25 يناير.. من 1952 إلى 2011 - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 10:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

25 يناير.. من 1952 إلى 2011

نشر فى : الثلاثاء 24 يناير 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 24 يناير 2017 - 9:25 م
متى يهدأ المجتمع ويستقر ويستطيع بناء جسر يعظّم الشرطة المصرية التى تصدت لقوات الاحتلال البريطانى فى محافظة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952، وبين ممارسات بعض أفراد هذه الشرطة التى قادت إلى ثورة 25 يناير 2011؟!.

أحد مشاكلنا الجوهرية هى الاستقطاب والتعامل بمنطق الأبيض والأسود. وترجمة ذلك أن لدينا فريقا يؤمن بأن رجال الشرطة هم مجموعة من الشياطين مصاصى الدماء المتجردين من كل إنسانية، ويقابلهم فريق آخر يراهم مجموعة من الملائكة المحلقين بأجنحة!!. والحقيقة أنهم لا هذا ولا ذاك. هم بشر عاديون مثل أى فئة أخرى فى المجتمع، يؤثر فيهم المناخ العام والثقافة المحيطة.

ضباط وجنود الشرطة الذين تصدوا للاحتلال الإنجليزى وتمسكوا بكرامتهم وضحوا بأرواحهم دفاعا عن وطنهم فى 25 يناير 1952، بقيادة مصطفى رفعت وعبدالمسيح مرقص، لم يكونوا استثناء فى تاريخ هذا الوطن، ورأينا قبل أيام قليلة خلال هذا الأسبوع شهداء جددا من الشرطة يسقطون فى سيناء، على يد ارهابيين تجردوا من كل قيم الإنسانية.

صباح أمس حضرت الاحتفال الذى أقامته وزارة الداخلية بعيد الشرطة بحضور رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى ووزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار وكبار المسئولين والشخصيات العامة.

قبل بدء الاحتفال بقليل ظهرت على الشاشة إحصائية عن شهداء الشرطة عام 2016 فقط بصورهم وأسمائهم، حيث بلغ عددهم 152 شخصا منهم 48 جنديا و35 ضابطا و85 فردا عسكريا، أمناء وصولات وعشرة خفراء ومدنى واحد.

هذا عدد كبير وهؤلاء مع رجال الجيش هم الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن ننعم جميعا بهذا الاستقرار النسبى، سواء كنا مؤيدين للحكومة أو معارضين لها.

قصص هؤلاء الجنود والضباط الشهداء تدمى القلوب، وزملاؤهم الجرحى، وكل ضابط وجندى شرطة يؤدى عمله هم أفضل صورة للشرطة المصرية، التى يفترض أن يتم تعميمها وتكون هى الأساس.

فى المقابل فإن هناك صورة أخرى شديدة السلبية هى التى قادت إلى ثورة 25 يناير، الممارسات التى ارتكبتها مجموعة من ضباط وجنود الشرطة بحق غالبية المجتمع كانت الشرارة التى قادت لهذه الثورة. تعذيب المعارضين، وانتهاك كرامة عموم المواطنين فى أقسام الشرطة، كانت الوقود الذى كاد يحرق هذا الوطن يوم 28 يناير 2011. وعندما انهارت الشرطة فى هذا اليوم، لم تجد من يدافع عنها، ولولا ستر الله ونزول الجيش فى هذا اليوم، فربما كانت الأمور قد انفلتت ودخلنا فى دوامة سوريا والعراق واليمن وليبيا فعليا.

قد تكون هناك قوى خارجية وداخلية حاولت خطف وسرقة 25 يناير لخدمة أهداف أخرى، لكن المؤكد أن المواطنين العاديين عانوا كثيرا من ممارسات الشرطة، وبالتالى فلا يصح التحجج بأن 25 يناير 2011 كانت مؤامرة لأن ذلك قد يقود لتكرار سيناريو يوم 28 يناير.

الآن ونحن نحتفل بعيد الشرطة وثورة 25 يناير، نسأل أى صورة يمكن أن نعتمدها.. هل هى 25 يناير 1952، أم 25 يناير 2011؟!.

تقديرى أنه علينا الجمع بين مزايا التاريخين، ليس هذا إمساكا للعصا من المنتصف، بل هذا ما ينبغى أن يكون.

علينا الاحتفال وتعظيم وتكريم تضحيات الشرطة فى كل زمان ومكان خصوصا الذين يضحون بأرواحهم هذه الأيام ضد الإرهاب والبلطجة والجرائم الجنائية.

لا فارق بين شهيد يسقط فى سيناء بفعل الإرهاب وآخر يسقط فى أى قرية نائية لحفظ الأمن والاستقرار ضد المجرمين وتجار المخدرات.

وفى المقابل علينا استنكار كل ممارسات بعض أفراد الشرطة التى لا تزال تتعامل مع الناس بتعالٍ وفوقية وتنكل بالناس وتقمعهم، مثلما حدث مع بعض الأطباء فى مستشفى المطرية التعليمى، أو مع بعض المحامين فى دمياط، أو مع الصحفيين فى نقابتهم، أو مع المواطن مجدى مكين فى قسم شرطة الأميرية.

ما يجعل الصورة متوازنة هو تطبيق القانون بحسم على الجميع، وتعميم ثقافة حقوق الإنسان لدى جميع أفراد الشرطة، وأن يدرك المجتمع أن غالبية أفراد الشرطة مواطنون محترمون يؤدون دورا مهما للغاية.

فى 25 يناير نقول لكل أفراد الشرطة كل عام وأنتم بخير، ونقول لكل أفراد المجتمع كل عام وأنتم بخير بمناسبة ثورة 25 يناير 2011.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي