل إن بعض تلك الدول لم تعد ترى فى الدولة العبرية التى تتوغل يوميا فى الدم العربى، كيانا مغتصبا للأرض والمقدسات العربية والإسلامية، بل حليفا قويا يمكن أن يعتمد عليه فى التغلب على الأخطار والتهديدات والتحديات و«الأعداء المشتركين». 

أقصى ما يمكن أن تفعله هذه الدول العربية ومعها بعض الهيئات الإسلامية، هو دعوة الهيئات الدولية إلى تحمل مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطينى والمقدسات بالقدس الشريف وكل الأراضى الفلسطينية، والتصدى لإصرار الاحتلال على انتهاك القوانين والأعراف الدولية، وهى دعوة هدفها الأول والأخير، ذر الرماد فى العيون، وغسل يدها من الدفاع عن الأرض والمقدسات فى فلسطين المحتلة، ومحاولات إسرائيل المستمرة لتغيير الوضع الطبيعى التاريخى القائم للمسجد الأقصى المبارك.

إذن لا نستطيع التعويل على هذا الواقع العربى الهش والضعيف، فى الدفاع عن مدينة القدس المحتلة إزاء ما تتعرض له حاليا من اعتداءات إسرائيلية، بهدف تجريدها من كاف معالمها الإسلامية، حتى يتم تهويدها وطرد سكانها الأصليين والاستيلاء على المزيد من الأراضى الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها.

فمنذ بداية هذا العام فقط ــ ووفقا لمصادر فلسطينية ــ شهدت مدينة القدس نحو مائة اعتداء لا تختلف كثيرا عن الهجمة الحالية، ولم تتحرك الدول العربية، وكان من أبرز تلك الاعتداءات منع رفع الأذان باستخدام مكبرات الصوت فى المساجد، واقتحامات شبه يومية للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين اليهود من أجل إقامة شعائرهم الدينية، واعتقال حراس المسجد وملاحقة العاملين فيه، ومنع الفلسطينيين من الدخول إليه، فضلا عن مصادرة والاستيلاء على المزيد من الاراضى لصالح بناء المستوطنات اليهودية التى باتت تطوق المدينة المقدسة.

ما يمكن أن نعتمد عليه حقا فى الدفاع عن القدس المحتلة، هم هؤلاء المقدسيون الأبطال الذين يرابطون ليلا نهارا على أبواب المسجد الأقصى بصدورهم العارية وإيمانهم الكبير وعزيمتهم التى لا تلين، من أجل صد الهجمات الصهيونية المتكررة.

ما يحدث الآن فى القدس والمسجد الأقصى، ينبغى أن يكون جرس إنذار من الاستغراق فى وهم إمكانية التوصل إلى تسوية دائمة مع هذا الكيان، أو إقامة «سلام دافئ» معه يغير من شكل المنطقة إلى الأفضل.. فإسرائيل لا تعرف سوى لغة القوة، واذا كان هذا العنصر غير متوفر الآن لدى العرب، فما عليهم إلا أن يتركوا مصير القضية للأجيال المقبلة، حتى تتغير موازين القوى، بدلا من الإصرار على عقد صفقات خاسرة ومجحفة لن تعيد الحقوق إلى أصحابها.

 

التعليقات