ليس دفاعًا عن نبيل العربى - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس دفاعًا عن نبيل العربى

نشر فى : الإثنين 25 يوليه 2011 - 8:44 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 يوليه 2011 - 8:44 ص

 يخوض الشعب السورى منذ قرابة خمسة أشهر معركة طاحنة ضد قوى الاستبداد البعثى الحاكم فى دمشق، تحولت فيها الدولة إلى أداة قمع وحشية ضد الثوار السوريين الذين يطالبون بالحرية والديمقراطية.. تطاردهم المدرعات والدبابات، وتقصف منازل المتظاهرين، وتحرق بيوتهم، وكأنها حرب ضد قوات الاحتلال.. تنتقل فيها القوات المسلحة من مدينة إلى مدينة، ومن العاصمة إلى ضواحيها.. وتطارد النازحين واللاجئين على الحدود التركية هربا من وحشية النظام وتعسف السلطة!

وقد استخدم «البعث» أساليب لا تختلف عن أساليب البلطجة التى استخدمها الحزب الوطنى المنحل فى مصر، عن طريق ما يسمى بـ«الشبيحة».. وهم جماعات من المسلحين يطوفون الميادين والشوارع التى يتجمع فيها المتظاهرون، فيطلقون النار عليهم للقتل والترويع وإشاعة جو من الرعب يسمح لقوات الجيش بالنزول إلى قلب المدن، ومحاصرة المتظاهرين ومطاردتهم.. وقد تجاوز عدد القتلى نحو 1400 قتيل من المتظاهرين ونحو 400 من الجنود ورجال الشرطة.

لا يمكن مقارنة دراما الثورة السورية التى تتوالى فصولها دون أن تهدأ، سواء تحت ضغط التهديدات «الفارغة» التى أطلقتها هيلارى كلينتون وساركوزى، ولا عن طريق الوساطة التى بذلتها تركيا لإقناع الأسد بانتهاج سياسة إصلاحية والدخول فى حوار مع المعارضة.. مع ما حققته الثورة المصرية من إنجازات فى غضون 18 يوما جرى خلالها إسقاط النظام ورموزه، حتى وإن بقيت الثورة المصرية مفتوحة على كثير من الاحتمالات التى من أجلها سقط شهداء الثورة واستمرت اعتصامات المتظاهرين تضغط بقوة لحمل العسكريين على الوفاء بوعودهم التى قطعوها على أنفسهم بالوقوف إلى جانب مطالب الشعب.

ربما يمكن القول بأن نضال الشعب السورى الذى يقف وحيدا وظهره إلى الحائط أمام آلة الديكتاتورية العمياء التى يقودها حزب البعث، أشد قسوة ودموية مما تعرض له شباب الثورة فى مصر. وإن صمود المقاومة السورية لم يترك مدينة ولا بلدة إلا وأشعلت فيها المظاهرات وارتفعت أصوات المطالبين برحيل بشار ونظامه.. وكان على الشعب السورى أن يحتمل ما فوق الطاقة، بينما يقف العالم العربى ينظر ببلاهة إلى انهيار قلعة أصيلة من قلاع العروبة.. وتضع أمريكا وإسرائىل سيناريوهات ما بعد بشار، الذى ركب رأسه ووجد من يظاهره فى إيران وحزب الله مدفوعا بتأييد طائفى من غلاة البعثيين والعلويين.

تركيا كانت هى الوحيدة التى حاولت بحكم الجوار والدور القيادى الذى تلعبه فى المنطقة أن تحض بشار على انتهاج أسلوب إصلاحى، ودعت قوى المعارضة السورية إلى عدة مؤتمرات لتوحيد مواقفها والوصول إلى توافق مع دمشق. ولكن محاولاتها باءت بالفشل.

وحيث تصاب الدول العربية بحالة شلل سياسى يعجزها عن التصرف فى مثل هذه الأزمات، فقد وجد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربى، وبغض النظر عن مشاعره الشخصية، أن دوره مثل دور الأمين العام للأمم المتحدة، أن ينقل للنظام السورى حقيقة المخاطر التى تحيط بسوريا، وما يمكن للرئيس الأسد أن يفعله أو يتخذه من خطوات إصلاحية فى ضوء التجربة المصرية.

والظاهر أن العرب يحبون أن تكون شرعية وجودهم رهنا بما تضفيه عليهم دول أجنبية. فما إن صرح العربى بأن الشرعية فى سوريا يمنحها الشعب السورى الذى اختار رئيسه، وهو الوحيد الذى يحق له أن يخلعها عنه.. حتى هاجت الدنيا وماجت، وكأنه نطق كفرا. ولكن الشعوب التى تحترم سيادتها هى التى تؤمن بهذا المبدأ. ولا يحق للأمين العام أن ينزع الشرعية عن رؤساء وملوك يمثلهم. فضلا عما يحمله كلام الأمين العام من تحريض ضمنى للسوريين على مواصلة مسيرتهم.

مشكلة النظم العربية أنها لا تستطيع ولا تريد أن تفعل شيئا. وحين أعطت الدول العربية إشارة التأىيد للغرب فى ليبيا، استخدم حلف الأطلنطى طائراته فى دك وسحق المدنيين ووضع خطط لتقسيم ليبيا. بينما وقف موقف المتفرج من مذابح البحرين ومن الحرب الأهلية فى اليمن، تماما كما يفعل مع الاحتلال الإسرائيلى. والغرب لايخفى الآن قلقه مما يجرى فى مصر. فليس من المتوقع رغم جعجعة الغرب وزيارات مسئوليه ميدان التحرير، أن يؤيد الغرب «ثورات الربيع العربى»، أو أن يتخلى بسهولة عن الأنظمة السلطوية ومصالحه التى استقرت فيها!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات