حدود تأثير القبلية على البرلمان القادم - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 3:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حدود تأثير القبلية على البرلمان القادم

نشر فى : الخميس 26 فبراير 2015 - 9:40 ص | آخر تحديث : الخميس 26 فبراير 2015 - 9:40 ص

نشرت صحيفة المونيتور مقالا لريهام مقبل الباحثة بالمركز الإقليمى للدراسات السياسية والاستراتيجية يدور حول مدى تأثير الطبيعة القبلية فى مصر على شكل وتكوين البرلمان المصرى القادم، متضمنا مقابلات مع بعض المرشحين المحتملين فى مناطق تتسم بالطبيعة القبلية والخبراء المتخصصين فى الشئون القبلية. وفى البداية توضح الباحثة أنه دائما ما يدور الحديث عن دور العائلات والقبائل المصرية فى العملية السياسية إبان كل حدث انتخابى فى مصر سواء قبل ثورة 25 يناير 2011 أو فى السنوات التالية لها، حيث تحرص العائلات والقبائل خاصة فى صعيد مصر ومحافظات سيناء ومطروح على تواجد أحد أبنائها فى البرلمان. ولكن ترى الباحثة أن ثمة تغييرا قد طال هذه الظاهرة بعد ثورة 25 يناير ومع صعود التيارات الإسلامية.

وقد كان من الطبيعى أن ينعكس الاستقطاب والانقسام، الذى حدث فى مصر على القبائل والعائلات، على نحو يشابه ما حدث فى المجتمع بصفة عامة، بينما يبدو من تحركات القبائل الأخيرة جهوزيتهم لخوض الانتخابات البرلمانية بشكل منظم وموحد، وذلك من خلال المجمع الانتخابى، وهو تجمع يشكل من كبار العائلات ويجرى فيه تصويت انتخابى بين أفراد العائلة لاختيار المرشحين للانتخابات، ولكنه يظل قيد التكهنات.

***

تشير الباحثة إلى أن مصطلح العصبية القبلية يُعنى الموالاة للقبيلة العائلة وتأييدها بشكل يعكس مدى سطوة ونفوذ القبيلة، والتى كانت تخضع للنظام الحاكم أيا كانت توجهاته تحقيقا للمصالح المشتركة وأهمها الحفاظ على الأمن مقابل منحهم النفوذ، وربما تمثل الانتخابات البرلمانية فرصة لبقاء نفوذ القبيلة وتفوقها، ولكن بعد حدوث بعض الانقسامات، وهى انقسامات داخل القبائل وفى القبائل التى تقطن التجمع السكانى الواحد (القرى والنجوع)، خاصة فى الانتخابات البرلمانية لعام 2011، وقدرة جماعة الإخوان المسلمين على اختراق العائلات الصغيرة والمهمّشة، لدفع مرشحين من عائلات صغيرة ينتمون إما للإخوان المسلمين أو حتى باقى التيارات الدينية مثل حزب النور السلفى للترشيح فى الانتخابات، تسعى القبيلة للعودة من جديد والحفاظ على تماسكها، وهو ما ترى الباحثة انعكاسه من المؤتمرات التى تعقدها للتوعية بأهمية الانتخابات والإعلان عن مرشحيها، والتحالفات الانتخابية مع الأحزاب السياسية المصرية، متسائلة حول شكل التحالفات القبلية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ وهل ستسهم الانتخابات البرلمانية القادمة فى عودة نفوذ القبيلة من جديد؟.

وأجرت الباحثة لقاءات مع مرشحين للبرلمان القادم وأولهم وائل زكريا، برلمانى سابق ما بين عامى 2000 إلى عام 2010، ومرشح فى الانتخابات البرلمانية القادمة التى ستعقد يومى 22 و23 مارس 2015، وينتمى إلى قبيلة "المطاعنة"، حيث بين رغبة أهل دائرة إسنا محافظة الأقصر، فى ترشيحه للانتخابات، حيث تتوارث عائلته المقاعد البرلمانية منذ عام 1923. وأرجع زكريا السبب فى ذلك إلى حب الناس لشخصه ولعائلته وتقديمه الخدمات لأهل بلده.
وانضم زكريا إلى قائمة حزب المصريين الأحرار، وبرر ذلك بالقول: "لأنهم أصدق فى كلامهم وبرامجهم من باقى الأحزاب التى عرضت على شخصه. أمّا سبب اختيار الحزب لزكريا فهو تاريخه المشرف ونزاهته، حسب زكريا. ولكن زكريا لم يفلح فى الفوز بمقعد البرلمان السابق عام 2011. وأرجع السبب فى ذلك إلى دخوله فى قائمة باسم "حزب الحرية"، وهو مشابه لاسم جماعة الإخوان المسلمين "حزب الحرية والعدالة"، مما أربك الناخبين، وظنوا أنه مُمثل للإخوان. ويقر زكريا فى حديثه بحدوث تغيير فى مصر بعد 25 يناير، بسبب سعى الشباب إلى التغيير. وشدد فى حديثه على قدرة جماعة الإخوان المسلمين من اختراق العائلات والقبائل بعد 25 يناير، وكسب تعاطف الناخبين باسم الدين.

