الباب اللى يجيلك منه الفساد (.....) - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الباب اللى يجيلك منه الفساد (.....)

نشر فى : السبت 22 أغسطس 2009 - 5:20 م | آخر تحديث : السبت 22 أغسطس 2009 - 5:20 م

 بالطبع لم يولد أحد منا من بطن السيدة والدته وهو فاسد، ولكن تتولد لدينا الرغبة كلما سهل الأمر ومهد الطريق لهذا الفساد. فمن كان فينا زاهدا فهناك احتمال ألا تزل قدمه، ومن كان غير راغب فمن المؤكد أن سهولة الأمر سوف تغريه بل وستولد لديه الرغبة، أما من كان لديه استعداد، ويملك موهبة الفساد أجارك الله عما يمكن أن يفعله، ناهيك عما يخلفه من فلول من الفاسدين على حسه.

وحتى نقرب الصورة ماذا يمكن أن نقرأ فى قصة رجل الأعمال الشهير «أبو....» صاحب شركات الغزل، والملابس، والمفروشات والذى تعد شركته من باكورة الشركات المتمتعة صادراتها بمزايا اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) التى تتيح لمن يدخل فى حصانتها التصدير إلى الولايات المتحدة الأمريكية بدون أى جمارك بعد أن يكون قد أدخل فى إنتاج هذه الصادرات مواد خاما إسرائيلية.

«أبو......» هذا لم يكتف بما تتيحه له الاتفاقية من مزايا تمكنه من التصدير بدون العائق الجمركى، ولكن تقدم إلى صندوق دعم الصادرات، الذى يدفع دعما للمصدرين عاطل على باطل، متعثر على متيسر، وطلب بدعم لصادراته وتمكن من الحصول على دعم بلغ خلال السنتين الماضيتين فقط ما يصل إلى 46 مليون جنيه. وسارت الأمور على ما يرام حتى قبل شهرين من الآن حين اكتشف القائمون على الصندوق أن «أبو......» هذا استولى على مال عام وهو «الأموال الموجودة فى الصندوق» بدون وجه حق. بعد أن غالى فى سعر الفوط التى يصدرها للخارج وضاعف من سعرها بغرض الحصول على دعم مغالى فيه، لأن الصندوق يدفع 10% دعما من قيمة السلعة المصدرة. فما كان من المسئولين بوزارة التجارة إلا أن حولوه إلى النيابة. فما كان من النيابة إلا أن حفظت القضية بعد أن أبدى «أبو......» استعداده للتصالح ودفع الأموال التى استولى عليها بدون وجه حق وهى تقترب من المليون جنيه عن صفقة واحدة. ولذلك لم يكن مستغربا أن يأتى «أبو.....» بعد أيام إلى الصندوق بدون أى استحياء ويطالب بـ5 ملايين جنيه باقى مستحقاته عن دعم كان مقررا له على صادرات أخرى ولم يكن قد صرفه.

بالله عليكم إذا كانت قوانين الصندوق لا تعاقب من تعمدوا الاستيلاء على المال العام، وثبت للمحققين أنهم استولوا بالفعل عليه، وتكتفى بحرمانهم من الدعم لمدة عام واحد. فهل يصبح غريبا أن يجرب الجميع المحاولة فإذا صابت خير وبركة، وإذا خابت لن يصبح الأمر عسيرا لأنه لن يكلفهم سوى رد الأموال التى هى ليست من حقهم أصلا.

ما أقصى ما تعاقبون به المفسدين.

والحقيقة أن ما فعله «أبو.....» فعله آخرون ممن يقرأون القوانين ويعرفون أنها تفتح باب التصالح على مصراعيه فإذا سرقت مالا عاما إما أن تفلت بجلدك، أو تقع، فإذا لا قدر الله وقعت فلا بأس سوف يعيد لك التصالح بكارة البراءة حتى قبل أن يفتضح أمرك.

ولنا فى قانون الجمارك الأسوة الأوضح وهو الذى يقضى بالتصالح مع من هرب بضائع بطرق غير مشروعة سواء إلى داخل البلاد أو إلى خارجها بدون دفع الرسوم الجمركية، والتصالح مفتوح أيضا مع الذين يقدمون فواتير مزورة، وكذلك الذين يضعون علامات كاذبة أو يقومون بإخفاء البضائع بغرض التهرب من دفع الضرائب الجمركية. كل هؤلاء يمكن أن يتصالح معهم القانون بشرط دفع تعويض يعادل مثل الرسوم التى تهرب منها، والتصالح يسرى أيضا على من حكم عليه بثبوت تهمة التهريب حتى لو كان يقضى مدة الحكم بالسجن. والأدهى أن القانون يسمح بالتصالح حتى مع من قام بالتهريب من قبل وحكم عليه بالإدانة، يعنى التصالح يمتد حتى لمعتادى التهريب.

ما أقسى ما تعاقبون به المفسدين.

أما الأسوة «المستر بييس» التى لا تضاهيها أسوة أخرى فهى قانون البنوك الذى أخرج رجال أعمال وكبار مسئولين فى البنوك من دائرة المفسدين فى القضية الأشهر (قضية نواب القروض) لمجرد أنهم سددوا الأموال التى استباحوها واستولوا عليها بالاحتيال والتى وصلت إلى 800 مليون جنيه كما جاء فى حيثيات المحكمة التى أدانتهم وحكمت على عدد منهم بالسجن 15 عاما.

وبعد كل ذلك أيبدو غريبا عندما يصبح المثل الشائع حاليا هو الباب إلى يجيلك منه الفساد جمد قلبك وادخله، وجرب حظك واسلكه، وفى أسوأ الأحوال لن تغرم شيئا، كل الحكاية ستعيد ما سرقته. ولا عزاء للممسكين على جمر الشرف.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات