تداعيات إبراهيم عيسى - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تداعيات إبراهيم عيسى

نشر فى : الثلاثاء 22 فبراير 2022 - 9:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 22 فبراير 2022 - 9:00 م

لا أريد أن أناقش ما قاله، ويقوله الكاتب والإعلامى المعروف إبراهيم عيسى، فهو يتناول قضايا بعضها يتصل بالدين وتفسيراته، وبعضها يتعلق بالتاريخ ومنحنياته، وأنا لست متخصصا فى هذا أو ذاك. ولكن ما أريد أن أتوقف أمامه هو التفاعلات السياسية التى أحاطت بالجدل الذى سببته أحاديث إبراهيم عيسى، لأنه لا يُتصور أن يكون حديثه بعيدا عن السياسة، خاصة فى ظل أوضاع سياسية لم تخلص فيها مصر من الاشتباك بين السياسى والدينى. 

فى أعقاب التحول الذى حدث فى 2013م، لم يكن سهلا أن نجد قضية يتجمع حولها الخصوم. فما حدث شكل هوة واسعة بين أصحاب مشروع الدولة فى مواجهة أنصار مشروع الجماعة، وأدى الانقسام إقليميا إلى أن يصبح للتباين الداخلى امتداد أو غطاء فى المحيط الجغرافى الخارجى. فقد وجد أصحاب مشروع الدولة مؤازرة من دول شاركتهم نفس النظرة وهى السعودية والإمارات والبحرين، التى شكلت بالإضافة إلى مصر تكتلا فى مواجهة الداعمين للجماعة على مدى سنوات مثل قطر وتركيا، ولكن بعد تراجع ثقل الإخوان المسلمين على المستوى العربى، والتغير فى الإدارة الأمريكية، وظهور مستجدات إقليمية جديدة تقلص الخلاف ــ بصورة أو بأخرى ــ بين التجمعين على المستوى الإقليمى سواء فى اتفاق المصالحة بــ«العلا»، وما تلاه، وعادت العلاقات بين هذه الدول جميعا مع تباين فى مستواها من حالة لأخرى. 

الآن أحاديث إبراهيم عيسى، تخلق مساحات واسعة يلتقى عليها فرقاء سياسيون، فقد عارض وانتقد كثيرون حديثه عن «الإسراء والمعراج»، وقضايا أخرى، مثل علاء مبارك، والأزهر الشريف، وغيره من المؤسسات الإسلامية، وعدد من المثقفين والكتاب والإعلاميين المؤمنين بالدولة الوطنية، إلى جانب قطاعات من المنتمين إلى التيارات الإسلامية باختلاف دروبها ومسالكها من إخوان، وسلفيين، وأصحاب هوى دينى غير منظم، وامتد ليشمل ناسا عاديين، ممن يتفاعلون على وسائل التواصل الاجتماعى. ولم يكن السجال مصريا فقط، بل آثار ردود أفعال فى العالم العربى، عبرت عن نفسها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعى. بالطبع لم يخل إبراهيم عيسى من مؤيدين، بعضهم من أصحاب النظرة النقدية للتراث الدينى، أو دعاة المدنية، أو الذين لهم آراء رافضة للأديان، وممن يسمون القرآنيين، وغيرهم، وهو انقسام شاهدناه فى السابق فى معارك ما قبل عام 2011م، نتذكر منها «وليمة لأعشاب البحر»، ومعارك الحجاب والنقاب، والروايات المحظورة والأفلام المثيرة للجدل، الخ، مما خلق اصطفافا بين فرقاء السياسة على قاعدة الدفاع عن الدين، فى مواجهة فصائل أخرى معلمنة، أو رافضة لتدخل الشأن الدينى فى الحياة العامة. 

عندما أقلب صفحات التواصل الاجتماعى هذه الأيام، واتنقل بينها، أجد تلك المساحة من الالتقاء تتبلور بين خصوم السياسة، يتحدثون نفس اللغة، ويحملون نفس المزاج الدينى، وأكاد أزعم أنها ربما للمرة الأولى منذ سنوات نرى هذا التلاقى من ناحية، ومواجهة المختلفين معهم من ناحية أخرى. فقد أراد إبراهيم عيسى غايات من وراء حديثه، قد يكون فى رأيه إصلاح الفكر الدينى، وفى رأى خصومه البحث عن الشهرة و«التريند» من خلال الإساءة للثوابت الدينية، لكن لا نستطيع أن ننكر أنه أدى إلى تداعيات أبعد، قد تكون فاتحة لتفاعلات مغايرة فى المستقبل.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات