همَّتنا فى سيناء - فهمي هويدي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

همَّتنا فى سيناء

نشر فى : الخميس 25 مارس 2010 - 9:33 ص | آخر تحديث : الخميس 25 مارس 2010 - 9:33 ص

 والسلطات المحلية والأجهزة الأمنية نائمة فى العسل، استولى أحد الأجانب على 800 كيلومتر فى سيناء بالتزوير. كما تملك الأجانب ألف وحدة سكنية فى قرية كورال بشرم الشيخ عن طريق التزوير أيضا. وذلك كله تم من خلال شركة مصرية تبين أنها واجهة لشركة أخرى ألمانية، استخدمت 11 محاميا لتزوير 450 حكما قضائيا، تم بمقتضاها شراء العقارات وتسجيلها وسداد قيمتها خارج البلاد. وليس هذا أسوأ ما فى الأمر، لأن الأسوأ أن ذلك كله تم لحساب مشترين وشركات إسرائيلية. وحين يكون الأمر كذلك فإنه يتجاوز بكثير حدود السياحة والاستثمار الأجنبى، ويصبح مخططا له أبعاده السياسية التى لا تخفى على أحد. وهو هاجس لا يخلو من مفارقة، لأن وسائل إعلامنا دأبت منذ اجتياز نفر من أهل غزة المحاصرين لبوابة رفح على التحذير من زحف الفلسطينيين على سيناء واستيطانهم فيها. وفى حين ظل إعلامنا يروج لهذه الفكرة، فإن الإسرائيليين كانوا يتحركون فى الخفاء لوضع أيديهم على كل ما يستطيعون الحصول عليه من عقارات وأراضٍ فى سيناء.

ليست هذه هى الحالة الأولى، لأن شبهات مماثلة أحاطت بصفقة شركة «سياج» التى اشترت 6500 متر مربع من الأراضى على حدود طابا، وتبين لاحقا أن أحد الممولين فى الصفقة هو شركة «لومير» الإسرائيلية. كما تبين أن أحد المشاركين فى اللعبة جنرال إسرائيلى سابق اسمه «أبرشة»، كان قد نشر مقالين فى الصحف الأمريكية سنتى 2000 و2002 قال فيهما إن الحكم الذى صدر لصالح مصر فى قضية طابا لا يحقق الأمن القومى لإسرائيل، وأنه ينبغى أن يعاد النظر فى الأمر لعلاج هذه «الثغرة»، وكان مما لفت الانتباه فى تسويق مشروع سياج، الذى قدم بحسبانه استثمارا سياحيا، ادعاء أصحابه أن من مميزاته قربه من مستشفى إيلات (الإسرائيلى) الذى تتوافر له إمكانات وخدمات أفضل مما لدى مستشفى شرم الشيخ.

ذلك كله تم دون علم السلطات المصرية، التى لم تكتشف عمليات التزوير أو محاولات الالتفاف والتحايل لصالح التمدد الإسرائيلى إلا بعد فوات الأوان. وهى السلطات التى ما برحت تخوفنا وهى تصيح فى وجوهنا قائلة إن أعينها مفتوحة عن آخرها ــ خصوصا عينها الحمراء ــ وإنها ترصد دبيب النمل وتسمعه فى أرجاء بر مصر.

شاءت المقادير أن ينشر تقرير تسلل الإسرائيليين واحتيالهم لشراء الأراضى فى سيناء فى وقت متزامن مع خبر آخر نشرته الصحف المصرية فى 19/3 الحالى تحدث عن زيارة وفد عسكرى أمريكى برئاسة مدير مكتب التعاون العسكرى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة لشريط الحدود القائم بين مصر وقطاع غزة. وكان الهدف من الزيارة هو تفقد المرحلة الأخيرة من الأعمال التى ينفذها الجانب المصرى لإنشاء الجدار الفولاذى. أضاف الخبر أن الوفد العسكرى الأمريكى كان مصحوبا بعدد من المسئولين المصريين، وأن ما قاموا به يعد حلقة فى سلسلة الزيارات التى تتم لتفقد الإجراءات المصرية التى تتم فى المنطقة لمنع التهريب عبر الأنفاق. وفى ذيل نفس الخبر الذى نشرته صحيفة «المصرى اليوم» إشارة إلى أن قوات الأمن المصرية ضبطت نفقين بمنطقة صلاح الدين بداخلهما 150 كيس فحم كانت فى طريقها إلى قطاع غزة.

المشهدان يغريان بالمقارنة، إذ ظلت السلطات المصرية غافلة عن عمليات بيع الأراضى والوحدات السكنية للإسرائيليين فى سيناء، رغم ما يمثله ذلك من تهديد حقيقى للأمن الوطنى المصرى. فى الوقت ذاته فإنها شمرت عن سواعدها واستنفرت لتنفيذ الخطة الإسرائيلية الأمريكية الخاصة بإقامة الجدار الفولاذى لإحكام الحصار على قطاع غزة. وتولى الأمريكيون تمويل الجدار ومتابعة مراحل إقامته من خلال مكتب التعاون العسكرى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة. وهى الفضيحة التى تسترت عليها الأبواق السياسية والإعلامية المصرية حين زعمت أن الهدف من الجدار هو صد التهديدات الفلسطينية الموجهة ضد أمن مصر. ازاء ذلك فلابد أن نحمد الله على أن يقظة قوات الأمن نجحت فى صد بعض تلك التهديدات، حين أحبطت محاولة تهريب 150 كيس فحم إلى المحاصرين بقطاع غزة، فى عز الشتاء (!!).

فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.