احذروا من التدخل فى شئون مصر - ماجدة شاهين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

احذروا من التدخل فى شئون مصر

نشر فى : الأربعاء 21 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 أغسطس 2013 - 8:00 ص

لا يجيز ميثاق الأمم المتحدة فى فقرته السابعة من المادة الثانية التدخل فى الشئون التى تكون من صميم الشأن الداخلى لدولة ما، كما أنه لا يجيز عرض هذه المسائل على الأمم المتحدة للحل بحكم ميثاقها..

وإذا صح هذا القول طوال الأربعين عاما الأولى لعمل المنظمة، وهى ما عُرفت بفترة الحرب الباردة وسيادة القوتين العظميين، فإن الأمر اختلف كثيرا منذ ذلك الحين. فبدءًا من 1991 وبتفكك الاتحاد السوفييتى وتفتيت دول أوروبا الشرقية إلى دويلات وما نجم عن تلك الفترة من حروب عرقية ودينية عديدة، اتجهت دول مجلس الأمن وعلى رأسها الولايات المتحدة ودون منازع إلى إدخال تعديلات عديدة على ولاية المجلس ومهامه بما يسمح له دون جدل بالتدخل الفعلى فى الشئون الداخلية للدول.

●●●

وما يزيد الطين بلة هو المفهوم الحديث نسبيا والذى تبنته الأمم المتحدة فى أوائل القرن الحالى والمعنى «بمسئولية الحماية» The Responsibility to Protect، ولا يكتفى هذا المفهوم بتخويل المجتمع الدولى الحق فى التدخل بل إنه يعتبره واجبا عليه بأن يتخذ إجراءات عسكرية ضد الدول التى تخفق فى حماية مواطنيها المدنيين من الأخطار الداهمة مثل التطهير العرقى أو الإبادة. وقامت عندئذ عديد من الدول النامية، لاسيما الآسيوية عند ظهور هذا المفهوم فى 2002 بالتصدى له ونبهّت من خطورته وانتهاكه لسيادة الدول واستقلاليتها، غير أنه بإيعاز من الولايات المتحدة وبضغوط مكثفة من السكرتير العام للأمم المتحدة، كوفى عنان فى ذلك الوقت، تم تبنى هذا المفهوم وأصبح جزءا لايتجزأ من المبادئ المعمول بها فى الأمم المتحدة، وتم النص عليه فى قرار مجلس الأمن عام 2006 بُغية حماية المدنيين من النزاعات المسلحة، وهو ما اعتبر مبررا  للناتو وبمباركة دولية لشن هجومه على ليبيا بحجة حماية المدنيين.

●●●

ومن المحتم علينا اليوم أن نعجّل من إنهاء حربنا ضد إرهاب تيار الإسلام السياسى، حتى لا نقع فى الفخ الذى يتم نصبه لمصر ولشعبها. وإلاّ فلماذا تقوم الولايات المتحدة بالتدرج فى تصعيد الموقف ضد مصر، ولماذا حرصت روسيا ـ مشكورة ـ على التصدى لفرنسا مصممة على أن انعقاد مجلس الأمن يكون بصفة تشاورية وغير رسمية. فلم يتوان العالم الخارجى عن تسمية معركتنا، التى نخوضها وبكل شجاعة، بعد استنفاد جميع الأساليب القانونية والتحذيرات لهؤلاء الإرهابيين، بمسميات لا أساس لها من الصحة والادعاء تارة بأنها تمثل أعمال بطش وانتهاكا لحقوق الإنسان وتارة أخرى بأنها حرب إبادة للإخوان تقوم بها دولة فاشية عسكرية، مسميات تثير الدهشة والحيرة بل والاشمئزاز. ويقف الشعب المصرى حائرا ومستنفرا أمام تلك المسميات، أليس هذا هو الإرهاب بعينه الذى يحاربه العالم أجمع، هل كان الهدف أن نقف موقف المتفرج مكتوفى الأيدى أمام تمركز الإرهاب فى ربوع مصر وفى سيناء وأن يتحمله شعب مصر وحده وذلك من أجل تخليص العالم منه. وفى ضوء ردود الفعل الدولية المتتالية والتى نتابعها كل يوم بل وكل ساعة، لا يسعنا القول إلاّ أن العالم يقف متربصا لمصر، ويتعين علينا ألاّ نعطى له فرصة المساس بسيادتنا والتدخل فى شئوننا.

●●●

إن مصر تمر بفترة حرجة وعصيبة لم تشهدها طوال تاريخها الحديث، بما يتطلب منّا جميعا التفانى فى الدفاع عنها ومضاعفة الجهد للتصدى لهذه المؤامرة الدنيئة. وفيما يلى بعض النقاط التى يتعين علينا أن نوليها مزيدا من الاهتمام فى المرحلة القادمة وتوضيحها للعالم الخارجى وللولايات المتحدة:

• لم يكن الإخوان المسلمون طوال عملهم ثمانين عاما تحت الأرض جماعة متوازنة أو مسالمة. فخرج من رحمها جماعات الجهاد والمتطرفون، وشارك المنتمون إليها فى تنظيم القاعدة ومارسوا الإرهاب. وأن ما تخشاه مصر التى عايشت تلك الجماعة منذ نشأتها، ومصر ـ حكومة وشعبا ـ أكثر إلماما من غيرها بأساليب هذه الجماعة، إن ما تخشاه هو زيادة التطرف والتحام هذه الجماعة بتنظيم القاعدة، إن لم تكن فعلت ذلك بالفعل وبعد أن خسرت كل شىء عندما حاولت الخروج إلى السطح والتباهى باكتساب السلطة.

• من خلال حرق الكنائس وأقسام الشرطة والمؤسسات وتدمير كل ما يخلفونه، أثبتت تلك الجماعة  نياتها السيئة فى افتعال الفوضى وتسخير الفرقة فى المجتمع المصرى، فكيف يتأتى التفاوض مع هؤلاء. وعلى العالم كله أن يدرك أن تعامل الحكومة المؤقتة مع إرهاب تيار الإسلام السياسى كان رد فعل أكثر منه أخذا بزمام المبادرة. فقد اتخذت إجراءاتها بفض الاعتصام المسلح وحماية المدنيين الذين كانوا شبه رهينة للإرهابيين لمدة زادت على شهر بعد استنفاد جميع الأساليب وإعمال القانون، ورفضت القيادات محاولات الحكومة للمهادنة والتهدئة. وما كان على الحكومة سوى الرد على هذا التحدى والاستهزاء بسيادة الدولة.

• الرفض القاطع لأى تدخل فى شئون مصر الداخلية وفضح محاولات دول مثل تركيا وقطر بإمداد الجماعة الإرهابية بالمال والعتاد. وعلى الحكومة أن تطرح على الملأ ما لديها من معلومات متوافرة تفضح جماعة الإخوان وارتباطها الوثيق بالإرهاب، فإن هذا واجب على الحكومة والتزاما بالشفافية.     

• أهمية إنشاء غرفة عمليات ـ إن لم يكن ذلك تم بالفعل ـ فى الرئاسة وتشمل ممثلين عن مختلف مؤسسات الدولة، بما فى ذلك الداخلية والجيش والخارجية والاستعلامات والإعلام المستقل من صحافة وتليفزيون ولا مانع من إشراك ممثلين عن المنظمات غير الحكومية، والغرض هو مواجهة العالم الخارجى بمعلومات دقيقة وصحيحة لما يجرى بالداخل.

• وأخيرا وليس آخرا، فإن مصر معروفة بدبلوماسيتها رفيعة المستوى واحتراف دبلوماسييها واليوم على رأسها وزير خارجية متمرس ومحترف، فيتعين علينا تكثيف جهودنا الدبلوماسية ومضاعفتها فى الداخل والخارج، ولا مانع من تعيين وزير الخارجية متحدثا رسميا للحكومة فى تلك الأوقات العصيبة يخاطب العالم الخارجى بما لديه من قوة إقناع ولباقة فى الحديث، كما على مصر أن تستغل تكنولوجيا الاتصالات بصورة أكبر واستغلال الكم الهائل من الشباب الذى لديه دراية عالية بلغة الكمبيوتر وحثه على مخاطبة العالم الخارجى وشرح حقيقة ما يدور فى مصر. فضلا عن ضرورة أن يقوم الأقباط داخليا وفى المهجر بشرح الأوضاع الداخلية فى مصر، فإن دور الأقباط مطلوب وضرورى فى هذه المرحلة.

 

مدير مركز الأمير الوليد بن طلال للدراسات الأمريكية والبحوث  بالجامعة الأمريكية

ماجدة شاهين مساعد وزير الخارجية للعلاقات الاقتصادية الدولية (سابقاً)
التعليقات