الغضب الأعمى - أشرف البربرى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغضب الأعمى

نشر فى : الخميس 26 مايو 2011 - 8:18 ص | آخر تحديث : الخميس 26 مايو 2011 - 8:18 ص
عندما انطلقت شرارة الثورة المصرية بمظاهرات يوم 25 يناير الماضى اعتبرنا جميعا تلك المظاهرات «غضبا نبيلا» من جانب شعب تحمل ثلاثين عاما من الاستبداد والفقر والمعاناة دون أن تظهر له فى الأفق أى بارقة أمل فى حدوث إصلاح يغنى عن ثورة قد تكون باهظة الثمن.

ثم توالت الأيام سريعة وتحول الغضب النبيل إلى ثورة عظيمة أبهرت العالم أجمع وأطاحت بواحد من أقدم حكام العالم وأشدهم استبدادا خلال 18 يوما فقط. وجاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة لكى يضع خريطة طريق للتحول الديمقراطى تتضمن إجراء انتخابات برلمانية ثم انتخابات رئاسية وبعدهما تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد خلال شهور قليلة. وصوت الشعب على هذه الخريطة فى استفتاء شعبى على التعديلات الدستورية وأقرها بنسبة 77% فى المائة.

وكان من المفترض أن يصبح الاستفتاء وتدشين العملية الانتقالية بداية لعودة الهدوء إلى الشارع المصرى ونهاية لمزاج الغضب العام لتأخذ العملية السياسية مسارها تحت رقابة شعبية صارمة. ولكن ما حدث ويحدث هو أن مجموعات الغضب التى شاركت فى الثورة لا تستطيع التخلص من ذلك الغضب الذى يبدو فى بعض الأحيان وقد تحول من «غضب نبيل» إلى «غضب أعمى» يشكك فى كل خطوة يخطوها المجتمع إلى الأمام ويضغط كل يوم من أجل تحقيق مطالب هى بالفعل رهن التحقق.

إن الدعوة إلى «ثورة الغضب الثانية» التى يرددها البعض من أجل التظاهر غدا تنطوى على مغالطات كثيرة ومخاطر أكثر. فليس لأحد أن يطرح خريطة طريق جديدة للتحول السياسى بعد أن صوت الشعب بأغلبيته على الخريطة التى تضمنتها التعديلات الدستورية. وليس لأحد أن يتظاهر من أجل المطالبة بأحكام قضائية سابقة التجهيز ضد رموز العهد البائد لأن الثورة قامت والدماء سالت من أجل دولة يعلو فيها القانون فوق كل اعتبار. فالثورة التى اختارت منذ البداية اللجوء إلى القانون الطبيعى من أجل وضع كل رموز الفساد وراء القضبان لا يمكن أن تعود الآن لتطالب بأى إجراءات استثنائية ضدهم.

إن المطالبة بتشكيل مجلس رئاسى أو وضع دستور البلاد الجديد قبل الانتخابات أو حتى المطالبة بإجراءات قانونية استثنائية ضد رموز العهد البائد هى انقلاب صريح على «الشرعية الثورية» التى توافق عليها الأغلبية فى استفتاء 19 مارس الماضى وبمشاركة شعبية غير مسبوقة. إن الإصرار على «مليونيات الغضب الأعمى» بات يشكل خطرا حقيقيا على الثورة ويزيد من خطورته أن أصحابه ثوار لا شك فى ثوريتهم ووطنيتهم ولكنهم مازالوا أسرى «الفعل الثورى» فلا يستطيعون الانتقال منه إلى «الفعل السياسى» ليصبح الشارع خيارهم الوحيد حتى ولو كان هناك احتمال أن يكون هذا الخيار هو «خيار شمشون».

 

التعليقات