أوافق تماما على دعوة الدكتور محمد البرادعى لمقاطعة الانتخابات النيابية، والمقاطعة ليست فعلا سلبيا كما ستحاول أبواق الجماعة تصويرها، إنها احدى وسائل كشف النظام وحرمانه من شرعية مزيفة يسعى اليها، كما أنها ليست دعوة للانسحاب من الحياة السياسية وتجاهل الشأن العام، بل بداية لمرحلة جديدة من النضال السياسى السلمى فى مواجهة «رئيس ظل»، عجز طوال شهور سبعة أن يكون رئيسا لكل المصريين، واختار أن يبقى فى كهف جماعته، يأتمر بأمر مرشدها ويتلقى التعليمات من مكتب ارشادها، وهو ما برهن عليه مستشارو الرئيس الذين انفضوا من حوله واحدا تلو الآخر، وأخبرونا جميعا بما فيهم المحسوبون على تيار الإسلام السياسى، أنهم كانوا بلا صلاحيات، وأن التعليمات تأتى إلى الاتحادية رأسا من المقطم.
والحقيقة أن شرعية مرسى بدأت فى التآكل منذ اللحظة الأولى لولايته، فبعد دقائق من حلفه اليمين، وقسمه على احترام الدستور والقانون، أعلن عودة برلمان جماعته الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته، وتوالت سلسلة أكاذيبه وحنثه بالوعود: دستور توافقى، جمعية تأسيسية ممثلة لكافة أطياف الشعب، حكومة كفاءات وطنية، نواب للرئيس يمثلون القوى السياسية الرئيسية.. الخ، حتى وصلنا إلى إعلانه الدستورى الاستبدادى الذى اضطر إلى إلغائه تحت الضغط الشعبى، مبقيا على أحد أسوأ آثاره.. نائب عام خصوصى.
يظن مرسى أن حصوله على ٥١٪ فى انتخابات الرئاسة يعطيه الحق أن يعبث بنا كيفما شاء، وأن تتلاعب جماعته بمؤسسات الدولة، وأن يهينوا معنى الوطن والمواطنة دون أن يرف لهم جفن، متجاهلين أن عاصرى الليمون هم من منحوهم هذه الأغلبية الضئيلة، وأن الديمقراطية التى أوصلت مندوبهم إلى كرسى الرئاسة، تلزمه بالعدل بين المصريين جميعا، من انتخبوه ومن لم ينتخبوه.
فقد مرسى شرعيته السياسية والأخلاقية، ليس فقط لأنه حنث بالقسم ودهس بقدمه الدستور والقانون الذى أقسم على احترامه، وليس لأنه كذب وخالف وعوده، وإنما أيضا، لأنه فتح بابا واسعا لاستخدام العنف فى العمل السياسى، بصمته عن جرائم جماعته واعتداءاتها على المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية وغيرها، ولأنه بسياساته الخرقاء وانحيازه البغيض وسوء أداء حكومته، وتجاهله لمطالب الناس المشروعة، خلق حالة بائسة من انسداد الأفق، دفعت أعدادا متزايدة من المصريين للمطالبة بعودة العسكر لإنقاذهم من غشمه وغشومة جماعته.
لم يحقق مرسى إنجازا واحدا طوال شهور حكمه السبعة، وتفرغ تماما لتمكين جماعته وإحكام قبضتها على مفاصل الدولة، وسيواصل هو ومرشده وإخوانه حديثهم الخائب عن المؤامرة الوهمية التى تستهدف إفشالهم، دون أن يفوتهم تذكيرك أنها مؤامرة ضد الإسلام والمشروع الإسلامى، باعتبارهم مبعوثى العناية الإلهية لإنقاذ المصريين من الضلال، مع أن أقصر طريق لإفشال مرسى والجماعة هو أن تدعهم يعملون، دون حاجة لمؤامرة من أى نوع.
مقاطعة الانتخابات خطوة أولى على طريق سلمى متواصل، لانقاذ مصر من مرسى وجماعته.