التعليم فى عصر الثورة الرقمية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعليم فى عصر الثورة الرقمية

نشر فى : الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 10:50 م | آخر تحديث : الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 10:50 م

نشرت مؤسسة الفكر العربى مقالا للباحث خالد صلاح حنفى يتحدث فيه عن العلاقة بين وسائل التواصل القديمة ووسائل التواصل الحديثة باعتبارها علاقة تكاملية وليست علاقة قائمة على التنازع، وكذلك عن أهمية وسائل التواصل الجديدة للعملية التعليمية..

هناك فكرة شائعة مفادها أن وسائل الاتصال الجديدة تُلغى القديمة، وتحل محلها فى كل شىء، كما لو أن صلاحيتها انتهت، ولم يعُد لها مكان فى سوق التداول. وهذه الفكرة ــ كما تؤكد الأدلة ــ خاطئة؛ إذ إن هذه الوسائل والوسائط لا تقوم على التنازُع، بقدر ما هى مؤسَّسة على التكامل والتعاون.
يوضح لنا تاريخ التواصل البشرى أن النقلة النوعية المهمة التى عرفتها الإنسانية فى بداياتها، من التواصل الشفهى إلى التواصل الكتابى، لم تؤثِّر فى شىء، لا من حيث الحضور أو الاستعمال، على الوسيلة الشفهية الأولى. لا بل إن التواصل الكِتابى عمل على استكمال نواقص التواصل الشفهى، وعلى سد القصور أو النقص فى إنجاز بعض المهام التواصلية القائمة أساسا على العلاقة المُباشرة (وجها لوجه) بين المتكلمين، وهو ما كان يؤثِر سلبا على العملية التواصلية ويحد من إمكاناتها كالتوثيق ومُخاطَبة البعيد. ولنا فى إشكالية الشك فى صحة الشعر الجاهلى لارتباطها بالرواية وغياب التدوين أكبر دليل على ذلك.
تهدف الوسائل التواصلية الجديدة إلى استكمال العجز الملحوظ فى أداء الوسائل التواصلية القديمة ليس إلا؛ ولو لم يكُن الحال كذلك لكان الخطاب الشفهى قد اندثر بمجرد ظهور الكِتابة، ولأَصبح ابتكار وسائط جديدة مؤشرا على أفول أخرى قديمة، وهو ما يتنافى طبعا مع الواقع. فالعلاقة تكاملية لا تنازعية.
ما هى الوسائط التواصلية الجديدة؟
تعرَف مَواقع أو وسائل التواصل الاجتماعى أو شبكات الإعلام الاجتماعى بأنها مَواقع أو تطبيقات مخصَصة لإتاحة القدرة للمُستخدِمين على التواصل فيما بينهم من خلال وضع معلومات، وتعليقات، ورسائل، وصور... إلخ. وهناك خمسة مَواقع للتواصل الاجتماعى تعَد الأكثر شهرة ونموا فى عدد المُستخدِمين، وهى: فيسبوك وهو موقع التواصل الاجتماعى الأكثر شهرة منذ ظهوره فى عام 2003؛ يليه تويتر وهو موقع التدوين المُتناهى الصغر، الذى يسمح لمُستخدِميه بكتابة « تغريدات» بحد أقصى نحو 140 حرفا للتغريدة الواحدة، وظهر فى عام 2006؛ وجوجل بلاس الذى دشَنته شركة جوجل العالمية فى العام 2011 كمُنافس لفيسبوك، وتعمل على تكامله مع خدمات أخرى تقدِمها كالبريد الإلكترونى... إلخ؛ ولينكد إن، الذى بدأ التشغيل به فى عام 2003 ويُعَد مَوقعا للتواصل الاجتماعى على مستوى احترافى مهنى، ويهدف إلى ربط المُشاركين المُهتمين بفئات متنوعة من الوظائف والأعمال؛ وأخيرا بنترست، الذى أُطلق فى عام 2010 ويُعَد الأكثر نموا فى مجال المُشاركة الإعلامية، ويتيح خدمة تشارُك الصور بين المُستخدِمين.
ولكل وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعى خصائصها ومميزاتها وتفردها فى نقل المحتوى المطلوب بثه، ولكنها جميعا تتفق فى سمة واحدة، هى القدرة على تحقيق التواصل بين البشر عبر تجاوز الحدود المكانية أو الزمنية أو القيود على الحرية، فضلا عن إمكانية نقل أى رسالة سواء أكانت مرئية أم صوتية أم مكتوبة، وإمكانية الوصول إليها من أى مكان فى العالَم.

وسائل التواصل الاجتماعى والأنظمة التعليمية العربية
ويضيف الباحث أنه يُمكن للوسائط التواصلية الجديدة كالحاسوب والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى أن تُساعد على تطوير المنظومة التعليمية والرفع من مستوى أدائها ونتائجها. ويُمكن لهذه الوسائط كذلك، إذا ما أُحسن استغلالها، تدعيم منظوماتنا التعليمية الحالية فى جوانب عديدة أظهرت فيها الوسائل القديمة من خلالها عجزا كبيرا وكانت بالتالى سببا مباشرا فى تدهور أدائها، وانحسار مردوديتها، كما هو الحال مثلا بالنسبة إلى الكِتاب المدرسى الورقى. ففى الآونة الأخيرة، عَرف هذا الكِتاب بدَوره تراجعا كبيرا مقارنة بما كان عليه وضعه من قبل، أى عند ظهور المطبعة، لدرجة أنه أصبح يُشكِل فى بلداننا العربية عائقا فى وجه العملية التعليمية أحيانا فى ظل ارتفاع تكلفة طباعته والمُنافَسة الشديدة بين الناشرين، التى امتدت آثارها السلبية للتضحية بالأهداف التثقيفية والتعليمية النبيلة لهذا المُنتج لمصالح اقتصادية صرفة. هذا فضلا عن الجوانب السلبية العدة المرتبطة أساسا بصعوبة تزويد المَكتبات العامة والخاصة بالكُتب اللازمة.
يُعَد «الكِتاب الرقمى» اليوم ثورة علمية يُمكن أن تغيِر مَسار التاريخ فى القرن الحادى والعشرين، أكثر من التغيير الذى أحدثته المطبعة؛ إذ أصبح «الكِتاب الرقمى الإلكترونى» فى متناول اليد، وسهل القراءة والاطلاع. وهناك بعض الكُتب الرقمية المحفوظة على أقراص ليزرية جيدة الحفظ، والتخزين، ويُمكن قراءتها فى أى وقت، ويُمكنها أن تُصبح مِلكا للجميع، ما يتيح إمكانية المُطالَعة والتثقيف، والبحث عبر القارات من غير حدود ولا حواجز.
ويُمكن أن يُسانِد الكِتاب الرقمى الكِتاب الورقى فى مَكتبات المَدارس والجامعات، وخصوصا فى حالات المَراجع والمَعاجم والموسوعات الإلكترونية المُتوافرة بأثمانها الزهيدة وسهولة حملها وتحميلها والبحث فيها.
كما يُمكن استخدام الحاسوب والإنترنت فى مُعالجة القصور الهائل الذى يعرفه نظامنا التعليمى الحالى بوسائطه التواصلية القديمة المُعتمِدة على الخطاب الشفهى المباشر المشروط بالوجود الفعلى للمُعلم والمُتعلم فى داخل قاعات الدرس، وهو ما يحرم فئات عديدة من المتعلمين الذين تحول ظروفهم الخاصة دون المُشاركة فى الصف من الاستفادة من طاقاتهم وكفاءاتهم، ويؤثِر سلبا على التنمية البشرية والاجتماعية للوطن والمُواطنين على السواء. فوسائط التواصل الجديدة تفتح آفاقا رحبة أمام الكثير من الفئات المحرومة من التعليم، وتحقِق طموحاتها فى تحسين أوضاعها، وذلك عن طريق ما يُطلق عليه «التعلم عن بعد»، بحيث يصير «الحاسوب خير جليس فى هذا الزمن».
هكذا يُمكن للأشخاص الذين تحول ظروفهم الخاصة دون إمكانية التحاقهم بالمؤسسات التعليمية لسببٍ من الأسباب، كالمرض أو الحرب أو الصراع أو البُعد المكانى أو العوائق المالية، تلقى دروسهم فى أماكن معيشتهم وإقامتهم، وهو ما يُسهِم فى تحقيق «دمقرطة التعليم»، والحد من ظاهرة الحرمان القسرى من التعليم، كما يفتح المجال مستقبلا أمام إمكانية قيام منظومة تعليمية جديدة تعتمد على التواصل عن بعد عن طريق الحاسوب والإنترنت، من دون الحاجة إلى بناء المزيد من المَدارس والجامعات، وما يفرضه ذلك من أعباء مادية جسيمة قد تتجاوز إمكانيات الدول، ويُسهم ذلك فى مُعالجة ظاهرة تكدس الطلبة فى الفصول الدراسية وتأثيراتها السلبية على العملية التربوية بأسرها.

