رجال فى قلب الأحداث - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رجال فى قلب الأحداث

نشر فى : الخميس 22 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 22 أغسطس 2013 - 8:00 ص

فى كل أزمة خطيرة تبرز أسماء بأدائها اللافت وترد على أسماء أخرى ملاحظات أو علامات استفهام، ولا شك أنه على الصعيد الداخلى يبرز اسم الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة المصرية بحكمته وحزمه وإرادته التى لا تلين وحسن فهمه لأوراق اللعبة، وعلى الصعيد العربى لا شك أن الملك عبدالله عاهل السعودية قد فاجأ القوى الكبرى إلى تستأسد على مصر بموقفه الحازم المؤيد لها وإدانته الواضحة للتدخل فى شئون مصر الداخلية. غير أن كلا الرجلين ــ الفريق السيسى والملك عبدالله ــ قد أخذ حظه من الاهتمام، ولذلك نركز فى هذا المقال على شخصيات أخرى.

●●●

وأول هذه الشخصيات هو الدكتور محمد البرادعى الذى فاجأ الشعب المصرى باستقالته من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية يوم بدأ فض اعتصام الإخوان فى ميدانى رابعة والنهضة، وكانت حجته الأساسية فى هذه الاستقالة أن صالح الوطن لا يتحقق إلا بالتوافق الوطنى والسلام الاجتماعى الذى يتحقق من خلال إقامة الدولة المدنية وعدم الزج بالدين فى غياهب السياسة، وأرجع الفشل فى هذا الصدد إلى الجماعات التى تتخذ من الدين ستارا والتى وصلت إلى الحكم لمدة عام يعد من أسوأ الأعوام التى مرت على مصر، حيث أدت سياسات الاستحواذ والإقصاء من جانب والشحن الإعلامى من جانب آخر إلى حالة من الانقسام والاستقطاب فى صفوف الشعب، وأشار إلى أنه كان من المأمول أن تفضى «انتفاضة الشعب الكبرى» فى 30 يونيو إلى وضع حد لهذه الأوضاع إلا أننا وصلنا إلى استقطاب أشد وانقسام أكثر خطورة، وذكر البرادعى أنه كان يرى أن هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعى، وأنه كانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطنى، وانتهى إلى أنه أصبح من الصعب عليه أن يستمر فى حمل مسئولية قرارات لا يتفق معها وأنه لا يستطيع تحمل مسئولية قطرة دماء واحدة أمام الله وضميره ومواطنيه.

وقد أفضى هذا الموقف إلى وابل من الهجوم عليه، وإذا حاولنا أن نناقش الأمر بموضوعية أكثر نجد أن موقف البرادعى ترد عليه ملاحظات عديدة أولها يتعلق بالتوقيت الذى جاء متأخرا من ناحية، وفى لحظة حاسمة من ناحية أخرى، فأما عن التأثير فلأن إراقة الدماء سابقة على أحداث فض الاعتصام فلماذا لم يعبر عن موقفه السابق قبل ذلك، وأما عن لحظة الاستقالة فلأنها جاءت فى وقت قاتل بالنسبة لجهود الشرطة والقوات المسلحة ولولا الأغلبية الشعبية الساحقة التى كانت تتعجل فض الاعتصام لأحدثت استقالة د.البرادعى انقساما وارتباكا شديدين فى صفوف تلك القوات. أما الملاحظة الثانية فتتعلق بإشارته إلى أنه كان من المأمول أن تفضى «انتفاضة الشعب الكبرى» فى 30 يونيو إلى وضع حد للاستقطاب، ولا أدرى من أين جاء البرادعى بهذا الأمل فقد كانت ثورة 30 يونيو ذروة هذا الاستقطاب، والملاحظة الثالثة والأخيرة تتعلق بما ذكره أنه كانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا للتوافق الوطنى فمنذ البداية رحبت الحكومة ببقاء الإخوان فى المعترك السياسى بحيث تحدد الانتخابات وزنهم فى الخريطة السياسية المصرية المقبلة، لكن منطقهم كان إما العودة إلى أوضاع ما قبل 30 يونيو وإما العنف الذى مارسوه على نطاق واسع قبل فض الاعتصام.

●●●

والشخصية الثانية فى قلب الأحداث هى شيخ الأزهر، وقد اكتسب احتراما عاما داخل مصر وخارجها منذ ظهوره فى الحياة العامة، وهو يلفت النظر بعلمه العميق وسماحته الشديدة واستقلاله عن السلطة، وبعد ثورة يناير قاد جهودا شاقة لتحقيق التوافق الوطنى وكون «بيت العائلة» غير أن بيانا صدر باسمه فى أول أيام فض الاعتصام يركز على الحوار ويحذر من استخدام العنف وإسالة الدماء، ويؤكد أن موقف الأزهر يتمثل فى أن استخدام العنف لا يمكن أن يكون بديلا عن الحلول السياسية، ودعا جميع الأطراف لضبط النفس والاستجابة لجهود الحوار والمصالحة، وفى نهاية البيان حرص على أن يعلن أنه لم يعلم إجراءات فض الاعتصام إلا عن طريق وسائل الإعلام، وطالب بالكف عن محاولات إقحام الأزهر فى الصراع السياسى. ولا شك أن كل ما فى البيان يعبر عن مواقف سليمة، لكنها فى حالتنا مواقف فى المطلق فلا الإخوان قبلوا الحوار اللهم إلا بشروط تعجيزية، كما أن الحكومة صبرت قرابة الشهر ونصف الشهر على انتهاك سلطة الدولة وترويع مواطنيها، وأخيرا فإن مطالبة البيان بالكف عن محاولات إقحام الأزهر فى الصراع مردودة بأن الأزهر كان هو الذى يبادر بالتدخل فى الأزمات ليحاول جمع أطرافها المتخاصمين، وقد لوحظ بعد ذلك أن المواقف التالية لشيخ الأزهر كانت أفضل كثيرا بدليل إشادته بموقف السعودية ومن سار سيرها وهى مواقف شديدة الوضوح فى إدانتها للإرهاب.

●●●

وأخيرا فإننى أود أن أشير إلى الدكتور مصطفى حجازى مستشار رئيس الجمهورية للشئون الإستراتيجية، وقد برز فى قلب الأحداث من خلال المؤتمر الصحفى العالمى لرئاسة الجمهورية وأداؤه الذى يعكس منطقا واضحا فى التفكير وإلماما كاملا بالوقائع ولغته العربية السليمة وكذلك لغته الإنجليزية فضلا على إحساسه الواضح بالثقة، ويعزز هذا وجهة النظر التى عبرت عنها كثيرا بضرورة إعطاء الفرصة للشباب الذين يمكن أن يشغلوا مواقع المسئولية أو يكونوا قريبين منها بحيث يتم تدريبهم فى وقت وجيز وصولا إلى نخبة جديدة غير تلك التى تجثم على صدر الحياة السياسية المصرية منذ عقود دون أن تكون قادرة على الاتيان بأى جديد.

 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

ومدير معهد البحوث والدراسات العربية

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية