مقولة طلب التدخل الخارجى الفاسدة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 2:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مقولة طلب التدخل الخارجى الفاسدة

نشر فى : الثلاثاء 25 أغسطس 2015 - 7:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 25 أغسطس 2015 - 7:00 ص

عندما أسجل أن حكومات الغرب الأمريكى والأوروبى تتعامل بمعايير مزدوجة مع قضايا حقوق الإنسان والحريات فى مصر وكونها تقدم مصالحها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية على أحاديث الديمقراطية، فإننى أقرر واقعا ليس بالجديد ولم يبدأ خلال العامين الماضيين وتخبرنا حسابات السياسة الواقعية أن مآله الاستمرار. فقط، أحاول تمكين الحركة الديمقراطية المصرية من تجاوز أوهام انتظار «تحولات جذرية» فى سياسات الحكومات الغربية، ومن إدراك أن النضال السلمى من أجل الديمقراطية والحقوق والحريات هو أمر داخلى وشأن مجتمعى وقضية اختيار شعبى للمصريات والمصريين لن يحسمه غيرهم ولن تحدد فرصه الراهنة والمستقبلية سوى تفضيلاتهم هم.

إلا إننى أسعى أيضا عبر تسجيل ازدواجية معايير الغرب إلى تخليص الحركة الديمقراطية المصرية من مقولتين فاسدتين كثيرا ما يوظفهما زيفا خدمة السلطان والمكارثيون فى الهجوم على المدافعين عن الحقوق والحريات وفى تجريدهما الظالم من كل قيمة أخلاقية وإنسانية ووطنية.

تدعى المقولة الأولى أن الحركة الديمقراطية المصرية ترغب فى استدعاء القوى الدولية للتدخل فى شئوننا وترى فى الحكومات الغربية النصير الوحيد لمطالبتها بوقف المظالم والانتهاكات. والحقيقة هى أن المدافعين عن الحقوق والحريات يرفضون على نحو مبدئى التدخل الخارجى فى الشأن المصرى، ويفهمون على نحو قاطع التقاء أهداف التحول الديمقراطى وتداول السلطة وسيادة القانون والتنمية المستدامة مع هدف الاستقلال الوطنى والحفاظ على كيان الدولة الوطنية التى يرهقها الظلم وغياب العدل وشيوع الخوف والفساد، ويدركون على نحو عقلانى ورشيد تهافت أحاديث الحكومات الغربية عن الديمقراطية وارتباط أولوياتهم الحقيقية بالمصالح الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية ومن ثم بالحرب على الإرهاب وبمكافحة الهجرة غير الشرعية وبالاستثمارات وموزاين الصادرات (المتضخمة) والواردات (المتراجعة). يخلص تقرير ازدواجية معايير الحكومات الغربية الحركة الديمقراطية المصرية من الاتهامات الزائفة التى تلقى باتجاهها من قبل خدمة السلطان والمكارثيين وليس أبدا العكس، ويساعدها على استعادة قدر من الثقة الشعبية التى اهتزت بغعل الترويج المنتظم لإفك العمالة والخيانة وبفعل تقلبات السنوات الماضية.

أما المقولة الثانية فتذهب زيفا باتجاه ادعاء عدم حرص الحركة الديمقراطية المصرية على كيان الدولة الوطنية، وخلطها الخطير بين نظام الحكم وبين مؤسسات وأجهزة الدولة، واستخفافها بمقتضيات الدفاع عن الاستقلال الوطنى. والحقيقة، وعلى النقيض من ذلك تماما، هى أن المدافعين عن الحقوق والحريات يحفزهم الحرص على كيان الدولة الوطنية للمطالبة بإيقاف المظالم والانتهاكات واستعادة مسار تحول ديمقراطى والانتصار لكرامة المواطن ﻷن الدولة الوطنية لن تستقر إلا بالعدل وسلم المجتمع واستعادة ثقة المواطن فى جدوى مشاركته فى الشأن العام دون خوف أو قمع أو تهديد بعقاب حال التعبير الحر والسلمى عن الرأى. هنا لا تخلط الحركةالديمقراطية بين مواجهة السلطوية الجديدة وحكمها وبين مؤسسات وأجهزة الدولة الوطنية المراد الإبقاء عليها وتمكينها من التماسك والفاعلية والحيوية عبر تخليصها من استمرار التورط فى مظالم وانتهاكات وتحفيزها على قبول حقوق الإنسان وسيادة القانون وتداول السلطة لأن البديل على المدى المتوسط والطويل هو أزمات متصاعدة وإقناعها بأولوية مبادئ العدالة الانتقالية والمشاركة الشعبية على القمع والإفلات من المساءلة والمحاسبة لجهة الحفاظ على كيان الدولة الوطنية. تقرير ازدواجية معايير الحكومات الغربية والتخلص من أوهام انتظار تحولات سياسات الغرب والتأكيد على رفض تدخله فى الشئون المصرية جميعها عناصر تصب فى ذات اتجاه الحرص على كيان الدولة الوطنية التى لا استقرار لها دون سلم المجتمع وحرية المواطن.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات