فى علاقة المواطنين بالإرهاب - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى علاقة المواطنين بالإرهاب

نشر فى : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 11:35 م | آخر تحديث : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 11:35 م
حالة من الفزع تسيطر على فئات من التونسيين خلال هذا الأسبوع، وخاصة القاطنين فى مناطق النزاع مع الإرهابيين. وهو أمر متوقع بعد حادثة قطع رأس الراعى وتكرر هجمات الإرهابيين على المدنيين من تلامذة فى المدارس وشيوخ وغيرهم. ولئن أعلنت قوات الأمن تفكيكها لعدد من الخلايا الإرهابية ومحاصرتها لعدد من العناصر الخطيرة فإن هذه النجاحات لم تخفف من مشاعر الخوف والرعب التى سادت لدى أغلب المواطنين.

والمتابع لردود فعل الناس يقف عند الملاحظات التالية المخبرة عن البنية النفسية والبنية الثقافية والبنية الذهنية.

• وجود أزمة ثقة فى السياسيين باعتبار أن جميع الحكومات المتعاقبة لم تستطع الحد من ظاهرة الإرهاب ووضع استراتيجية ناجعة لمعالجتها بالرغم من وعى التونسيين بوجود تحسن فى أداء المؤسسة الأمنية. كما أن الفاعلين السياسيين على اختلاف توجهاتهم الأيديولوجية ــ لم يثبتوا امتلاكهم لتصور وبرنامج واضح للنهوض بالمناطق المهمشة ولمعالجة أزمة البطالة وللحد من ظاهرة الفساد. ولا يمكن التغاضى عن الصراعات التى استشرت داخل حزب النداء والتى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك عدم نضج الطبقة السياسية ووعيها بأنها انتخبت لخدمة الشعب لا للتنافس على السلطة والانتفاع بالامتيازات الشخصية.

• بات الشك فى خطاب المسئولين ورواياتهم للأحداث أمرا معتادا ورد فعل متأصل. فكلما جرى حادث فسره بعضهم على أساس أنه تحويل للوجهة ومحاولة لتلهية الناس حتى لا يركزوا على المشكلات الحقيقية كالصراع داخل حزب النداء أو الاختراقات أو تجاوزات بعض الوزراء أو أداء الحكومة... بل إن عددا من القياديين باتوا يشككون فى العمليات الإرهابية ويعتبرونها مسرحية كتب أحداثها السياسيون.

• يصعب التمييز اليوم بين العمليات الإرهابية التى يقودها المتشددون المنتمون إلى الأيديولوجيا التكفيرية والجرائم التى يرتكبها البعض ولا تمت بصلة إلى الإرهاب بل هى اعتداءات على الأشخاص لسرقة ممتلكاتهم، وهو ما يخلق حالة من التشويش على أداء فرق مكافحة الإرهاب.

• لم يعد متساكنو المناطق المحاذية للجبال التى يتحصن بها الإرهابيون مكتفين بالمشاهدة بل أضحوا فاعلين بطرق مختلفة. فمنهم من يعقد صفقات تجارية مع العناصر الإرهابية فيبيعهم ما يحتاجون إليه من مواد ومنهم من يراقبهم ويخبر قوات الأمن بتحركاتهم ومنهم من قرر الالتحاق بهم ومنهم أيضا من اتخذ قرار أخذ الثأر منهم بعد أن فجع فى قريب له. وهذه الفاعلية التى فرضها السياق وإكراهات الواقع تدفعنا إلى الإقرار بأن علاقة المواطنين المنسيين بالإرهابيين أضحت تستدعى دراسة جادة من أجل صياغة خطة عملية مستعجلة لحماية المواطنين وتوعيتهم بمخاطر المغامرة الفردية.

• يسلط الإعلام، أخيرا، الأضواء على هذه الشريحة من المواطنين الذين عدوا ضحايا النظام وضحايا الإرهاب ولكن توصيف الإعلاميين لحالات الفقر والخصاصة والأمية ومعاناة الناس فى هذه المناطق النائية لا يمكن أن يحجب الحقيقة، وأن يبدى هذه المعاناة وكأنها طارئة ومستغربة. فتونس كانت منذ عهود تعيش صعوبات اقتصادية تجعل الطبقات الدنيا معرضة للمعاناة المادية والمعنوية. ولكن هذه المآسى لم تكن مرئية باعتبار أن تحكم النظام فى الإعلام حال دون نقل الحقيقة. كما أن وعى المواطن بضرورة رفع الصوت والتعبير عن المطالب وفق سقف مرتفع جعل هذه الأوضاع تبدو وكأنها وليدة السنوات الأخيرة.

إن هذه السلوكيات وردود الفعل والمواقف التى ظهرت على إثر تكرر العمليات الإرهابية تستدعى من المسئولين مزيد الاهتمام بتحسين أدائهم وطريقة تواصلهم مع الجموع بما يضمن ترسيخ ثقة المواطن فى الدولة وفى المسئول الحكومى وفى الجهاز الأمنى. كما أن حالة الهلع التى تستبد ببعض المواطنين من غير موجب تتطلب من المتخصصين الانتباه إلى تأثير العدوى والاستعداد لمواجهة الأزمات المقبلة التى ستمر بها تونس إن انتقل الصراع مع الإرهابيين من الجبال إلى الفضاء العمومى.
التعليقات