هل مات الإنسان فينا؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 10:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل مات الإنسان فينا؟

نشر فى : الأربعاء 22 فبراير 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الخميس 23 فبراير 2017 - 9:36 ص

أغلب حواراتنا تدور اليوم حول كيف نَحصل على القوت ووسائل العيش الأخرى من مسكن وملبس ونقل وغيرها، ونعجز على فهم لِمَ لَمْ نستطع رغم كل المحاولات أن نصل إلى نتيجة فى هذا المجال، لا نحن اكتفينا ذاتيا فى مجال الغذاء أو الدواء أو السكن أو سوق العمل أو غيره، ولا نحن استطعنا إيجاد الحلول اللازمة لمشكلاتنا المختلفة، كل طموحنا بات محصورا بين أن نشترى من الغرب أو من الشرق من هذا البلد أو ذاك، نُفاضل بين الاعتماد على الآخرين وننتقد ما يقدمونه لنا، وكل يعتقد أنه يسلك الطريق الصحيح..

وفى كل مرة نكتشف أن الحلول المستوردة لم تحقِّق النتيجة المنتظرة منها، وأننا لم نهتد إلى السبيل الذى يُمَكِّننا من تجاوز أزماتنا وتلبية حاجاتنا ووضع أولى الخطوات الصحيحة نحو التقدم.. طريق الاهتمام بتكوين وتربية الإنسان قبل أى مسألة أخرى. هذا الطريق هو وحده الذى يستطيع صناعة مَن يستطيع بناء مستقبله بالكيفية التى يريد ومَن يستطيع تحقيق التقدم المنشود، وهو ما لم نعره العناية الكافية منذ عقود من الزمن.

لم نتمكن من جعل تربية الإنسان وتكوينه علميا وأخلاقيا هى أولى الأولويات بالنسبة للمجتمع والدولة، دفعنا بالمجتمع إلى أن تُصبح غاية كل فرد فيه ليست أى علم وأى تربية وأى أخلاق ينشئ عليها أبناؤه، إنما أى إمكانات مادية يوفرها لهم وإن لم يتعلموا أو يربوا التربية الحسنة، وكانت النتيجة أن أصبح هذا أيضا هو مطلب الكثير من الأبناء لا يرون أفضل منه على الاطلاق.

وهكذا فقدنا تدريجيا القدرة على نكون كما نريد، وأن نعتمد على أنفسنا فى تحقيق حتى تلك الغايات المادية التى أصبحت هدفنا الأول، وتحولت وجهتنا نحو انتظار جميع الحلول من غيرنا، وفهم غيرُنا أن الإنسان قد مات فينا، فلم يتردد فى استعبادنا.

وها نحن نكاد نشعر أن حياتنا أصبحت مُعلَّقة بأسعار البترول صعودا ونزولا، وبالواردات التى قد تصل أو لا تصل، بدل أن يكون اعتمادنا على الله تعالى أولا وعلى إيماننا بأنفسنا وقدراتنا والتمسك بروح عقيدتنا التى تحثنا على العلم والعمل والأخلاق الفاضلة هو الأساس والمنطلق لإعادة الروح للإنسان فينا، ذلك الإنسان الذى يستطيع أن يُجيب بكل ثقة عن لماذا أصبحنا هكذا، ولِمَ لَمْ نستطع تحقيق غاياتنا الدنيوية والدينية، وكيف أصبحنا لا نأمل فى العيش إلا من يد غيرنا.

هل ينبغى أن نترك الإنسان يموت فينا؟ أم علينا أن نحيى هذا الإنسان قبل أن يموت كل شيء لدينا؟

سليم قلالة

الشروق ــ الجزائر

التعليقات