***

فى ظل بدء الماراثون الانتخابى، وتنافس المرشحين فى الدخول إلى قوائم، أشارت الباحثة إلى ما اعتبره الأستاذ أبو الفضل الإسناوى، الباحث المتخصص فى الصوفية وشئون القبائل بمؤسسة الأهرام المصرية، عجز القبائل عن تشكيل قوائم انتخابية بمفردها. مفسرا ذلك بالقول: "القبائل لا تستطيع تشكيل قوائم نظرا لاتساع نطاق القوائم فى قانون الانتخابات الجديدة، الذى يمتد من حدود محافظة أسوان إلى محافظة الجيزة". مشبها علاقة الأحزاب السياسية بالقبائل "بالحضن الدافئ" حيث تلجأ الأحزاب إلى العائلات للحصول على أصواتهم.
وتوضح الباحثة ما ركز عليه الإسناوى حيث التفتت الذى أصاب القبائل بعد ثورة 25 يناير، خاصة فيما أسماه "الالتزام القبلى"، أى اتفاق العائلات على مرشح بعينه، والمستمر حتى الآن. ويشرح: "العائلة لديها مستويان وهما؛ البيت الحاكم ويكون المقعد البرلمانى منه، أما المستوى الثانى وهو الخدمى، فتذهب أصواته للبيت الحاكم، مقابل تقديم الأخير خدمات لهم. واعتبر المستوى الخدمى كان الأسهل اختراقا من قبل الإخوان. ولكنه يرى أن الالتزام القبلى عاد بعد ثورة 30 يونيو، ولكن بصورة أضعف. مؤكدا قدرة القبائل فى إحداث حراك انتخابى على خلاف الأحزاب السياسية، التى مازالت تتعارك حتى الآن. وفسر ذلك بالقول: "القبائل يستعدون بفاعلية للانتخابات عبر عقد مؤتمرات".
ويعتبر أن الترشيح القبلى هو الرهان الكاسب للانتخابات القادمة. وشرح بالقول: لأن أغلبية المرشحين من الأحزاب هم من أبناء تلك القبائل والعائلات فى محافظات مصر، بالإضافة إلى أن النسبة الأكبر من المستقلين من العائلات والقبائل. وبالتالى، قد يكون التنافس فى الانتخابات المقبلة هو تنافس عائلى ــ عائلى أو قبلى ــ قبلى.
وتبرز الباحثة ما طرحه الإسناوى من تساؤل أعدّه بالهام وهو: هل الترشيحات المقبلة تقتصر على محافظات الدلتا والصعيد؟!. مجيبا بالإيجاب. غير ناف لحقيقة وجود ترابط عائلى فى محافظات القاهرة مثل منطقة مصر القديمة ومنشية ناصر، ومحافظة حلوان ومحافظة الفيوم، ولكن بدرجة أقل من الصعيد، مضيفا أن "هذا يعطى رسالة مفادها أن التنافس العائلى فى مصر لا يقتصر على الأقاليم والريف، ولكن يمتد إلى العاصمة المصرية".
وتطرق الإسناوى فى حديثه مع الباحثة إلى الترابط بين الدولة والقبائل.

والذى يتحقق من خلال وزارة الداخلية، التى تعين العمد والمشايخ مقابل المساعدة فى ضبط الحالة الأمنية. كما تسيطر العائلات على المجالس الشعبية المنتخبة وتحصل على عدد أكبر من التعيينات فى المجالس التنفيذية وأجهزة الدولة المختلفة منها القضاة والنيابة والشرطة والجيش"، حسب الإسناوى. والذى وصفه بـ"التغلغل الداخلى".
واستبعد الإسناوى نجاح القوى الثورية من داخل القبائل فى الانتخابات البرلمانية، إلا لو كانوا من أبناء العائلات الكبيرة.

***

وتلفت الباحثة النظر إلى أن الصراعات والمشكلات تتجدد بين القبائل وداخل القبيلة الواحدة أثناء فترة الانتخابات البرلمانية. وفى هذا السياق، تشير إلى حديث الشيخ أحمد الإدريسى، شيخ مشايخ الطريقة الأحمدية الإدريسية، وأحد أهم وسطاء المصالحة بين القبائل ومن بينها النوبيين والهلايل بمحافظة أسوان، عن أن دوره فى المصالحات بين القبائل يزيد من التوافق بين القبائل وداخل القبيلة نفسها واختيار أفضل المرشحين. وأضاف: "ولكن فى وقت الصراعات تزداد النزاعات بين القبائل حول اختيار المرشحين، والذى يتم فى النهاية على أساس شخصى وليس على أساس الكفاءة".

وشدد الإدريسى على وجود توافق قبلى حاليا، مستشهدا بقبيلة الجعافرة فى محافظة أسوان، حيث يوجد أكثر من ثمانية بيوت يجتمعون على مرشح واحد. والأكثر من ذلك، هناك قبائل قريبة من بعضها، تتفق على اختيار مرشح الإعادة، حسب الإدريسى.

واعتبر الإدريسى فى ختام حديثه أن القبيلة هى النواة الطبيعية لكل مجتمع والحزب الأصيل الذى لا يتفتت مهما شهد من الصراعات. ولكنه اعتبر القبائل فى الصعيد ومرسى مطروح وسيناء لا تتفتت مقارنة بالقبائل فى الدلتا والوجه البحرى.

وفى النهاية تختتم الباحثة حديثها بأن تنامى درجة الوعى السياسى للمصريين على خلفية التغيرات التى شهدتها مصر "ومازالت" وزيادة نسبة المشاركة السياسية لديهم منذ ثورة 25 يناير، أدى إلى ظهور أحزاب جديدة لم تعتمد فى ترشحاتها على تلك القبائل والعائلات، لا سيما وأن العائلات والقبائل دائما ما تكون أكثر تحمسا وتفاعلا مع الانتخاب بالنظام الفردى دعما للمرشح الذى يمثلهم.

التعليقات