ومن هنا فإن الحاجة تبرز إلى:

• تزويد جميع المدارس والمؤسسات التعليمية بشبكة الإنترنت والحواسيب اللازمة للاتصال.
• تدريب المُعلمين وتأهيلهم عن طريق الإنترنت واستخدام مَواقع التواصل الاجتماعى فى تعليم الطلاب.
• الاعتماد على المَراجع والكُتب الرقمية من ضمن المقررات المدرسية والجامعية.
• تزويد المكتبات المدرسية والجامعية بالكُتب الرقمية وبنقاط الاتصال بشبكة الإنترنت أيضا، ورفْع قوائم الكُتب على مَواقع المكتبات على الإنترنت، والفَهْرَسة الإلكترونية لجميع الكُتب والدوريات.
• الربط بين المَدارس والإدارات التعليمية إلكترونيا، واستبدال البريد الورقى بالبريد الإلكترونى.
• تطوير بَرامج إعداد المعلمين فى كليات التربية وما يناظرها من مؤسسات إعداد المعلمين، والتركيز على تعليم الطلاب / المُعلمين المهارات التكنولوجية اللازمة لذلك.
• تطوير المَناهج والمقررات وما تتضمنه من أنشطة وتدريبات لتركِز على البحث عن طريق شبكة الإنترنت، والعمل الجماعى عن طريق مَواقع التواصل الاجتماعى.
• تدريب المعلمين على استخدام البَرامج الإلكترونية وفقا للتخصص، ومن أشهر هذه البَرامج Crocodile، وكذلك مَواقع المؤتمرات الإلكترونية مثل البلاك بورد وغيرها واستخدامها فى التفاعل مع الطلبة.
• تطوير نُظم الخدمات التعليمية المقدَمة للطلبة والاستغناء التدريجى عن الخدمات الورقية والاعتماد على الخدمات عبر شبكة الإنترنت.
• التوسع فى استخدام التعلم عن بعد فى الدول التى تعانى الصراعات والحروب مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الدولية كاليونسكو واليونسيف والبنك الدولى والجهات المانِحة، لضمان إتاحة الخدمات التعليمية لمَن حُرموا من التعليم نتيجة ظروف الحرب والقتال.
• تحفيز أساتذة الجامعات والمعلمين على طرح المقررات بصورة إلكترونية تفاعلية، وتصميم مَواقع لشرح الدروس والمقررات.
• توسع الجامعات العربية فى تقديم المقررات الإلكترونية واسعة الالتحاق (MOOCS) بالتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية العربية والأجنبية.

النص الأصلى
https://bit.ly/2rQMlji

التعليقات